بداية أود أن أتحدث عن ذلك الفيديو الشهير لأسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة، والذي تم نشره على نطاق واسع قبيل الانتخابات الرئاسية الأمريكية، بين الرئيس - حينها - جورج بوش الابن، والمرشح الديمقراطي، وعضو مجلس الشيوخ جون كيري، وزير الخارجية الحالي، وذلك في عام 2004، إذ كانت كل نتائج الاستطلاعات تشير إلى تقدم المرشح الديمقراطي، فقد كان الرئيس بوش الابن في أسوأ حالاته نتيجة للوضع المأساوي في العراق بعد احتلاله من جهة، والوضع الاقتصادي الذي بدأ بالتردي حينها من جهة أخرى، فما الذي حصل بعد نشر الفيديو الشهير، ومن كان المستفيد الأكبر منه؟!. بعد بث الفيديو، تبدلت الأحوال رأسًا على عقب، إذ إن ابن لادن أعاد إلى الأمريكيين ذكرى الحادي عشر من سبتمبر، وبالتالي أعاد الحياة للحديث عن خطر تنظيم القاعدة، والإرهاب، وقد كان هذا هو حجر الزاوية في حملة الرئيس بوش الابن الانتخابية!، وفي نهاية المطاف فاز الرئيس بوش بفترة رئاسية ثانية بصعوبة بالغة، وتوقف المحللون كثيرًا حينها عند توقيت بث الفيديو، وعن الخدمة الجليلة التي قدمها تنظيم القاعدة لخصمهم اللدود، الرئيس بوش، وأترك لحدسكم محاولة قراءة الأمر، فهل تظنون أن تنظيم القاعدة كان في خدمة الأمريكيين؟، أم أن ما فعله ابن لادن لا يعدو أن يكون غباءً سياسيًَّا غير محسوب العواقب؟، فالمؤكد أنه ساهم بدرجة كبيرة في فوز الرئيس بوش الإبن، العدو اللدود له، وماذا بعد؟! من محاسن الصدف أن ابن لادن ذاته كان له دور حتى بعد مماته في إعادة انتخاب الرئيس باراك أوباما لفترة رئاسية ثانية في عام 2012، فقد تم أيضا بث فيلم عن عملية اغتياله قبل عدة أيام من موعد الإنتخابات الرئاسية بين أوباما والمرشح الجمهوري ميت رومني، وتم تدشين حملة مكثفة للفيلم قبل عرضه بأسابيع، وتمكن الإعلام المحابي للديمقراطيين من تكثيف تغطية ذلك الفيلم، والحديث عنه بعد عرضه، والتأكيد على أن أوباما أسد هصور عندما تحين الساعة المناسبة لذلك، وقد ساهم ذلك في فوز أوباما بالرئاسة لفترة ثانية. هذا، على الرغم من أن اغتيال ابن لادن كان العمل العسكري البطولي الوحيد الذي قام به الرئيس أوباما، وعلى الرغم من اتهام الجمهوريين المتواصل له بالتردد، والتعامل بنعومة فائقة مع أعداء الولاياتالمتحدة التاريخيين، كروسيا، والصين، وإيران، ومرة أخرى يتوقف المتابع المحايد عند الخدمات الكبرى التي يقدمها تنظيم القاعدة لأعدائه!، وذلك منذ أحداث سبتمبر ذاتها في عام 2001، وليس انتهاء بالظهور المتكرر، والمفاجئ لزعيم التنظيم!، ولغيره من الزعامات منذ ذلك الحين، فهل نتفكر؟!. [email protected] تويتر @alfarraj2