طبقاً لصحيفة «لوباريزيان» الفرنسية تبّرع نجم الكرة الإنجليزية المخضرم ديفيد بيكهام برواتبه الستة -أي ما يقارب 500 إلف يورو- بعد تعاقده مع نادي «باريس سان جيرمان» الفرنسي لمدة ستة أشهر، دعماً للأعمال الخيرية, وأعلن ذلك في أول مؤتمر صحفي له مع ناديه الجديد، وهو بالمناسبة من أكثر الصفقات الرياضية جذباً للإعلام في تاريخ النادي الفرنسي, كما أن النجم العاجي الشهير (ديديه دروغبا).. صاحب الرقم القياسي في عدد أهدافه مع ناديه الإنجليزي السابق (تشلسي), والذي بلغ معه ذروة تألقه في موسمه الأخير قبل أن ينتقل في الموسم الفائت للدوري الصيني وتعاقده مع نادي شنغهاي.. سئل في أول مؤتمر صحفي عقد للمهاجم الأسمر عن أسباب انتقاله من الدوري الإنجليزي إلى الدوري الصيني.. فقال «إن انتقاله إلى فريق شنغهاي الصيني من أجل التحدي, ومن أجل الطموح المشروع للنادي والنهوض بكرة القدم في الصين, ولم ينتقل من أجل المال.. فهو يملك المال الكثير وأغلبه يذهب إلى مشروعاته الخيرية.. على حد زعمه, والعبارة الأخيرة بصراحة جعلت بوصلة (فضولي) تتحرك باتجاهات البحث عن مشروعاته الخيرية.. فهذا المهاجم الآيفواري الكبير ببعده الإنساني ووعيه المجتمعي ويقضه ضميره.. قام ببناء مستشفى في مدينة أبيدجان تصل تكاليفها 3 ملايين حنيه إسترليني, كما خصص كافة عائداته من الإعلانات لدعم مؤسسته الخيرية منطلقاً من مسؤوليته الاجتماعية وخدمة مجتمعه.. وهو نموذج بين نماذج عديدة لنجوم منحت قسطاً كبيراً من أموالها في صورة مشروعات خيرية.., (فصمويل إيتو) نجم البارشا -سابقاً- في زحمة الشهرة والمجد الكروي والمال الوفير لم ينس بلده الكاميرون.. فانطلق وعلى مطية مسؤوليته الاجتماعية ومفهومها الأخلاقي النبيل.. فأنشأ مؤسسة خيرية تعني بمساعدة الأطفال المحتاجين ودعم الفقر في موطنه, أيضاً نجم غانا العملاق (مايكل إيسيان) إنشاء جمعية خيرية هدفها جمع تبرعات الأغنياء لمساعدة فقراء أكرا.. هكذا نسمع ونقرأ عن نجوم عالميين أفارقه وغيرهم.. تهرول في مضمار العمل الخيري بمفهوم وثقافة المسؤولية الاجتماعية بكل لياقة تفاعلية وروح عطائية وثابة, تدعم الأعمال التطوعية والمشروعات الخيرية ضمن الإطار الرياضي والاجتماعي, والاستشعار الأخلاقي بهذا المفهوم الإنساني النبيل. والأكيد أن المجال الرياضي في مجتمعنا الفتي تحديداً يعد مجالاً خصباً وبيئة ملائمة لكثير من الأعمال التطوعية والاجتماعية والتكافلية.. بسبب تنوع الأفكار والنشاطات والفعاليات والبرامج والتي من الممكن تبنيها باعتبار أن الفئة المهتمة بالشأن الرياضي تشكل نسبة عالية, أي أن 65% من تركيبة المجتمع السعودي الديموغرافية (السكانية) هم من فئة الشباب, مادون سن الثلاثين, وهو ما يشّجع الأفراد والأندية على المشاركة بوعي في تلك الاتجاهات التكافلية والنشاطات التكاملية بما يحقق الأهداف السامية والغايات النبيلة للمسؤولية الاجتماعية وتعميق مفهومها, غير أن ثقافة الأعمال الخيرية والمبادرات التطوعية.. حتى الآن لم تتبلور بالشكل المأمول, فمازالت شبه مغيبة في مجتمعنا الرياضي لغياب الحس الإنساني والوعي المجتمعي سواء على صعيد اللاعبين أو حتى أنديتهم إلا النزر القليل.. وحتى تتسع دائرة هذه الثقافة المجتمعية (المعطلة).. ينبغي أن تتضافر الجهود من عدة جهات مثل رعاية الشباب والمؤسسات الاجتماعية والأندية الرياضية والمؤسسات التعليمية والقطاع الخاص وعمل شراكة وطنية اجتماعية تنطلق من النقاط التالية: أولاً: أن تبادر المؤسسات والجمعيات الخيرية بالتواصل مع الأندية الرياضية واللاعبين ذوي الشهرة العالية، لنشر ثقافة العمل الخيري والنشاط التطوعي لدى الشباب وحثهم على المساهمة الفاعلة في هذا الاتجاه النبيل. ثانياً: أن تقوم إدارات الأندية الرياضية بإنشاء إدارة تهتم بالمسؤولية الاجتماعية مثلما فعل ناديا الهلال والشباب, وتفعيل الجانب الخيري والاجتماعي للنادي بشكل أكبر. ثالثاً: تحفيز اللاعبين ومسؤولي الأندية على القيام بالمشاركة الواعية ودعم النشاطات التكافلية وخدمة المجتمع وذلك بتخصيص جائزة وطنية للمسؤولية الاجتماعية في الشأن الرياضي تتنباها المؤسسة الرياضية. ورابعاً: تبني فكرة إنشاء كراسي بحثية تهتم بمفهوم المسؤولية الاجتماعية في المجال الرياضي بالتعاون بين المؤسسات التعليمية الأكاديمية ومؤسسات القطاع الخاص. خامساً: ينبغي تنفيذ ورش عمل أو ندوات أو ملتقيات علمية على مدار العام بهدف تأصيل وتفصيل العمل التطوعي والاجتماعي وتكريس مفهوم المسؤولية الاجتماعية ونشرها بوعي لتصبح سلوكاً إيجابياً معتاداً. وأخيراً يبقى الدور (الأهم ) في قيام وسائل (الإعلام الرياضي) المختلفة واتجاهاتها المؤثرة بالنهوض بقالب التنوير الفكري ونشر ثقافة العمل التطوعي والنشاطات التكافلية, والاهتمام بتفعل وتعميق مفهوم المسؤولية الأخلاقية في مجتمعنا الرياضي.. فربما نشاهد نجومنا يهرولون في مضمار العمل بثقافة المسؤولية الاجتماعية بعد صياغتها وبلورتها بشكل كامل.. مثلما هرول بيكهام وميسي ودروغبا وإيتو وبقية نجوم العالم الكبار بحّسهم الإنساني ووعيهم المجتمعي وعمقهم الوطني. Twitter@kaldous1