هناك أخطاء تمارسها بعض الوزارات تكلِّف الدولة الملايين وتعيق تطور العمل.. وزارة التربية والتعليم أصبحت معضلة لأجهزة الدولة بسبب مشكلاتها - اللا منتهية- ودخلت في دوائر شائكة لا تستطيع الإفلات منها عندما فهم بالخطأ قرار الدولة في دمج وزارة المعارف بتعليم البنات لتكون مؤسسة واحدة هي وزارة التربية والتعليم، ونفذ القرار وفق تفسيرات قيادتها الحالية وهذا أدى إلى أزمات متلاحقة بسبب فهم الدمج والممارسات التي تمت على ضوء هذا القرار. تبنت الوزارة وعبر اجتهادات شخصية فكرة الدمج الكلي دون أن تخضع هذا القرار لدراسة وآليات التطبيق فكانت النتائج كارثية ولا بد من علاجه على الطريقة الإسعافية والطوارئ مع أن الأمر لم يكن سوى تنظيم وتوحيد للإجراء... شرعت قيادة الوزارة الحالية في التنفيذ مباشرة دون العودة والرجوع للجهات التخطيطية والرقابية والاستشارية وهذا أدى إلى خلل إداري وتعليمي يعاني منه الميدان, وأوجد ضبابية في توزيع الوظائف والميزانيات ورافقه عدم عدالة في توزيع المناصب والإمكانيات المادية، يمكن ملاحظته من خلال تميز قطاع ومدارس البنين على قطاع مدارس البنات في الوظائف والاحتياجات المدرسية... ويعلم جيداً من هم في الميدان أن الدمج الكلي لا يناسب نظام التعليم في المملكة لأن الوحدة التي يقوم عليها التعليم هي وحدة المدرسة, والمدرسة مفصولة في وحدتين مستقلتين مدارس البنين وأخرى للبنات ولا يمكن دمجها, فجميع العمليات الإدارية والتعليمية موجهة لهذه الوحدة التي هي المدرسة, وبالتالي تداخلت الصلاحيات والمسؤوليات والأداء فنتج عنها فوضى إدارية وعدم رضا من العاملين, وكان الأجدر أن ينفذ مشروع توحيد الإجراءات والسياسات بين قطاعي البنين والبنات مع المحافظة على هيكلة وبنية كل قطاع... هذا المشروع دمج القيادة العليا وتوحيد الإجراءات والسياسات عملت عليه القيادة السابقة، وكان المشروع في طور التنفيذ بعد أن توافق عليه القيادة العليا بالدولة وتعتمده الجهات التنظيمية ويعرض ويمرّر على الجهات التخطيطية والرقابية والاستشارية مثل: هيئة الخبراء ومجلس الشورى وأيضاً معهد الإدارة... مشروع الدمج الكلي الذي تبنته القيادة الحالية للوزارة سبق تبنيه من قيادة سابقة وكانت نتيجة التجربة الفشل بعد تطبيقه في عدد من إدارات التعليم. هذه الأخطاء الكارثية في وزارة مفصلية يزيد عدد المنسوبين فيها على (600) ألف معلم ومعلمة وجيل من الطلاب يزيد تعدادهم على (5) ملايين طالب تجازف في تطبيق مشروع لم ينضج إدارياً, مع إدارة حديثة عهد في العمل التربوي, هذه المجازفة ثمنها غال على الجيل وعلى أجهزة الدولة التخطيطية والرقابية، وقد تتفاعل في ظل الاستياء العام في الوطن العربي وما يرافقه من جو إعلامي يزيد من الوهج يتطور وينعكس داخل المدرسة, فلا بد من وقف هذا النزف من الأخطاء والتدهور.