تفرّد الهلال منذ نشأته إلى عهد قريب جداً، بكونه النادي الوحيد من أندية القمة الذي لا تتلخّص رمزيته في رئيس أو نجم أو حتى عضو شرف. ففي بقية الأندية نرى اسماءً لا يختلف عليها محبو هذا النادي في رمزيته وفي تلخيصها لمضمون هذا الكيان، وأن برحيلها أو ابتعادها لا بد أن تترك فراغاً لا يمكن سده مهما حاول من يخلفهم في ذلك، ففي الاتحاد نرى الأستاذ منصور البلوي كإداري ومحمد نور كلاعب، وفي الشباب يبرز اسما الأمير خالد بن سلطان والأستاذ خالد البلطان، وفي الأهلي يقف الرمز الكبير الأمير خالد بن عبد الله متسيداً رمزية قلعة الكؤوس، وفي النصر كذلك لا يختلف عشاقه على اسمي الأمير الراحل عبد الرحمن بن سعود كإداري محنّك وماجد عبد الله كلاعب. أما في الهلال فإذا ذكر الرئيس اختلف عشاقه ما بين الأمير الراحل هذلول بن عبد العزيز والمؤسس الراحل عبد الرحمن بن سعيد ومؤسس الهلال الحديث الأمير الراحل عبد الله بن سعد والرئيس الذهبي الأمير بندر بن محمد، ويجنح بعضهم إلى الأميرين محمد بن فيصل وعبد الرحمن بن مساعد مستندين على أرقامهم وفترات رئاستهم من حيث شدة التنافس والشحن الجماهيري. أما في جانب اللاعبين فيختلف محبو الزعيم في تسمية نجمهم الأوحد أو النجم الرمز بين عدة أسماء مثل صالح النعيمة ويوسف الثنيان وسامي الجابر ونواف التمياط ومحمد الدعيع من المعتزلين، ويرى البعض أن آسر القلوب محمد الشلهوب يزاحم تلك القمم الزرقاء إنجازاً وزعامةً ويرى البعض الآخر في ياسر القحطاني النجم المتكامل فنياً وإعلامياً وشعبيةً. فعلى مر تاريخ هذا النادي، كان اختفاء صفة الرمزية أمراً في غاية الإيجابية، من حيث ضمان استمرارية العمل والمنجز مهما اختلفت الأسماء، بل كان يخيّل للمتابعين أن الرئيس الهلالي في أي فترة من الزمن لا يعدو عن كونه مندوباً لمجلس هلالي كبير متوارٍ عن الأضواء اتفق أعضاؤه على اسم شخص منهم للقيام بالمهمة لفترة من الزمن ريثما يتم التجهيز لمن يحمل هذا العبء عنه في الفترة التي تليها، مطبقين قول الشاعر في وصفه لهلالهم ( بقيادة رجالٍ على قلب رجّال). هذه هي رمزية الهلال الحقيقية، مجموعة عشاق همهم رفعة ناديهم لا غير. أما في السنوات القليلة الماضية بدأت أضواء هذه الرمزية النادرة تخبو شيئاً فشيئاً، وبدأت تتلخص في شخص الأمير عبد الرحمن بن مساعد ومدير المركز الإعلامي بالنادي الأستاذ عبد الكريم الجاسر. لم نعد نسمع عن تلك الاجتماعات الخاصة، لم نعد نسمع عن قرارات هلالية مفصلية تلفها روح الجماعة. أين اختفى ذلك المجلس الأزرق المهيب؟ لم توارى أعضاؤه عن المشهد الهلالي ولو من خلف الكواليس؟ هل ابتعدوا طواعية متناسين ذلك الإرث الأزرق الذي نصّب ناديهم زعيماً على كبرى قارات العالم، أم ابتعدوا مكرهين اعتراضاً على سياسات إدارية حالية أو لقناعتهم بأنّ الإدارة الحالية قادرة على تحمل هذا العبء الثقيل وحدها؟ الهلال حالياً يعيش مرحلة مفصلية في تاريخه، ليس على مستوى الأداء والنتائج، بل على مستوى ملامح الكيان وكينونته وطابعه الفريد الذي لا يشابهه فيه غيره، وهذا التغيير لا يمكن بأي حالٍ من الأحوال أن يكون للأفضل. فمن اعتاد على نهج متفرد أوصله للقمة، لا يستطيع أن يتقمّص دور غيره ويأمل بأكثر مما يحققه غيره. فالتفتوا يا بني هلال لهلالكم، فقد اختلفت صورته في أعين محبيه فور اختلافكم فكراً ونهجاً وتواجداً. هلالكم لا يشبه غيره، فلا تجعلوا مصيره مثل غيره. بقايا.. - رمزية اللاعب الهلالي في أعين نجومه الصغار بدأت تختفي بسبب اعتزال وابتعاد من رحلوا وبسبب طيبة الخلوق جداً (حد الخجل) محمد الشلهوب وأيضاً بسبب ابتعاد القناص مستوىً وحضوراً. - (جمهور الهلال خط أحمر) كانت ديدن كل من أشرف على قيادة هذا الكيان، فما الذي اختلف يا أبا يزيد؟ أهان عليك من كنت أحدهم واستعذبت الإقلال منهم؟ كل شيء قد يصفحون عنه إلاّ استصغارهم والتهكم عليهم. - مجموعة الهلال الناشئة والتي سيعتمد عليها الفريق مستقبلاً تحتاج لتواجد النجوم القدامى بينهم في المعسكرات والتمارين أو حتى بعض اللقاءات الحبية، فهم في مخيلتهم المكانة الحلم التي يصبون لبلوغها. - ليس العيب في المحاولة مرة تلو الأخرى للوصول للهدف مهما أخفقت، ولكن المعيب أن تكرر نفس الأخطاء وتنتظر تغير النتائج عن طريق الصدفة. - لأول مرة أرى الهلاليين منقسمين ما بين راغبٍ في تخطي لخويا القطري للوصول للدور التالي وما بين داعٍ بخروجٍ للهلال لتحصل موجة التغيير التي يرجون قدومها. من أوصلهم لذلك؟ - الداهية البلجيكي قيريتس عرف من أين تؤكل كتف الهلال على أرضية الملعب، واستمر إبداعه في التصاريح المخدرة التي تلت لقاء الذهاب، فاحذروه فإنه من أهل الدار. خاتمة لسان الفتى عن عقله ترجمانه متى زلّ عقل المرء زلّ لسانه (حكمة) Twitter: @guss911