يتكئ نجاح أو إصلاح الأنظمة سواء الاجتماعية أو الاقتصادية أو التعليمية أو الرياضية إلخ، بإخضاع كامل أسقامها وعللها وأمراضها ومشكلاتها في قالب البحث العلمي للتشريح والدراسة و التقصي، وكشف العيوب والمثالب، وتحديد مكامن الخلل وإرهاصاته بعمق ووضوح وشفافية، وبالتالي إيجاد الحلول العلمية التي تكفل في إعادة توازن قوى الفلاح والإصلاح لهذا أو ذاك المنشط، بعيدا عن الحلول المسكنة، أو العمل الاجتهادي، والممارسات الفوضوية التي لا تجلب إلا مزيدا من الفشل والتخلف والانكفاء و الإحباط. *وعندما نتحدث عن الفشل الذريع للكرة السعودية خلال السنوات الأخيرة وتراجعها في التصنيف العالمي متجاوزة، خط المائة في أسوأ ترتيب لها في التاريخ ، فهو نتاج طبيعي لغياب ثقافة التعامل مع ذراع التنمية وقاطرة التقدم ( البحث العلمي) الرياضي وتوظيف بحوث العلوم الإنسانية الشاملة مع البحوث التطبيقية، فتوالت إخفاقات رياضتنا و ضاعت هيبة و هوية الكرة السعودية بعدما كانت حاضرة بقوة في ميادين المنافسة على الأصعدة. القارية والعالمية، وأتصور أن صروحنا الأكاديمية ومؤسساتنا العلمية ساهمت في هذا التراجع !! و ذلك لضعف اهتمام هذه المؤسسات العلمية بالأبحاث الرياضية ومكوناتها الثرية، وإن وجدت فهي على شكل أبحاث فردية يتم الاستفادة منها لتلبية جوانب محددة!! بينما على مستوى أكبر مع الأسف شبه مغيبة !! ولم ندرك -هذه الصروح الأكاديمية- أن الرياضة كظاهرة اجتماعية صارت صناعة واقتصاد و ثقافة واستثمار وتجارة كبيرة يستفيد منها الأفراد والشركات و المنظمات والمؤسسات ، لذلك اتجهت بوصلة معظم الدول المتحضرة إلى توسيع دائرة التعامل مع حصان التقدم ( البحث العلمي) والاهتمام بالعلوم الرياضية وفروعها›، ففي روسيا مثلا أنشأت جامعة رياضية تضم أكثر من أربعين تخصصا في العلوم الإنسانية والتطبيقية كعلم النفس الرياضي والاجتماع الرياضي والاحتراف الرياضي والاقتصاد الرياضي والإدارة الرياضية والتدريب الرياضي.الخ إلى جانب تأسيس معهد للبحث العلمي في المجال الرياضي يهتم في دراسة تطوير الأداء الرياضي وتنمية المهارات النفسية وصحة الرياضيين وتوظيف التقنية في المقاييس العلمية مع وجود معامل مخصصة في السلوكيات الرياضية والكيمياء الحيوية، كما اتجهت الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى مصافحة ذراع التنمية فأنشأت معهداً للبحث العلمي والدراسات العليا في المجال الرياضي في( ولاية الينوي) يهتم من خلال بحوث العلوم الإنسانية مع البحوث التطبيقية دراسة المشكلات الرياضية بعمق، وصياغة حلولها العلمية بوعي يضمن صناعة التفوق الرياضي في مختلف الألعاب ،وتعزيز الأداء في المنافسات الرياضية ،والأروع أن قوة وشهرة وجودة المعهد البحثي الرياضي الأمريكي خولته بتقديم خدماته البحثية الرصينة لأكثر من مائة وعشرة آلاف عضو في( 145) دولة حول العالم ، ولا غرابة إذا حين وضع الأمريكيون خطة بعيدة المدى حول قدرة المنتخب الأمريكي على الفز بمونديال عام 2030م طبقا للقياس العلمي الرياضي والرؤية الإستراتيجية المنطلقة من معطيات البحث العلمي وتنبؤاته بينما نحن نعاني من أزمة غياب ثقافة ومفهوم البحث العلمي الرياضي في مجتمعنا الرياضي ومؤسساته، فضلا عن ضعف الأبحاث الرياضية الرصينة في صروحنا الأكاديمية ،وكذا الكراسي البحثية الرياضية التطبيقية وهنا ينبغي تأسيس معهد للبحث العلمي الرياضي متكامل في المؤسسة الرياضية التي لا ترعى فقط قطاع الرياضة، وإنما تقع على كاهلها مسئولية احتواء ورعاية الشباب خصوصا وأن الهرم السكاني بالمملكة أو التركيبة الديموغرافية بالمجتمع تشكل ما يقارب 65% هي من فئة الشباب ،وهنا ينبغي أن تضطلع( رعاية الشباب) ببرامجها وأنشطتها وأعمالها وأهدافها وخططها نحو دراسة الاحتياجات الرياضية و الترويحية والثقافية والاجتماعية لهذه الفئة المجتمعية التي تستحوذ على النسبة العظمى (ديموغرافيا) في مجتمعنا الفتي! بما يحقق الأهداف والتطلعات المنشودة، ويسهم بالتالي في البناء بشموله الرياضي والشبابي(فكرا ووعيا وإنتاجا وسلوكا ) إذا لم يعد مقبولا في عصر العولمة الرياضية والانفجار المعرفي تطوير قطاع الرياضة والشباب وتحديد آفاق مستقبلية دون الاعتماد والاتكاء على منهجية وأساليب ومعطيات ( البحث العلمي) الذي صار ضرورة حتمية ،وركنا أساسيا ، وخياراً إستراتيجيا، في تحديد ملامح الخطط التطويرية ،ومعالجة الإخفاقات وضبط إرهاصاتها في القطاع الرياضي والشبابي . Twitter@kaldous1