يكاد الإجماع من مجمع اللغة العربية بمصر على أن مجتمعنا العربي بمثقفيه وأدبائه قاصرون في استخدام علم النحو فيما يتكلمونه من لهجات أو فيما يكتبونه باللغة الفصحى فغالب حديثهم لا يكاد ينجو من اللحن على عكس السلف من علماء وأدباء وشعراء الذين قعدوا القواعد للغة العربية بل إن أبا الأسود الدؤلي مؤسس النحو العربي ذهب إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو الذي أشار بتأسيس قواعد النحو ثم أكمل ذلك أبو الأسود ذلك أن ابنته في ليلة مقمرة سألت أباها ما أجمل السماء؟ على صيغة سؤال فأجابها نجومها فقالت ما أردت السؤال ولكني أتعجب فقال لها إذا قولي ما أجمل السماء ومدي فاك. ويدل ما قلناه على أن الأخطاء النحوية قد تفشت منذ القدم وما بالنا هذا العصر الذي طغت عليه السرعة في كل شيء والأخطاء والأغلاط النحوية والعربية تملأ الأفواه والألسنة مما يدل على وجوب الاهتمام باستخدام قواعد اللغة العربية من نحو وصرف وبلاغة. والكارثة أن معظم المثقفين والادباء والعلماء هم أنفسهم يلحنون قراءة وكتابة وتأليف. وإذا كان هذا هو حال المتعلمين فما بالك بعامة الناس ودهمائهم. وأهمية النحو - في رأيي – تعود إلى فهم الكلام وليس من اجل الفصاحة فحسب بل إن وراء ذلك المعنى والوعي والفهم لتراثنا وشريعتنا ولغتنا وأدبنا. وعلى سبيل المثال أن نفهم قول الله تبارك وتعالى : ( وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات) فالفاعل هنا لفظ الجلالة ربه وإبراهيم هو المفعول به أو الذي وقع عليه الفعل وإلا ينعكس المعنى بمجرد النظرة الأولى. من هنا جاءت أهمية النحو لا للتشدق والتفصح ولكن لفهم المعنى والمبنى معا وعلى المجامع والهيئات اللغوية الاهتمام بهذا الشيء وجعله ميسرا لمستخدمي اللغة العربية سواء المثقفين والأدباء وطلاب العلم والمعرفة حتى نتفهم قرآننا وسنة نبيا وترثنا الفكري والثقافي والعلمي والأدبي كما أن للمدارس والمعاهد والكليات مسؤولية تعليم النحو لطلابها منذ السنوات الأولى التي تهيئ الطالب والطالبة لمعرفة الكلام وأحاديث العرب وتراثهم. بل إن بعض العلماء أوجب على طالب العلم معرفة اللغة العربية وجعلها فرضا عليه حتى يتقن التفسير والحديث والعلوم والآداب والثقافات التي تملأ الحياة حياتنا الاجتماعية والإنسانية والعلمية والأدبية فصاحة وبلاغة وتحدثا. كما أن على وسائل الأعلام والتثقيف أن يبادروا بالتصحيح للأخطاء الشائعة بين مسئوليها وموظفيها. فمسئولية النحو والصرف لا تقع على كليات اللغة العربية وأدابها وحسب وإنما تقع على عواتق الجميع والله ولي التوفيق.