قضية الانضباط تحتاج إلى معالجة، فما حدث الأسبوع الماضي والذي قبله تغيب طلاب التعليم العام والتعليم الجامعي قبل الإجازة بأسبوع، ويتوقع هذا الأسبوع أن يحدث التسيب نفسه الذي تم خلال الأسبوع الذي سبق الإجازة، أي أن هناك تسيباً خلال 21 يوماً من أسابيع الدراسة والمقررة في كل فصل دراسي ما بين 16-18 أسبوع، ويدخل ضمن ذلك الاختبارات الفصلية والاختبارات القصيرة، وهذا هدر للوقت والتحصيل ورسالة مسكوت عنها، ومضمونها: أن التسيب سلوك وأسلوب حياة المملكة العربية السعودية. هذا الجيل سينتقل من مقاعد الدراسة وقاعات الجامعة إلى العمل والوظائف والحياة المهنية، وهو قد تربى على التسيب وعدم الانضباط والغياب، والحضور المتأخر في بدلية الدوام. من مهام التعليم ومن سلوكيات التربية التعود على الانضباط والجدية والتنافسية. لكننا في هذا السلوك نقدم رسالة خاطئة لأبنائنا وسط أجواء التراخي في التربية وعدم الجدية. هذا الجيل سيتنافس مع أجيال الشعوب الأخرى المحيطة بنا، كما أنه سينتقل إلى التعليم في الجامعات الأوروبية والأمريكية، ومطلوب منه المنافسة والجدية. ووزارة التربية والتعليم والجامعات لم تعالج هذه المشكلة وبخاصة التعليم العام الذي لا يعير أي اهتمام في الغياب وبخاصة المرحلة الثانوية انطلاقاً من أن الشهادة الثانوية لا يحتسب منها في القبول سوى 30 بالمائة في حين أن اختبارات القدرات والتحصيلي تشكل 70 بالمائة، وكأن مرحلة الثانوية هي إعداد وتهيئة لاختبارات القياس. وأيضاً المرحلة الجامعية إلى جانب الإجازات الرسمية هناك أسابيع ضائعة قد تصل إلى ثلاثة أسابيع من بداية العام وهي التسجيل والقبول والحذف والإضافة من أصل 18 أسبوعاً يضاف لها أسبوعي الاختبارات وأسبوع المراجعة. إذن أين المقرر الدراسي والتحصيل العلمي؟! قضية الانضباط ليست قضية تعليمية فقط بل تمس جميع أجهزة الدولة، والسلبية التي يتلقاها الطالب في التعليم العام والجامعي ستنتقل معه إلى مجال العمل، وهذا ما نلاحظه في معظم الدوائر الحكومية، ويظهر ذلك واضحاً في الجهات ذات العلاقة الجماهيرية، والجهات التي لها ارتباط بالإنجاز اليومي. وسجلنا طويل في ضياع المعاملات والأخطاء الكارثية الطبية في المستشفيات، والتأخير في تنفيذ المشاريع وما ينعكس عليه من تعثر المشاريع وفشلها. لذا يحتاج الأمر تدخل الجهات التشريعية والتخطيطية والتنفيذية لمعالجة قضية الانضباط التي بدت تنتشر وتتوسع وتنتقل من المدارس إلى أجهزة الدولة. الإرهاصات المبكرة لهذه القضية هي العبارة الدارجة والتي ما زالت: (راجعنا بكرا). أهملناها طوال هذه السنوات فكانت النتيجة جيلاً غير منضبط وتسيباً في المدارس والوظائف.