كانت مقالة الأمس تحت عنوان « هل».. مجرد حصا في دائرة الماء التي يغطس فيها فكر المجتمع مؤخرا.. ربما ليغتسل من تراكماته بحسنها وسيئها..، وربما للتطهر مما يحسب أنه يلونه بما لا يرغب من عادات وتقاليد سائدة..، وربما لأن الجميع تراكضوا، ويفعلون على هذا الماء ليتغيروا..!! و»هل» اليوم تُرمى من هنا في مياه الآباء أنفسهم..، من منطلقٍ ربانيٍ لا بشري تعتوره نسبُ القبول ِ له من البشر أنفسهم، ورفضه، لأن ما يقول الخالق على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم, هو هدي, وتشريع، لا يجب أن يغيره المخلوق، انطلاقا من وجوب قيمية الطاعة، والامتثال، والاتخاذ, والانقياد.. فالآباء أولياء، والنظام الإلهي يقول لهم: «كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته»، إذن فالمسؤولية تنظيم هرمي، لا مداخلة فيه للأدوار حين تؤخذ هذه الأدوار بمهامها.., لتسير من ثمَّ الحياة بنظام دقيق واضح، في ضوء هذا النظام مقياس، ومسطرة، وخطوط.. من هنا يأتي السؤال: هل الآباء جميعهم نابهون في شأن ولايتهم..؟, قائمون بدور رعايتهم على الوجه الذي لا يحوِّل مفهوم التطور، والحرية، ومساحات الحقوق الشخصية، ولا الرغبة في الاندماج مع حركة التحديث العامة إلى انفلات لا مسؤول، وإلى ابتذال لمفاهيم التغيير الإيجابي، وقيم الحرية الواعية، وحدود المعقول لا التفريط..؟ بحيث لا نرى جيلا منفصلا عن بيئته، مشكلا لبيئات عازلة بين قيمية أقرها منطق الهدي، وبين غثاء حل برماحه، ورياحه..؟! ذلك المنطق النقي الذي لا يخالف طبيعة الحياة..، ولا تشذ الحياة به عند ممارسته سلوكا، بل فكرا موجها للسلوك..؟ إذن هل الآباء الرعاة يرافقون بناتهم في الأسواق..؟ في المطاعم..، بل يشاهدون أرديتهن، وألوانهن فيها..؟ وهل يتابعون مسارات أبنائهم خارج أبواب البيوت..؟ ومنهم تحديدا الفئات العمرية المقتبلة،تلك المتعارف على أنها في فترات التكوين لكل شيء في الإنسان فيهم..؟ «هل» أخبروهم، بل علموهم، بل دربوهم على أن وجوها أخرى للتطور، وللحرية الشخصية,وللتحديث, وللتخلص من شوائب العادات،وخطأ الممارسات, لا تعني الابتذال، والبهرجة, والتفريط، وانتهاك الحدود, والقفز على آداب الحشمة، والحياء، ووقار المظهر، وقيم المخبر..؟؟ إن جواب «هل»، سيبقى قائما على قدميه، إلى أن يأخذ هؤلاء الرعاة أنفسهم، ويتجولون في المجمعات التجارية الكبرى، والفخمة، وحيث تركض دواليب عربات أبنائهم، وبناتهم ليتأكدوا من كثير تفريط في دورهم المسؤول, ليس أمام أنفسهم، والبشر أمثالهم فقط, بل أمام خالقهم الذي خلقهم لرسالة، لا ينبغي تجاهلها..، ولا ينبغي أن تطمسَ حروفَها دوائرُ الماء التي ينغمسون فيها..! اللهم اشهد.. عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855