لم يكن قرار مجلس الوزراء بالترخيص لمراكز الإرشاد الأسري أمراً مفاجئاً، ذلك لأن الحياة المعاصرة غلبت عليها الماديات واللهاث خلف الدنيا بزخرفها وقدم التنافس على ما فيها من لعاعة تسلب ألباب الضعفاء من الناس، وكذلك تعقيد الحياة الزوجية والعلاقات الأسرية بين الآباء والأبناء والإخوان والأخوات، كل ذلك وغيره خلف الكثير من الظواهر والمشكلات التي باتت تؤرق تماسك الأسر. ومن يتابع البرامج الإعلامية الاجتماعية المرئية والمسموعة والصفحات المهتمة بالشأن الاجتماعي والتنمية الأسرية في الصحف يلحظ كيف أصبحت المشكلات تتجدد يومياً وتنمو حتى نخرت في كثير من الأسر بأسباب تافهة أحياناً. والأكيد أن حل كثير من هذه المشكلات يحتاج إلى أكثر من جانب قد لا يكفي أحدها ومن ذلك الإلمام بالنفس البشرية، خصائصها ومكوناتها والتغيرات التي تطرأ عليها وهذا ما يقوم به المختص بعلم النفس، والمعرفة بخصائص المجتمع وعاداته وتقاليده وهذا من شأن الإخصائي الاجتماعي وعلم النفس الإكلينيكي والمعني بدراسة النفس البشرية واستخدام الأدوية في إعادتها إلى التكيف الطبيعي من خلال الطب النفسي. ومراكز الإرشاد الأسرية معنية بالدرجة الأولى بتوفير التوعية بمهامها ودورها وخدماتها قبل انطلاقتها والتعريف بأنواع المشكلات الأسرية. وتقديم الخدمات الاستشارية من الأهمية بمكان، حيث يدعم استمرار واستقرار العائلة أو انفراط عقدها، وهذا يحمل المستشار مسؤولية خطيرة مما يستلزم أن يكون على مستوى من التأهيل الأكاديمي المناسب والوعي بمشكلات المجتمع والبيئة، والمعلن من اللائحة التنظيمية للمراكز لم تشر حتى إلى التأهيل والشروط والضوابط التي ينبغي أن تتوافر في المستشار خاصة أن هذا المجال وفي الفترة الأخيرة دلف إليه الكثير من غير المختصين عبر بعض الدورات السريعة التي يرون أنها كافية للتأهيل للقيام بهذه المهمة الخطيرة!! ختاماً مراكز الإرشاد الأسري أصبحت ضرورة ولكن يبقى وضع الضوابط والمحددات لأعمالها وكذلك ضوابط الإرشاد في هذه المراكز وتخصصات الإرشاد فيها ومراقبة أعمالها حتى تؤدي دورها بالشكل الذي يحقق الأهداف من إنشائها والاستفادة من المراكز التي أنشئت سابقاً بترخيص من وزارة التجارة أو تتبع للجمعيات الخيرية وحققت نجاحات ملحوظة في خدماتها وثقة الناس فيها. [email protected]