يمدح المنطق عند العرب بالفصاحة والبيان فيقال لسان فصيح ومنطق فصيح إذا كان خالياً من عيوب النطق، ومن عيوب النطق اللحن في الإعراب، واللحن في لغة العرب يأتي على معانٍ متعددة، ومنها: الخطأ في الإعراب ومخالفة وجه الصواب، في النحو في حركات الإعراب أو البناء، قال أبو الحسن الهنائي (ت:310ه) «واللحن فساد الكلام»، وقال عبدالوهاب القرطبي (ت:361ه): «واللحن الخطأ ومخالفة الصواب، وبه سمي الذي يأتي بالقراءة على ضد الإعراب لحاناً». وكان أهل العلم يؤكدون على أن يتعلم الطالب من النحو واللغة ما يتخلص به من شين الكلام ولما أهمل هذا وقع اللحن في الإعراب وشاع وانتشر ترى هذا ظاهراً في الخطابة والوعظ والكتابة وإلقاء الكلمات المكتوبة أو المرتجلة في المناسبات والمحافل ومجامع الناس، حتى أصبح بعض الناس يخطئ في أسهل مسائل الإعراب ولا يكترث لذلك، والخطيب يخطب في مئات المصلين ولا يعتني بصحة الإعراب.. وهكذا كثرت الأخطاء النحوية في لسان المتحدثين. لقد كان الأولون يعرفون العربية وسلامة النطق بها حق المعرفة، فلم يكونوا محتاجين إلى ضبط ألفاظها لمعرفتهم بإعرابها وفهمهم لمعناها، ويعرفون دلالة الكلمة على المعنى من حيث سياقها في اللفظ فمثلاً كلمة «العنان» بفتح العين هي غيرها بكسرها، وكذلك «اللبس» بضم اللام هي غيرها بفتحها، فاستعمال مثل هذه الكلمات في غير مكانها الصحيح حاصل عند بعض الناس إما جهلاً بأصول اللغة وصرفها ودلالتها وتركيبها، أو تساهلاً دون بذل أي جهد في تصويبها. والأولى عند قراءة المكتوب ضبط كل نص يشكل حتى نسلم من سماع الخطأ، وتستعمل العربية سليمة خالصة من اللحن، فيكون الاهتمام بنطق الكلمة من حيث رفع الحرف فيها أو نصبه أو جره، ومن حيث مخرجها وصفتها ومعناها لتكون مؤثرة في النطق عند سماعها. إن العربية تاج لجميع العلوم، فائقة الحسن، عالية الجمال، وهي تأبى على محبها أن يضعها في غير موضعها إذا كان وفياً لها مقبلاً عليها مهتماً بها، وإني أحيل القارئ إلى قراءة كلام نفيس للشوكاني في البدر الطالع (2-85) يفيد طالب العلم في أهمية إقامة اللسان في النطق وعلم النحو والصرف وعلم مفردات اللغة. والله ولي التوفيق. - وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية