قبل ست سنوات من الآن لاح في الأفق الرياضي بدرٌ جديدٌ أضاء لنا عتمة درب من دروب الشتات والهلاك التي يسلكها لاعبونا ونجومنا، رغبة منهم في التفوق السَّريع والعطاء البديع بغض النَّظر عن العواقب الوخيمة والنهاية غير السعيدة أو السَّلِيمَة. جاءنا بدر السعيد بعقلية مختلفة وفكر جديد ليحدّ من آفة المنشطات والمقويات التي يستعملها اللاعبون دون رقيب أو حسيب.. كان في بداية لجنته وبقيادة الدكتور الفاضل صالح قنباز كمن ينقش في حجر، فلم يكن مرحبًا به ولا لجنته؛ لأنّها ستظهر المخبأ وتكشف المستور، سواء عند اللاعبين أو الإداريين أو المدرِّبين أو دكاترة الأندية. كانوا أمام جدار يعزلهم عمَّا يجري، إلى أن لاقوا الدَّعم والمساندة والضوء الأخضر -والحق يقال- من سمو الرئيس العام لرعاية الشباب، متجاوزين كل الأسلاك الشائكة والخنادق المخندقة والأبواب الموصدة ووصلوا -كما يقال- إلى اللَّحْم الحي للأندية الكبار، فأخضعوا نجومها للكشف وأوقفوا الحالات الإيجابيَّة التي ثبتت عليهم. وفي ظلِّ تنامي قوة اللَّجْنة وتحويلها إلى سلطة تنفيذيَّة تكشف وتفضح وتوَّقف بدأ نجم أمينها العام بدر السعيد يتصاعد، فهو غير أنّه أمينٌ عامٌ لأهم اللجان وأخطرها، فقد كان صاحب كريزما قوية وحضور لافت وشفافية في الطَّرح الإعلامي والمواجهة بالحجة والأدلة الدامغة.. فلم يكن في عمله يخشى لومة لائم لوثوقه في المقام الأول أنّه على حقٍّ ولقناعته المطلقة أنّه يسير في الاتجاه الصحيح وليس المعاكس، ولأنه قبل هذا وذاك نوعية مختلفة لم نتعود عليها كثيرًا لا في الأقوال ولا في الأفعال ويظهر دائمًا وأبدًا ما يبطن بِكلِّ أريحية وصراحة.. نقول لأنّه كان كذلك فقد واجه حربًا شعواء وحملة إعلاميَّة شرسة من أعداء التفوق والنجاح وواجه ذلك في المقابل دفاعًا مستميتًا عنه من محبيه ومحبي الخير للرياضة السعوديَّة مما جعله شخصًا مثيرًا للجدل ورمز نجاح لفئة ورمز عداء لفئة أخرى. وكان من الطّبيعي جدًا وسط هذا التجادل والتراشق أن يحدث منه هفوة تسقطه أو زلة تطيح به، أو أنّه تجاوز الخط الأحمر للَّجْنة قبل أن يعلن أن اللَّجْنة هي الأخرى خط أحمر. لذا جاء التشكيل الجديد خاليًا من اسم من وضع نواة هذه اللَّجْنة المهمة وبدون من أوجد لها قيمة وهيبة. رحل بدر من دون شكٍّ رحيلاً مأسوفًا عليه ولكن الظروف المحيطة به كانت أقوى من أن يبقى والصالح العام يَتطلَّب منه عدم البقاء والاستمرار في هذا المنصب الذي سيخسره؛ لأنّه عملة صعبة قابلة للتداول والصرف في كلِّ زمان ومكان. لقد قدّر لبدر أن يريح ويستريح، فقد كان ريحًا عاتيةً على كلّ من تسوِّل له نفسه تجاوز الأنظمة والقوانين.. و(باب يجيك منه الريح، سده واستريح).