في جريدة الجزيرة زرعت أول شتلة لحروفي فكانت الساقية الراعية ومن خلالها ارتبطت مع الحرف وعشقته وأدركت قيمته وأهميته وتأثيره. بيني وبين الجزيرة علاقة حب ووفاء..إن غبت عنها أعادني الحنين لها وإن تلبسني الصمت مدت يدها لتنتزعني من صمتي. اليوم أعود لذات العشق لأمارس الركض في ذات المكان الذي أحببته وألفته. جميل أن تكون القصيدة انعكاسا أمينا وشفافا لذات الشاعر ترصد رؤاه وتطلعاته وأحلامه وخيالاته وتصوراته. والأجمل كونها سحابة معبأة بمطر الشاعر الخاص موشومة ببرقه ورعده واعدة بربيع مختلف جاء نتيجة حتمية لمطر خاص ومختلف هو الآخر. الذين يستدعون ذواكرهم أثناء كتابة القصيدة ويستحضرون قصائد الآخرين أثناء الحالة الكتابية تأتي قصائدهم في الغالب خالية من الكد الذهني والإقناع الفني الذي يستقر في أعماق وجدان الذائقة ليمكث طويلا حيث الخلود. أقف على أطراف أصابعي احتراما لكل شاعر تأتي قصيدته مضمخة بدم قلبه أسمع من خلالها نبضه وتلاحق أنفاسه وتساقط حبات العرق من جبينه . .القصيدة ذكية جدا وشرسة وعنيدة تعطيك بقدر ماتعطيها وتتخلى عنك متى شعرت بأن اهتمامك بها أقل من طموحها وأدنى من تطلعها وجنونها..! كن (أنت) أثناء كتابة القصيدة بكل إتلافك وتناقضك وتمدد فيها بقدر مساحة حلمك وشكلها بأدواتك ولونها بخيالك واركض في مضاميرها واكتشف مجاهيلها لوحدك حينها سيهتف الناس..هذه قصيدة فلان لاشك في ذلك..وقتها ستصبح قيمة تضيق مساحة الخلاف حولها وإن اتسعت دائرة الاختلاف ! في شعرنا الشعبي المعاصر يذوب الكثير من المكرور ويتبخر كم كبير من المتشابه ولايبقى إلا الشعر الحق الذي تتلاحق في أبياته أنفاس الشاعر وتظهر فيه جليا خيالاته وصوره وتجد فيه الذائقة مالا تجد في غيره تعود إليه متى حاولت الابتعاد عنه وتحن له متى مافقدته. خطوة اخيرة : إحساس بالغربة ورعشة بالأطراف اشياء تغيب وتولد اشياء جديدة وجميع ماحولك اخذ شكل الأطياف وللذاكرة ترجع مواقف بعيدة وتصير وانت إنسان مرهف وشفاف الكون كله يجتمع داخل إيده حالة غريبة ماتوصف وتنشاف والوانها وأثارها بالقصيدة [email protected]