قراءة: حنان بنت عبدالعزيز آل سيف (بنت الأعشى) كتاب معالي الشيخ عبالرحمن بن إبراهيم أبوحيمد (من جماز إلى الإنجاز) كتاب في فن الترجمة للآخرين، وهو يعرض حقائق المترجم له، وسيرته وترجمته بقالب جد جذاب، تفاجئك في العنوان تلك السجعة الجميلة من (جماز إلى الإنجاز) وتأتي الترجمة لمعاليه في حلة أنيقة كتبت بفن وذوق، وقد تناول المعد سيرة المعد عنه بعناية بالغة؛ حيث عرج على مكانته العلمية والعملية والاجتماعية، بل مختلف جوانبه الحياتية، ورسم مواقفه وأهم آثاره، كما أنه عرض لأحداث حياته بتسلسل وتتابع، وكان للمترجم الأستاذ يوسف بن محمد العتيق غاية هامة من وراء هذا المؤلف، يوضحها بقوله في استهلاكه الكتاب: (سعدت كثيراً بالتنقل مع عبدالرحمن في هذه الذكريات والمذكرات والخواطر، والتي أجزم بأن القارئ سيجد فيها مادة ثرية تتجاوز الحديث عن صاحب السيرة إلى أحاديث تهم شريحة كبيرة من مواطني هذه المملكة الغالية، وتهم كل باحث عن كتب التراجم والسير للشخصيات العامة، وعلى المجال الشخصي فقد وجدت في كتابه هذه السيرة الكثير من الفائدة وثراء المعلومات عن جوانب كثيرة مهمة، ومع أن الكتابة عن الأعيان ورجال الأعمال مسلك محرج، ولن يسلم من تفسيرات مادية، إلا أن الكتابة عن معالي الشيخ عبدالرحمن لم يصاحبها لدي أي شيء من ذلك، كون الكتابة عنه هي ضمن مشروع أقوم عليه وبعض زملائي، في توثيق سير أصحاب الأيادي البيضاء من أهالي البقعة الغالية علينا إقليم سدير (محافظة المجمعة) من الأعيان ورجال الأعمال والأدباء والمثقفين، وقد سبق هذا الكتاب أكثر من إصدار ومقال صحفي في هذا المجال، كما أني أكبر لمعالي الشيخ عبدالرحمن أن أول حديث لي معه في هذه المذكرات كان حين أسعدني بزيارته في منزلي، وتحدثنا عنها، وأتفقنا على الخروج بها من الجانب التقليدي للسير إلى جانب مهم، يخدم الوطن والمواطن). وقد سلطت الترجمة الضوء على الإشارة إلى الجوانب الخفية عن المترجم له معالي الشيخ عبدالرحمن بن إبراهيم أبو حميد - يحفظه الله ويرعاه - بتوبيب وتحليل وترتيب، حيث غدت الترجمة ترجمة تاريخية جميلة، تتناول المترجم له من ألفه إلى يائه، والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة ما سر تسمية هذه السيرة بمسمى (من إنجاز إلى جماز) ويجيب المعد للترجمة على هذا السؤال بقوله: أن يخرج عبدالرحمن أبو حيمد من مسقط رأسه جماز وهو الشاب الذي لم يكمل العقد الثاني من عمره ينقصه الموجه، فينتقل عبدالرحمن من مسجل في وزارة التجارة إلى وكيل لجهاز من أهم أجهزة الدولة (الحرس الوطني) كل هذا لم يكمل الأربعين من عمره: أليس هذا إنجازاً؟ وأن يخرج عبدالرحمن من العودة وهو لا يحمل من الألقاب والصفات شيئاً ويصبح صاحب المعالي أليس هذا إنجازا؟ وأن يأتي عبدالرحمن المولود في منزل طيني، وقد كادت أن تزهق روحه في (وجار) ثم يأتي فيشرف على بناء مبان ومكتبات ومستشفيات قواعد عسكرية في شرق الوطن وغربه أليس هذا إنجازاً؟ وأن يأتي عبدالرحمن بن القرية ذات التواصل المحدود مع الآخر فيقيم العلاقات مع أعيان شرق الأرض وغربها، أليس هذا إنجازاً؟ أن يأتي عبدالرحمن بن القرية بدخله المحدود ثم يلج في عالم المال والأعمال فتكبر وتتنوع محفئته الاستثمارية ويكون في مصاف رجال الأعمال الذين يخدمون الاقتصاد الوطني في وطنهم أليس هذا إنجازاً؟ وأن يأتي عبدالرحمن بن القرية إلى الرياض وهو يساعد زميله بحل الواجبات مقابل (ساندوتش) وزجاجة مشروب غازي، ثم بعدها بسنوات يكون من أبرز المساهمين في اعمال الخير والبر، ولا يكاد سجل شرفي لجمعية خيرية أن يخلو من اسمه بشكل سنوي، أليس هذا إنجازاً، ومن خلالي تجوالي في الكتاب وجدت أن الترجمة تحلل أضواءاً تاريخية من سيرة الشيخ عبدالرحمن بن إبراهيم أبو حيمد، وتبين أثرها في البيئة التي اخرجته، ثم تعرض للعوامل المشتركة بين المترجم له وبين مجتمعه، وتحت عنوان هام فحواه (العودة في وجدان أبي أحمد) وتحت عنوان هام فحواه (العودة في وجدان أبي أحمد) يقول المعد - حفظه الله - التالي: (ومع أن عبدالرحمن غادر مسقط رأسه عودة سدير للدراسة ثم العمل في العاصمة الرياض ومن الرياض انطلق في كل الاتجاهات شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً بين رحلات دراسية وطلب علم ثم عمل وبحث عن الرزق وتوسيع مصادر الدخلن واستجمام وعلاج إلا أن عودة سدير وحبها تمكن من قلبه فلم تفارقه ولم يفارقها بالتفكير والحب الدعم الحادي والمعنوي). هذا وقد عبر المترجم له عن حبه لمسقط رأسه بقصيدة نبطية جميلة جاء فيها: يا قريتي مني عليك التحية تحية من لك على الدوم مشتاق وتحية لأهلك بذيك الثنية أهلي وخلاني مودين ورفاق يا العودة اللي ما تعرف الردية بوادي سدير اللي به النخل مرزاق بالسهل وجبالك تجود العطية لا عليها سيل من السحب حقاق الأرض خضراء والمراعي غنية فيها الشجر والعشب مزهر وبراق إلى أن يختمها بقوله: يا ديرتي عيشي بنفس رضية في ظل حكم يتبع الدين ميثاق أهلك أهل الصولات وأهل الحمية ما يقبلوا منك مجافاة وفراق وقد عرض المعد الأستاذ يوسف بن محمد العتيق - سلمه الله - إلى الترجمة بموضوعية وحيادية، مغلباً العقل على العاطفة متحرياً العدل والإنصاف، يقول: (هذا الكتاب بين يديك، وسنوات عبدالرحمن في خدمة الدين والملك والوطن بين عينيك، أدع الخيار لك لتحكم: هل ما قدمه عبدالرحمن إنجازاً أم لا؟ كاتب هذه الأسطر والكثيرون يرونه إنجازاً، إلا أن المعترض الوحيد على كلمة (الإنجاز) في العنوان هو عبدالرحمن نفسه، متمنياً ألا يتضمن العنوان أي إشادة وثناء على التجربة، بل أن يجد الإشادة من القارئ). وأخيراً: فقد اتسمت الترجمة لمعالي الشيخ عبدالرحمن بن إبراهيم أبو حيمد، بمنهجية دقيقة، وتقيد بالحقيقة التاريخية، وما لت لغة الكتاب إلى السهولة والجلاء والوضوح، وجميل كل الجمال أن يحظى تاريخ التراجم السعودية بأمثال هذه الفرائد، ومن أرخ لمؤمن كأنما أحياه. عنوان التواصل: ص. ب 54753 - الرياض 11524 - فاكس: 2177739 hanan،al [email protected]