منذ أن أُعلن توحيد المملكة العربية السعودية على يد المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - طيّب الله ثراه - تعتمدُ المملكة (الكتاب والسنَّة) دستورها ومنهجها الذي يُسيّر جميع شؤونها، باعتبارهما مصدري التشريع، وتتشرف بالعناية بهما، تشرُّفها بأنها موطئ الحرمين الشريفين، ومبعث الرسالة الخالدة، وحاملة لواء الدعوة إلى الله، وهي تتخذ كتاب الله عز وجل أساسًا ركينًا ومنهجًا سليمًا لا تحيد عنه، وتوليه عناية فائقة، هي تتمثَّل بذلك التوجيه النبوي الشريف (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)، ومن هذا المنطلق اعتنت الدولة بكتاب الله أيّما عناية، فأنشأت مدارس تحفيظ القرآن الكريم الابتدائية والمتوسطة والثانوية للبنين والبنات، وتصرف لطلابها مكافآت مالية تشجيعًا لهم، وانتشرت الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في مدن ومحافظات وهجر المملكة للبنين والبنات، تهدف إلى تعليم القرآن الكريم وتلاوته، وتحفيظه، وإعداد المدرسين الأكفاء للنهوض بهذه المهمة، وتهذيب أخلاق الناشئة الذين يلتمسون في رياض حلقاته البيئة التربوية الحسنة، ومن أجلّ مظاهر العناية بالقرآن الكريم بهذه البلاد الطيبة، تنظيم مسابقات محلية ودولية في كل عام، لحفظ القرآن الكريم وتلاوته وتفسيره، وتلقى هذه المسابقات دعمًا لوجستياً متواصلًا من الدولة ومسؤوليها وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وإخوانه الميامين، والجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمناطق المملكة تقوم بأدوار فاعلة ومقدَّرة من الدولة، وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله -، كل عام هذه الجمعيات الخيرية، تُكحِّل أعيننا برياحين الجنة، تشنِّف آذاننا بقراءاتهم الخاشعة التي تقشعر لها الأبدان، في هذه المقالة الخاطفة سأكون مع أبناء وبنات الزلفي، وبالتحديد مع (جائزة الفهد لحفظ القرآن الكريم). الكل يدرك وكما هو معلوم بشريعتنا السمحة، أن لله رجالاً من عباده، اختصهم لفعل الخير بأنواعه بين الناس، وجعل في أنفسهم وأموالهم وجاههم صخرة للعباد، يرجون الثواب من الخالق، فكان الثناء عليهم والشكر لهم من الناس ذكراً حسناً ثانياً، وفي الحديث الشريف (من لا يشكر الناس لا يشكر الله). من هؤلاء الأخيار - نحسبه - الشيخ فوزان الفهد - رحمه الله - الذي أقام هذه الجائزة التي أشرت لها وأسسها وتعاهدها بنفسه حتى استوت على الجودي، كان العام الماضي بين أهله وجماعته وأبنائه وبناته من الحفّاظ لكتاب الله، فاختاره الله لجواره، ففقدته الزلفي وبكته قبل بكاء أهله وصحبه، لكن هذه إرادة الله ولا راد لقضائه، لكن الله أراد لهذا الرجل الخير، فخلّف أبناءً بررة، تعاهدوا فضله وعمله الخيّر، فحانَ وقت الحفل الرابع لتكريم الفائزين بجائزة الفهد لحفظ القرآن الكريم، فكان لها الأخ (فهد بن فوزان الفهد) ابن الفقيد - رحمه الله -، كان في النية أن أكتب مقالة عن هذه الجائزة الكريمة وصاحبها، أسوة بما كتبته سابقاً عن (جائزة الفالح للتفوق العلمي) ولم أحدّد الوقت، لكن مع هذه الاحتفالية الأخيرة، أنّبني ضميري، ودمعت عيني، عندما قرأت عنها في هذه الجريدة (الجزيرة) وتخيّلت صاحبها أمامي، فقلت آه ثم آه، لقد حان الوقت لأفي بوعدي، وأكتب هذه المقالة، وفاءً لهذا الفقيد، ودعماً معنوياً لأبنائه البررة الأوفياء، الأخ فوزان الفهد - رحمه الله - ليس بالوسع جهله، فهو من أبناء ورجالات الزلفي الأوفياء، سخّر جاهه وماله، وطوّع أبناءه، لخدمة كتاب الله، وكما يقول ابنه (فهد) إن من أهم أولويات الجائزة وأسسها، التمسك بالقرآن الكريم ليبقى محفوظاً في صدور الصغار والكبار، ومما يثلج الصدر، وكما قال الأخ (فهد) ابن الفقيد، أنه أصالة عن نفسه ونيابة عن إخوانه، سيعملون جاهدين - بإذن الله - للقيام بهذه الجائزة، من أجل الاستمرار لتحقيق أهدافها السامية، نعم هؤلاء هم الأبناء الصالحون (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث... منها أو ولد صالح يدعو له). لا يسعني في هذه المقالة إلا أن أدعو لابن الزلفي البار (فوزان الفهد) بالمغفرة والرحمة والأجر والمثوبة، وأهمس في آذان أبنائه الأوفياء، أبشروا بالخير، أبشروا بالدعاء لكم، أبشروا بالسعادة - إن شاء الله -، فأعمال والدكم وأعمالكم من بعده، جليلة، رفيعة القدر، وقبل ذلك، رصيد في حسناتكم وحسنات والدكم، يثقّل الله با موازين أعمالكم، ولعلّي أجدها فرصة سانحة، لأدعو من خلالها من أنعمَ الله عليه من أبناء (ديرتي) أن يقتدي بأصحاب هذه الجوائز الطيبة، ويلج باباً آخر من أبواب المنافسة على طرق الخير، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون، مع يقيني أنهم أهل خير وفضل، وشكراً للجميع.. ودمتم بخير. [email protected]