أقل من شهر بقي على المهلة التي منحتها الحكومة للمنشآت التجارية، والعمالة غير السعودية، كي تتماهى مع التعديلات الجديدة التي أقرها مجلس الوزراء مؤخراً. وفي تقديري أن قراراً كهذا بدأ يُعطي أكله من الآن، وسيعطي أكثر مستقبلاً، رغم كثير من اعتراضات المستفيدين من العمالة السائبة من التجار، والتراخي من قبل الحكومة في فرض الأنظمة والقوانين. فقد برزت كثيرٌ من الفرص التجارية التي كانت تحتكر أسواقها العمالة السائبة، وغير النظامية، وبتنظيم سوق العمل، والتضييق على العمالة السائبة، لاحت هذه الفرص لمن أراد استثمارها من أبناء الوطن، خاصة الفرص التجارية الصغيرة (Small Business)، وهذا القطاع في كل دول العالم يُعتبر من أفضل القطاعات لاستيعاب البطالة. الأنظمة الجديدة التي أقرها مجلس الوزراء قبل أشهر، تقول: (أولاً - لا يجوز - بغير إتباع القواعد والإجراءات النظامية المقررة - أن يترك صاحب العمل عامله يعمل لدى غيره, ولا يجوز للعامل أن يعمل لدى صاحب عمل آخر, كما لا يجوز لصاحب العمل توظيف عامل غيره، وتتولى وزارة العمل التفتيش على المنشآت, والتحقيق في المخالفات التي يتم ضبطها من قبل مفتشيها, ومن ثم إحالتها إلى وزارة الداخلية لتطبيق العقوبات المقررة بشأنها. ثانيا- لا يجوز لصاحب العمل أن يترك عامله يعمل لحسابه الخاص, كما لا يجوز للعامل أن يعمل لحسابه الخاص. وتتولى وزارة الداخلية ضبط وإيقاف وترحيل وإيقاع العقوبات على المخالفين من العاملين لحسابهم الخاص (العمالة السائبة) في الشوارع والميادين والمتغيبين عن العمل «الهاربين» وكذلك أصحاب العمل والمشغلين لهؤلاء والمتسترين عليهم والناقلين لهم وكل من له دور في المخالفة وتطبيق العقوبات المقررة). وهناك نظام غاية في الأهمية يُقال: إن وزارة العمل بدأت فعلاً بتطبيقه، تحت اسم (نظام حماية الأجور)، هذا النظام سيجبر أصحاب الأعمال بتسليم أجر العامل من خلال البنوك وليس نقداً؛ وهذا ما سيحمي أجر العامل، ويجعل الجهات الرقابية الحكومية قادرة على متابعة حقه في استلام أجره بشكل دوري، وعدم ظلمه من قبل الكفيل فرداً كان أو منشأة تجارية؛ كما أن العامل لن يستطيع أن يحول إلى الخارج مستقبلاً إلا ما يتقاضاه كمستحقات حسب الراتب المعتمد وتبعاته لدى وزارة العمل والمقيد لدى البنك.. وحسب المعلومات التي لدي فإن هذا النظام يحتاج لتطبيقه على جميع العاملين الأجانب في المملكة مدة لا تتجاوز السنتين، يبدأ بالشركات ذات العمالة الكبيرة، وينتهي بعُمال المنازل. وعند تطبيقه بشكل نهائي على جميع فئات العمالة في المملكة، فلن يُسمح للعامل إلا بتحويل ما يوازي راتبه المسجل لدى وزارة العمل والمعتمد لدى البنوك، الأمر الذي سيحاصر العمالة السائبة، ويَحد من قدرتها على العمل في الداخل (كتجار). ولا شك أن التنظيمات الجديدة المقرة من قبل مجلس الوزراء سيكون لها أبلغ الأثر الإيجابي ليس على مستوى محاصرة البطالة، ومنح السعودي الفرصة كاملة للاستثمار في الأعمال الصغيرة فحسب، وإنما في تجفيف منابع الإجرام والجريمة في المملكة أيضاً، غير أننا تعودنا، والأمثلة كثيرة، أن يكون هناك حملات حازمة وحاسمة في البداية، ثم لا تلبث هذه الحملات إلا أن تتراخى، وتعود الأمور إلى ما كانت عليه قبل تطبيق الأنظمة. يجب أن نضع أمام أعيننا أن ثمة حقيقة (مقلقة) تقول: إن هناك أكثر من مليوني سعودي وسعودية يعانون من البطالة وفي المقابل هناك أكثر من مليوني يد عاملة وافدة مخالفة لقوانين الإقامة في البلاد، ويؤكد كثيرون أن الرقم قد يصل إلى أكثر من ثلاثة ملايين، خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار العمالة القادمة بطريقة غير شرعية من دول الجوار. وهنا أود أن أشيد بإنجازات وتنظيمات وزير العمل المهندس عادل فقيه؛ فقد أثبت، وبالأرقام، أن ثقة خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - به في محلها؛ فالأرقام التي لا تكذب تقول: إن معدلات توظيف السعوديين والسعوديات خلال العامين الماضيين فاقت ما تم توظيفه في القطاع الخاص طوال الثلاثين سنة الأخيرة فضلاً عن إنجازاته وتنظيماته الأخرى؛ وهذا كمؤشر يكفي على نجاحه. إلى اللقاء.