أياً كانت المبررات والأسباب والأهداف إلا إنه من غير المعقول ان تنتهي مسرحية ترشيح الدكتور حافظ المدلج بهذه النتيجة المؤسفة والمهينة لنا كبلد له ثقله وقيمته ومكانته دينيا وسياسيا واقتصاديا ومكتسباته الكروية قاريا ودوليا, ومن المخجل أن نتباهى ونتغنى بنصرنا العظيم وإثبات ولائنا بأننا صوتنا للشيخ سلمان, ومن المعيب ان نرسم خططنا ونحدد طموحاتنا وندير برامجنا وامورنا بهذه الارتجالية المتسطحة.. انا ومعي زملاء كثر لم نكن على اقتناع بفكرة ترشح المدلج لهذا المنصب, ليس تقليلا من شأنه أو لعدم جدارته وإنما لأننا ندرك سلفا انه سيكون وحيدا يقارع وينافس مترشحين شرسين سواء في شرق القارة او غربها, كما ان حكاية المرشح التوافقي لا يمكن ان يقبلها العقل ولايقرها المنطق لأسباب عديدة أهمها ان المترشحين سلمان والسركال لن يتنازلا بسهولة لخاطر الاختراع الجديد توافق, وخصوصا الشيخ سلمان الذي كان ندا قويا للقوي ابن همام في الانتخابات السابقة, اضافة الى انه أمضى سنوات من التعب والانفاق والتخطيط بحثا عن هذا المنصب, الاغرب من ذلك ان فكرة اختيار د حافظ كمترشح توافقي نحن فقط من تبناها وأعلن عنها لم نسمعها من الدول المعنية في غرب القارة, ما يعني انها في الاساس ولدت ميتة او بالاصح يستحيل تنفيذها.. بالنسبة لي كل ماتقدم في كفة وقبول د المدلج للقيام بهذه المهمة الانتحارية لسمعته وحاضره ومستقبله في كفة اخرى, لا ادري كيف استسلم وتجاوب بسهولة وبلا ضمانات ودراسة متأنية لخوض هذه المغامرة بالغة الخطورة؟ لماذا لم يكتشف ان مخططا لكونه مرشحا توافقيا قد احبط والغي تماما وبالذات من قبل الشيخ سلمان بمجرد غيابه عن اجتماع عمان, وبالتالي كان عليه ان يفهمها ويعلن انسحابه في حينه وليس قبل ساعات من عملية التصويت؟.. بقدر ما كشفت لنا هذه المعركة الانتخابية اننا مازلنا نعاني من خلل كبير في قراءة واقعنا وإدارة شؤوننا وسوء تنظيم مشاريعنا والتحضير لها جيداً مالياً وإدارياً, فإنها كذلك تتطلب من اتحاد الكرة الاستفادة منها ومعرفة أسرارها وطريقة التعامل معها, والأهم من ذلك الا ننشغل بها ونحن لا نملك الأدوات والإمكانات المطلوبة لها وعلى حساب همومنا ومشاكلنا وطموحاتنا الكروية الأهم والأصعب.. ثقافتنا عدوة نجاحنا هاهي مملكة البحرين الشقيقة التي لم تتذوق طعم كأس دورة الخليج ولا التأهل لكأس العالم ولا بطولة كأس آسيا, ولم تحقق أنديتها على مر التاريخ أي إنجاز يذكر, هاهي تتفوق على الجميع وتخطف انظار القارة والعالم بفوز مترشحها الشيخ سلمان آل خليفة بمنصب رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم, قبلها الكويت في اتحادات ولجان مهمة، وكذلك قطر أيام الفذ ابن همام وحتى الإمارات والأردن ودول آسيوية عديدة كانت ومازالت لها اسمها وحضورها في مناصب قيادية قارية ودولية, أمام هذا كله من حقنا أن نتساءل: اين اسم المملكة؟ من المسؤول عن غيابها وتهميشها؟ الإجابة تكمن في أن لدينا في ثقافتنا الرياضية إشكالية الحرب على الناجحين والنجوم والأبطال, في الدول الأخرى الخليجية وغيرها هنالك قيمة ومكانة واحترام وتقدير وتحفيز وتثمين للمتميزين أفرادا وأندية ومنتخبات, حين يحضر الوطن ينسون انتماءاتهم وخلافاتهم وألوانهم ويقفون جميعا معه ويناضلون قولاً وفعلاً من أجله, لاحظوا ذلك أثناء البطولات كيف يتحدثون عن نجومهم ومنتخباتهم وأنديتهم, بينما يتسابق البعض ويتنافسون على من يشتم ويهين ويشرشح أكثر, في قطر لم نسمع من يطالب بعزل وإبعاد ابن همام لأنه عمل وينتمي ويعلنها صريحة انه يشجع نادي الريان, ولا الشيخ أحمد الفهد المعروف بأنه عرباوي صميم, ولا الشيخ سلمان لأنه من أنصار ومنسوبي نادي الرفاع, ولا يوسف السركال الشبابي, العبرة عندهم في الكفاءة والمقدرة على تحقيق النجاح في عمله وتقديم الفائدة لوطنه, أما هنا فلا يحاسبون ويحاكمون ويقيمون الشخص على عمله ومهارته وخبراته وتأهيله وإنما بحسب ميوله, لدرجة ان سلمان القريني الذي كان سيئا ومخربا في نظر الكثير من النصراويين اثناء إشرافه على الفريق تحول بالنسبة لهم إلى داهية ومصلح ومبدع عندما أصبح مشرفا على المنتخبات الوطنية, وقس على ذلك مايحدث لمن ينتمون للهلال أو الأهلي أو الاتحاد.. عبدالله الدبل- رحمه الله- ما كان لينجح وينال ثقة الوسطين الرياضي والإعلامي إلا لأنه ينتمي ومحسوب على نادي الاتفاق, في المقابل لا تمثل ولا تعني الإنجازات والنجاحات الدولية المشهودة للأمير نواف بن محمد التي سجلت باسم الوطن في محافل كثيرة شيئا يستحق عليه الثناء والمديح والإنصاف من البعض لمجرد انه عضو شرف في نادي الهلال, لذلك ستظل رياضتنا وخاصة كرة القدم تعاني من شح الكوادر الدولية رغم ما تنتجه الأندية من خبرات وكفاءات بسبب أزمة التصنيف وإقصاء ومحاربة المتميز منهم وتجريده وتهميشه ومسح تاريخه لأنه ارتكب جريمة الانتماء للنادي الآخر.. ويالها من جريمة لا تغتفر.. أخيراً مما تقدم وللأسباب والظروف المشار إليها ولأننا صراحة نحتاج إلى تصحيح وتعديل وصياغة مرحلة متطورة لكرتنا السعودية, فالأفضل والأجدى ان يتفرغ اتحاد الكرة لهذا الأمر ولهمومنا ومشكلتنا الداخلية, وألا يهتم ولا يفكر في موضوع انتخابات 2015م إلا بعد ان ينتهي ويستكمل ترتيب وتنظيم هيكلته ولوائحه وبرامجه ومسابقاته وضبط أداء لجانه, فهذه هي الأساس ومنطلق النجاح تماماً كما تفعل اليابان وكوريا وأستراليا التي لا تركز ولا تنشغل إلا بشأنها الداخلي, وما سواه أمر شكلي وثانوي لا يستحق أي اهتمام رسمي أو شعبي أو إعلامي. [email protected]