بعيداً من المعرض الدولي للكتاب، الذي افتتح يوم أمس في الرياض، باءت محاولات أم سليمان الحربي، والهادفة إلى اقتطاع مبالغ مالية شهرية بهدف شراء كتب لأطفالها «سليمان ومحمد»، بالفشل، نتيجة لزيادة مصروفات الأسرة على المستلزمات الضرورية. وعلى رغم أن أم سليمان الحربي كانت توفر خلال السنوات الماضية مبالغ مالية شهرياً، تصل إلى 500 ريال في بعض الأحيان، لشراء كتب جديدة لأطفالها، إلا أن موجه الغلاء التي ضربت المجتمع في الأشهر الماضية أسهمت في تأجيل الحربي لعادتها إلى اجل غير مسمى. وتقول أم سليمان (32 عاماً): «أصبحت أجد صعوبة في توفير وشراء كتب لأبنائي، خصوصاً أن الكتب الجيدة غالية الثمن، ويصل أسعار البعض منها إلى 80 ريالاً، في حين تتراوح أسعار الكتب الرديئة الطبعة والمضمون ما بين الخمسة والعشرة ريالات». وتضيف: «من الصعب وجود كتاب ينمي فكر الطفل لدينا، فالكتب الجذابة والممتعة نادرة في دور النشر والمكتبات لدينا، وغالبية الكتب الجذابة باللغة الانكليزية»، مشيرة إلى أن الكتب العربية والموجهة للطفل تحكي أساطير الإغريق والحضارة الرومانية، في حين تنعدم الكتب التي تحكي عن التراثين العربي والإسلامي، وتقول: «إذا وجدنا كتباً تتحدث عن التراثين العربي والإسلامي نجد غالبيتها غير جذابة للطفل، فلغة كتب الأطفال العربية صعبة ولا تتناسب مع ثقافة الطفل»، وتقول: «من تجربتي الشخصية أجد صعوبة في فهم أبنائي لمضمون بعض القصص، خصوصاً ان اللغة المكتوبة بها موجهة لفئة معينة من المجتمع وليس لطفل يبلغ من العمر خمس سنوات». وأمام تلك التطورات لجأت أم سيلمان إلى استرجاع ذاكرتها القصصية لتروي لأطفالها بين الحين والآخر عدداً من القصص الخيالية التي كانت ترويها جدتها لها في صغرها، وتقول: «اعلم أن قصص جدتي لا تناسب أبنائي اليوم ولكنها البديل الأفضل أمامي في الوقت الراهن». من جانبها أشارت كاتبة قصص الأطفال أروى خميس إلى انعدام الاهتمام بثقافة الطفل السعودي، وقالت: «هناك عدد من الأسباب التي أسهمت في ضحالة ثقافة الطفل، منها عدم توافر الكتب المخصصة للطفل في المكتبات، خصوصاً تلك التي تلامس مشاعر الطفل وحاجاته وهمومه، إضافة إلى عدم وجود الوعي الكافي لدى الأهالي بأهمية الذهاب للمكتبة للاطلاع وتنمية الثقافة، لاسيما ان السعوديين يفضلون الذهاب للمدن الترفيهية والمطاعم للنزهة والترفيه»، لافتة إلى وجود مشكلات تتعلق بانعدام وجود الكتاب المخصص للطفل، «والموجود لا يرضي طموحات الطفل في تنمية مهاراته وثقافته». موضحة أن مشكلة انعدام الاهتمام بقراءة الطفل، لا تتوقف على غلاء أسعارها، بل هي مشكلة انعدام ثقافة بحد ذاتها، فبحسب خميس فإن السعوديين من أكثر الشعوب العربية إنفاقاً ولديهم قوة شرائية كبيرة، لكن انعدام الوعي بأهمية الكتاب جعلته آخر الاهتمامات حتى بالنسبة لمربي الأجيال في المدارس، «فالمدارس بصفة عامة لا تهتم بوجود المكتبات، وإذا وجدت فالقائمون عليها ليسوا بذلك الوعي والثقافة لاختيار الجيد من الكتب في تلك المكتبات، المليئة بما لا ينفع الطفل ولا يعمل على تنمية مهاراته. وتتفق معها أستاذ مشارك في قسم المكتبات والمعلومات في كلية الآداب جامعة الملك عبدالعزيز الدكتورة هدى باطويل بقولها: «ليس لدينا وعي بأهمية القراءة للطفل، القراءة لدينا تحتل درجات متدنية من حيث الأوليات، بسبب ضعف الوعي الاجتماعي بأهمية الكتاب في حياة الطفل». لافتة إلى أن أسعار الكتب أسهمت في عدم تشجيع الأهالي لأبنائهم على القراءة لضعف إمكانات الأسرة، خصوصاً متوسطة الدخل، وقالت: «لابد من تفعيل دور المكتبات العامة، خصوصاً انه يقع على عاتقها مسؤولية خدمة المجتمع من النواحي الثقافية، بما فيها توفير الكتب غالية الثمن لجميع أفراد المجتمع من الطبقات كافة». مؤكدة على أهمية وجود مجلس أعلى يهتم بالطفولة، بحيث تكون بمثابة وزارة مستقلة معنية بالطفل السعودي وصحته وثقافته وتعليمه.