أظهر العديد من أولياء الأمور استياءهم مما أسموه مبالغة في أسعار كتب الأطفال المعروضة في جناح الطفل المشارك في معرض الرياض الدَّوْلي للكتاب. وبالرغم من أن الأسر تنفق على نزهة عائلية عادية مبلغًا كبيرًا يتجاوز أسعار هذه الكتب بكثير إلا أن بعضهم يُعدُّ أن أسعار كتب الأطفال مرتفعة الثمن ولا تستحق المبالغ المطلوبة. حاولنا في هذا الاستطلاع عرض وجهات النَّظر المختلفة عن أسعار كتب الأطفال. يرى المشرف على دار أطفالنا السعيدة للنشر والتوزيع نور محمد غانم أن الاستثمار في الطفل اعتبره ثروة استثمار ناجح وخطوة أولى صحيحة في طريق بناء المستقبل وبناء مواطن صالح. ويبرر ما يصفه الزائرون بارتفاع الأسعار بصعوبة التَّعامل مع الطفل. «المواد المصنوع منها كتب الأطفال في البداية تحتاج إلى مضمون مقنع تستطيع من خلاله شد انتباه الطفل من المنافسة الشَّديدة التي تنافس الكتاب ومِنْ ثمَّ صناعة الكتاب بحيث يصير اهتمامه». ويقول غانم: إنّه من الضروري جدًا الاعتراف بكرامة الطفل وشخصيته ورضاه وحزنه والتخاطب معه في صناعة الكتاب على هذا الأساس. وعلى مستوى الصناعة وطريقتها يضيف: «صناعة كتاب الطفل ليست طباعة بل ورشة متكاملة وهو ما يجعله في نظر البعْض مكلفًا، فمن نوع الورق إلى الدِّقة العالية في الألوان إلى قصَّه وتشكيله بطرق مُعيَّنة، كل ذلك لا يتم في مطبعة، بل ورش خاصة تزيد كلفة الكتاب». على صعيد آخر يُعدُّ غانم أن استشارة الآباء لأطفالهم فيما يودون شراءه من المعرض أيْضًا قد يكون أمرًا غير صائب خاصة أن الطفل يركز على الألعاب أكثر من تركيزه على الكتب، داعيًا أولياء الأمور إلى اتِّخاذ طريق وسط بين تخيرهم والاختيار لهم. ومن جهته أوضح مسئول دار مكتبة المعارف محمد المولى أن الأم هي أساس التَّعليم وعن طريقها يوجِّه الطفل للقراءة بحكم معرفتها بشخصيَّة وعمر طفلها ويختلف مدى حرصها من سيدة لسيدة فمنهن من تهتم باختيار نوع الكتب وجودتها ولا تهتم بغلاء سعرها وبعض الأمَّهات يَحْرِصْن على النَّوع بعيدًا عن الجودة كونها لا يمكنها شراء الكتب ذات الجودة العالية بسبب غلائها. وقال المولى: إنهم يحرصون في الدار على الأفكار الجديدة التي تجذب الأطفال بأسلوب الطَّرح والمجسمات والألوان ونوع الورق المُغلَّف الذي يحافظ على جودته مهما كان استعمال الطفل له وقال: نحرص على إضافة العبر والأمثال والنصائح في أول الكتاب أو آخره بحسب عمر الطفل، ففي السنوات الأولى نحرص على تخصيص القصص بالحيوانات. وأخيرًا قال المولى: إن بعض الأهالي يبحثون عن قصص العلماء والرسامين والمُثقَّفين وغيرهم من الشخصيات المشهورة. وكانت لوفاء الحسيني المسئولة عن دار سامر رأي مشابه لتحكي عن اهتمامها في بناء اللُّغة العربيَّة للأطفال في القصص المخصصة لهم التي تحرص على كتابتها منذ عام 1979م منذ بداية الحرب اللبنانية وتقول الحسيني: إن في تلك الفترة لجئنا لاحتواء الأطفال بالقصص الممتعة بسبب افتقارهم لوسائل المرح الأخرى في تلك الحقبة من الزَّمن وذلك لبناء جيل يهتمّ بالأسس الصحيحة للتربية، ثمَّ ترك المجال لهم بعد ذلك لاختيار توجههم الأدبي والعلمي وتحكي الحسيني عن حرصها على كتابة القصص التي تبني شخصيَّة الطفل ولغته ولا تتعاون مع كتّاب لتوفر بعض من تكاليف الكتب التي تعاني منها من طباعه وتغليف وتصميم وأخيرًا انتقدت الحسيني بعض الأمَّهات اللاتي يبخلن على أبنائهن بهذه الكتب وإبعادهم دون أن تشعر عن اللُّغة العربيَّة وعلى الرغم من محاولاتي اليائسة لتقليل أسعار بعض الكتب لإقناعهن بالشراء إلا أن بعض محاولاتي باءت بالفشل.في المقابل تجد من الزوار من يمثِّل الضفة الأخرى برأيه في أسعار الكتب واستثمار الطفل، حيث وجدنا أحد المتسوقين من جناح الطفل كان له رأي مغاير ومختلف عن الأغلبية فالأستاذ مسفر البسام يُعدُّ أن الأفكار الجديدة تستحق: «هناك كتب قصص عادية وهناك أفكار جديدة وثمينة وتستحق أن ندفع مبلغًا إضافيًا». وعن دور الوالدين في جذب الجيل الجديد للقراءة يقول: «لا بُدَّ أن يدفعوا دفعًا إلى القراءة وأن توفر مكتبة نوعية مهما كانت صغيرة في المنزل خاصة في عصر باتت القراءة فيه أبعد الاختيارات عند الجيل الجديد».