أستميحكم العذر ببدء مقالي الأسبوعي ببعض عناوين قصاصات صحف جمعتها من إحدى الصحف السعودية ليومي الأحد والاثنين من هذا الأسبوع: «مصرع أسرة قادمة للشرقية.. ومؤذن في حادث»، «الزوج والزوجة والأطفال ماتوا في الحال وجمال أصبح يتيماً»، «حادث غريب في حفر الباطن.. وسيارة تقتل خمسينياً في الأحساء»، «انقلاب يقتل ويصيب 3 أشخاص»، «وفاة وإصابة 15 في حادث مروري على طريق الرياض - الدمام السريع»، «إصابة 2 بحادث مروري في الدمام»، «تصادم يقتل عروساً و 5 من أفراد عائلتها في طريق الموت»، «4 وفيات و 11 إصابة بينهم 5 معلمات»، «وفاة عامل في الدمام»، «وفاة 6 معتمرين.. وإصابة 44 بالقويعية»، «حادث تصادم لثلاث مركبات أدى إلى وفاة ستة.. وإصابة 17 في طريق الدمام - الرياض السريع»... إلخ. هذه الأخبار من صحيفة واحدة في يومين فقط، ولو نقلت لكم جميع أخبار حوادث السيارات التي تحدث يومياً في جميع مناطق وطرق المملكة لكان هذا العمود غير كافٍ لتغطيتها!!! والسؤال الذي أبحث عن إجابة شافية له ومع الأسف الشديد لم أجدها: إلى متى ونحن لا نُعير هذا الإرهاب الجديد أي اهتمام؟ وإلى متى ونحن نشاهد مئات الأرواح تُزهق يومياً في طرقنا التي نصفها خطأً بالسريعة وهي - مع الأسف - طرق غير آمنة؟ وإلى متى ونحن نسمح لهؤلاء المتهورين يصولون ويجولون في طرقنا ويحصدون مئات الأرواح وييتمون عشرات الأسر ويعبثون بالممتلكات بلا رقيب ولا عقاب؟ تشير بعض الدراسات لهذه الظاهرة المحزنة إلى أن السرعة والتهور هما العامل الرئيس للغالبية العظمى من الحوادث، ولكنها تتناسى مع الأسف الشديد عوامل أخرى قد تكون من العوامل الرئيسة المسببة للحوادث في طرقنا البرية وارتفاع الوفيات، كمبدأ الأمان والسلامة في تصميم الطرق البرية، والبطء في إسعاف المصابين، وضعف ثقافة السلامة في المجتمع السعودي، وعدم وجود القُدوة التي تطبق مبدأ السلامة، فنجد مثلاً بعض المسؤولين عن تطبيق قوانين المرور، لا يربطون حزام الأمان ويستخدمون الجوال أثناء القيادة، وهم لا يعرفون أن هناك من يشاهدهم من الشباب ويتأثر بهم. وبالرغم من بعض الحلول التي طرحت على الساحة في الأعوام الماضية للحد من السرعة والتقليل من الحوادث، يجب علينا الاعتراف أن جميع هذه الحلول لم تُطبق بالشكل الصحيح، ولم تعط ثمارها المرجوة منها.. فمثلاً برنامج ساهر أصبح يُركز على الإشارات الضوئية داخل المدن، بدلاً من الطرق البرية التي تحصد الأرواح.. كما أن وجود ساهر في الطرق البرية شبه معدوم، وإن وجد فهو لا يُغير من مكانه ليصبح عديم الفائدة لأن المتهورين تجدهم يُغيرون من سلوكهم خلال المرور أمام ساهر.. بل إننا نجد مع الأسف الشديد بعض التصرفات الخاطئة من قِبل السيارات القادمة في الاتجاه المعاكس باستخدام كابس الضوء لتحذير السائقين بوجود ساهر، فكأنهم يقولون لكل متهور: خفف السرعة إلى أن تتعدى سيارة ساهر، ومن ثم تستطيع السرعة مجدداً لتقتل إنساناً وتُيتم طفلاً!!! بالإضافة إلى أهمية التطبيق الصحيح لهذه الحلول، هناك بعض المُقترحات التي أتمنى أن تجد آذاناً صاغية ممن بيده القرار: 1 - إرغام جميع السيارات المستوردة ابتداءً من 2014م بعداد سرعة لا يزيد عن 120 كم - ساعة. 2 - إرغام جميع السيارات المستوردة ابتداءً من 2014م بوجود بلوتوث للجوال للحد من الاستخدام اليدوي للجوال. 3 - تفعيل لجنة خاصة من قِبل وزارة الطرق والإدارات الحكومية ذات العلاقة بمراجعة عوامل السلامة في حميع الطرق البرية الرئيسة في المملكة - ابتداءً بأكثرها حصْداً للأرواح - وتصليح جميع مخالفات السلامة فيها بشكل فوري.. كذلك تفعيل لجنة أخرى من قِبل وزارة الصحة والإدارات الحكومية ذات العلاقة بتحسين برنامج الإسعاف على طرق المملكة البرية وافتتاح مراكز إسعاف وإنقاذ متخصصة بالحوادث على طول هذه الطرق وتفعيل الإسعاف الطائر.. فكل ما سوف يتم صرفه على تصليح أوضاع الطرق وتحسين عملية الإنقاذ لا يُقارن بما يكلفه هذا الإرهاب الجديد من مئات البلايين من الريالات سنوياً. 4 - إنشاء جمعيات تطوعية للسلامة لنشر ثقافة السلامة في مناطق المملكة، والتنسيق مع وزارة التربية والتعليم لإدخال مبدأ السلامة في مناهج الدراسة، خصوصاً في المرحلة المتوسطة والثانوية. 5 - إعادة هيكلة نظام إصدار الرخص الحالي الذي - مع الأسف - يُركز على طريقة الإيقاف الطولي للسيارة ويتجاهل أصول ومبادىء السلامة أثناء القيادة. 6 - نشر الدوريات وسيارات المرور في طرق المملكة وتشديد العقوبات على المتهورين وعدم الاتكال على ساهر. اللهم احفظنا بحفظك، واكلأنا برعايتك، واحرسنا بعينك التي لا تنام. www.saudienergy.net Twitter: @neaimsa