إعداد: الأستاذ الفاضل/ يوسف بن محمد العتيق قراءة: حنان بنت عبدالعزيز آل سيف (بنت الأعشى) عبدالله بن عبدالمحسن الماضي تاريخ حي ناهض، مبدع في مجتمعه وعالمه الذي يعيش بين أكنافه، له أكثر من ترنيمة يعزف بها على سيموفنية العصامية والتجربة والكفاح والتغلب على قهر اليتم، والتمسك بأهداب الحياة، وفي وقتنا هذا فالحاجة كل الحاجة هي ماسة إلى التاريخ الحي المتحرك الذي يدب على وجه البسيطة بأم قدميه، ويقدم تجاربه وخبراته وحكاياته لخدمة وطنه، ومساعدة أبناء جيله، وفلذات مجتمعه، مع نفس حرون صافية، وابتسامة طلقة بادية. بعض الناس يحسب على الحياة فيدب على وجه البسيطة ثم ينتهي عمره فيخرج من دنياه صفراً كما دخلها صفراً، ولكن البعض يدخلون التاريخ من أوسع أبوابه، فكما قيل: التاريخ لا يصنعه إلا العظماء من الناس الذين يحفرون على لوحاته، ويرسمون على راياته صور الكفاح والنضال والصبر والتحمل، والبحث عن هذا الصنف من الرجال كالغوص في البحار لاستخراج اللؤلؤ والمرجان، والغواص الماهر هو من يبحر ويمعن في إبحاره وغوصه ليجمع الصدف الثمين، والحجر الكريم، ولعلي لا أجانب الصواب إذا قلت إن الأستاذ الفاضل: يوسف بن محمد العتيق -حفظه الله ورعاه- غواص ماهر في تبنيه لفكرة الحديث والكتابة عن أعلام بارزين، ونبهاء نابغين، وشخصيات معاصرة، وأعلام حية، وقد تكللت فكرته بالنجاح، فظهرت من جراء هذه الفكرة الميمونة مجموعة من الأجزاء، انتظمت في عقد لؤلؤي أبيض ناصع زاهٍ، ومن ميامين من أعدَّ كتباً عنهم، الأديب الفرد، المتأدب الفذ، أستاذنا حمد بن عبدالله القاضي في كتابه «فارس الثقافة والأخلاق». كما أعدَّ عن الدكتور القدير فهد السماري، والأستاذ النحرير فايز الحربي، والأستاذ المفضال عبدالرحمن أبوحيمد في كتابه السعد: «عبدالرحمن أبوحيمد من جماز إلى إنجاز»، وها نحن نبحر اليوم في الكتابة عن الشيخ عبدالله بن عبدالمحسن الماضي، والذي أسلفت عنوانه لك قبل برهة زمنية قصيرة، والشكل الهندسي للكتاب يقوم على مقدمة من المعد، ثم ترجمة ذاتية للمعد عنه، ثم أقوال معاصريه فيه، أو في فلذات أفكاره، وبنات خطراته، وأقصد بهذا النتاج الفكري الثقافي للمعد عنه، كما فعل في هذا الكتاب الذي تقع قراءته بين يديك - عزيزي القارئ الطلعة - فقد تحدث عن الشيخ عبدالله الماضي، وأقوال معاصريه فيه، ثم ثنائهم على كتابه الفرد، وسيرته الذاتية: «من ذاكرة الزمن» ثم ختم بقراءات جميلة من كتاب وكاتبات لهذا الكتاب الوسيم إضافة إلى ناحية جد هامة، جد عزيزة وهي الحوارات التي أجريت مع المعد عنهم، ولكن ما يدور في ذهني سؤال واحد، وهو: هل المعد يستوعب في هذه الكتب التعريفية كل الحوارات أم ينتقي منها؟ والذي يغلب على ظني هو جانب الاستيعاب، ودليلي على هذا هو استيعابه لكم هائل من الشخصيات المعاصرة لمن كتب عنهم، والإشارة والإشادة بكلماتهم ومقالاتهم وخواطرهم في المكتوب عنهم، والحوارات من أهم الجوانب في التعريف بالشخصيات المعاصرة، وطبيعة حال الحوارات أن بعضها يختلف عن البعض الآخر، وبعضها يطرح جوانب غفل عنها البعض، فبالتالي يتعين عليه الاستيعاب، ولكني في شوق إلى إجابة كافية شافية من الأستاذ يوسف العتيق في معشوقته التراثية الرائدة: «وراق الجزيرة» فأنا وأنت أيها القارئ في تحري وتوخي الإجابة على هذا السؤال. وعوداً على بدء أقول لك: ولد الماضي في الأرطاوية عام 1355ه، ومراحل دراسته مرت بالأطوار التالية: مدرسة الكتاب في الأرطاوية، قاضي بلدة الأرطاوية ابن السوداء، مدرسة دار الفكر الابتدائية الليلية بالرياض، المتوسطة الثانية الليلية بالرياض، النهضة الثانوية الليلية بالرياض، عدد من الدورات التدريبية داخل وخارج الوطن، وأما خبراته العملية فهي التالية: له خدمة حكومية مجموعها ما يقرب من خمسين عاماً حتى حصل على التقاعد في تاريخ 1-9-1420ه، الأشغال العامة (وزارة المالية)، جوازات الرياض، ديوان الموظفين العام، وزارة الداخلية الشؤون الإدارية والمالية، وله نشاطات تطوعية وهي: متابعة خدمات ومرافق ومشاريع مدينة حرمة لدى الجهات الحكومية المختصة، تنمية موارد، والإشراف على تنفيذ مقر النادي الفيصلي بحرمة، ومنشآته الرياضية المساهمة في متابعة أعمال واحتياجات لجنة التنمية الاجتماعية بمدينة حرمة، المشاركة في إنشاء وتأسيس صندوق أسرة آل ماضي ومتابعة أعماله منذ عام 1405ه، تنظيم جائزة التفوق العلمي لأبناء أسرة آل ماضي منذ عام 1408ه، تمويل إصدار وطباعة مجلة «رسالة الفيصلي» منذ عام 1405ه، تنظيم منتدى عبدالله الماضي الثقافي منذ عام 1402ه. وأما سبب الاحتفاء بالماضي في ملتقى الوراق الرابع فيعود لعدة أسباب وهي منتظمة في قول معد الكتاب: (إن كان احتفاؤنا في ملتقى الوراق بهذه الشخصية في بداية الأمر لجهده في المجال التراثي ونشره لمذكراته «من ذاكرة الزمن» إلا أننا لا نحصر تميز هذا الرجل في هذين الأمرين فقط، أبو عبدالمحسن متواصل مع الجميع، وله حضور ومحبة وصداقات مع كل شرائح المجتمع السعودي، ونظرة سريعة في هذا الكتاب الذي بين يديك تجد الشخصيات التي تحدثت عنه، وأثنت عليه تمثل كل شرائح وطننا الغالي. أبو عبدالمحسن ومع التقدم في السن ومراجعته الدورية لحالته الصحية إلا أن الابتسامة لا تفارق محياه، ونشاطه الاجتماعي في ازدياد ومنتداه الراقي يحمل فكراً وهماً وطنياً كبيراً، واليوم نحن نعيد طباعة هذا الكتاب ليصل إلى شريحة أكبر من القراء، بعد أن وجدت طبعته الأولى القبول من القراءة، إلا أننا مضطرين لإعادة طبعها بعد أن أضفنا إليها بعضاً مما قيل بعد هذه المناسبة التي تفخر بها، ونفخر بالرعاية الكريمة لها من قبل صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أمير منطقة الرياض، رئيس مجلس إدارة «دارة الملك عبدالعزيز»). وأما أبو عبدالمحسن كيف يراه الآخرون؟ فنحن أمام كم هائل من محبيه والمعجبين به، والمحتفين به، وحينما يكون الإنسان نابهاً في قامته، فإنه يلفت نظر اهتمام الآخرين، ويجذب أعين الناس إليه، وقد كان المحتفى به نابها في قدره ومقداره. وفي ثقافته وإبداعه وفكره، فكمل في أعين محبيه، وبالتالي دخل قلوبهم، واستأثر باحترامهم وتبجيلهم وثنائهم، مع ترك الماضي لأثر من آثاره الفكرية وهو ذكرياته الذاتية، ومذكراته الشخصية: «من ذاكرة الزمن» والتي أدرك من خلالها حرفة الكتابة، والماضي - أينع الله ثمرة حياته - هو طائر من طيور الشوق والحب والصبابة، وقد أصبح وأمسى وأضحى بهذه السمة، وتلك الصفة فملأ القلوب حباً بحب، وشوقاً بشوق، وصبابة بصبابة. لها أحاديث من ذاكراك تشغلها عن الشراب وتلهيها عن الزاد لها بوجهك نور تستضيء به ومن حديثك في أعقابها حادي إذا شكت من كلال السير أوعدها روح اللقاء فتحيا عند ميعاد وفي أقوال معاصريه ومحبيه وأخدانه وأترابه ولداته خير شاهد، وأروع مشهد على قولي هذا، يقول الدكتور النابه فهد بن عبدالله السماري أمين عام دارة الملك عبدالعزيز - عليه رحمة الله ورضاه ورضوانه - ما نصه: (سعدت بتشريفي مشاركاً في المنتدى الثقافي الاجتماعي مساء يوم السبت 22-12-1429ه، وكم كانت ليلة ندية حفلت بحوار ثقافي مفعم بالشفافية والفائدة يعكس المكانة التي حظي بها منتداكم الرائع لعلها أثرت في مجال واقع دور المؤسسات الثقافية الكبرى المأمول منها في البناء والحراك الثقافي، أمتن لكم بهذه الثقة من شخصية خدمت الوطن بكثير من الجهد المشهود، وها هي خارج إطار الوظيفة تخدمه في مسار آخر ورائع من خلال تفعيل حضور وحركة المشهد الثقافي في الحياة العامة متمنياً لمنتداكم مزيداً من التقدم والتطور في إطار أهدافه النبيلة). ويقول له الأديب الطلعة حمد بن عبدالله القاضي ما فحواه: (أيها الشيخ العزيز: إني لأحس بمحبتك - بعلم الله - منذ عرفتك والقلب على القلب دليل حين يلقاه، وهل أثمن في هذه الحياة من علاقة قوامها الصدق وسداها المحبة، أدام الله هذه المحبة التي تنشر الراحة والسعادة بين قلوب المحبين،... إنني لا أستطيع أن أكافئك على تلك الكلمات الصادقة التي نبعت من قلب محب، ولسان صادق، وليس لي قدرة إلا الدعاء بأن يعطيك ربك ما ترجو ويحميك -حفظك الله ورعاك-، هذان مثالان يمثلان حب الناس للشيخ الماضي. وللشعر نصيب من هذا الحب، يقول فيه الأستاذ الفاضل عبدالعزيز آل مسبل -رئيس تحرير مجلة العرب-: سلام يا شيخ على الطيب منظور طيبك ومنبع الطيب لك ساس لك منزل في نجد نايف ومعمور يلفي عليه الخلق من كل الأجناس بعض العرب حي لو كان مقبور والبعض ميت لو جرت فيه الأنفاس أنا أشهد إنك بالوفا صرت مشهور وإن قلتها.. مثلى ترى قالها الناس وشعري ترى وقف على كل مخبور بالطيب واللي سيرته ترفع الرأس وكم أعجبتني تلك الكلمات التقريظية الوفائية للشيخ عبدالله الماضي عقب الإهداءات الموجهة لرجالات العلم والثقافة والأدب، والأرب وهي تحوى في مكامنها نظرات نقدية مشوقة داعية لقراءة الكتاب والإبحار فيه، هذه الكوكبة من أرباب القلم جاءت لتبرز نواحي التألق الفكري، والسمو العقلي للشيخ عبدالله بن عبدالمحسن الماضي، وختاماً نقول: لله درك يا أبا عبدالمحسن. عنوان المراسلة: ص.ب 54753 الرياض 11524 فاكس 2177739