لا تزال تصك مسامعي عربات العابثين.. ليلي المنهك سهراً يشد إزاره، يرتدي قبعته, يكتسي حذاءه، ويهرول من النافذة.. قلت لهم مراراً: أغلقوا عنهم الطريق.. ذات يوم لن يبقى لليل ولا للنهار فم يتبسم.. «الكلب الأسود» الذي هيمن على منافذ ذلك الرجل، رافقه، وتغذى به، التهم فكره، ووقته.. شاركه حسه، ونفسه.. لوَّن حياته بلونه، وأغلق عليه الأبواب، والنوافذ، والمنافذ.. سيكون ضيفي.. سيحل في أركاني كلها.. سيلتهم ليلي, ونهاري.. كلبي الأسود هو صوت احتكاك عجلاتهم تصك مسامعي.. ومسامع الذين حولي.. عصفور الروح النائم جوار حجرتي يفيق مرتعباً كل ليلة.. احتكاك عجلات العربات التي يعبثون بها توقظه.. عبثهم لا يتراخى ولا يتلاشى..! عصفورنا الصغير البريء يبكي.. ليله تختصره دبكة «المفحطين».. فيرتبك الليل في حضورنا.. ولا نعد معه قادرين على ترتيب النوم فيه في خانات عيوننا.. ولا منازله في رؤوسنا.. ثقيلة تتمدد فوق أكتافنا كل صباح.. هذه الرؤوس.. تتفشى كما البالونات.. تصطك بالجدار.. تنصفع بالأبواب.. وثمة آباء يغطون في النوم.. وأبناؤهم سادرون يسرقون الليل في منازل غيرهم.. حتى في الأحياء الجميلة..! قلت لهم: إن الليل والنهار لا يفترقان هنا.. وثمة ما يهيئ للكلاب السود أن تنزل في حظائر رؤوسنا.. *** (للإيضاح: رمز «الكلب الأسود» يعود للاكتئاب، يمكن العودة إليه في برنامج «اليوتيوب» تحت عنوان «كان لدي كلب أسود»..). عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855