في احتفائية اثنينة خوجة أشاد اللغوي والمؤرخ والباحث الاديب الأستاذ : عبد الرحمن الرفاعي أشاد بمن كان لهم اثر إيجابي في شخصيته وهم الدكتور هاشم عبده هاشم، وكذلك عبدالله الجفري، علوي الصافي وكيف أنهم شجعوه على الكتابة، كما أن أخاه الأكبر حثه على مواصلة تعليمه، بالرغم من الإعاقة، وأنه عشق اللغة وجرب الشعر ثم تركه لاحقاً. من جانبه أشاد الدكتور عبدالله مناع عن بشخصية الرفاعي العلمية ورأى ضرورة إيصال تأليفه العلمي إلى الناس قائلا: أعتقد أن إنتاجه لم يطلع عليه إلا القليل، لافتا إلى أن أبرز ما نال إعجابه عبر مؤلفاته حديثه عن جازان. ثم استعرض كتبه التي طبعت في مصر وكيف أنها نالت إعجاب الكثيرين. وقال الدكتور مدني علاقي أنه زار الضيف في بيته في جيزان فوجده مختبئاً بين كتبه، ودخلت معه في حوار حلق بي إلى آفاق رحبة، وكانت كل دراساته وبحوثه تنطلق من القرآن الكريم. ومن يقرأ كتبه يعرف كيف ان هذا الباحث الموسوعي يغوص في أعماق المفردات القرآنية ليستخرج منها ما يدعم نظريته واستنتاجاته الفكرية والعلمية. ثم وصف الدكتور هاشم عبده هاشم الضيف بأنه فقيه وعالم فراسة ومفكر يستخدم عقله كثيرا فكان خلاقا باستمرار، مبينا أن مؤلفاته تجسد تميزه بكل ما تعنيه كلمة خلاق. من جانبه اشاد عبد المقصود خوجة بالرفاعي وقال إنه أحد الذين خصتهم أبجدية الضاد بفتح خزانة أسرارها، ففتح بحفظه لهذه الأمانة للبحاثة والدارسين آفاقا جديدة في الجذور التاريخية للغتنا العربية. واعتبره أحد أهم علماء اللغة العربية وأئمة بحثها العلمي والتاريخي في عصرنا الراهن معددا عددا من الجهات التي يسهم فيها. وأضاف خوجة لعل الاثنينية في هذه الأمسية تحاول إسقاط الضوء على أهم محطات ضيفنا البارزة وآثاره العلمية في مسارات بحثه بتخصصاته المتنوعة في مضامير اللغة العربية والتربية والتاريخ دحضا لمقولة زامر الحي لا يطرب. وأضاف خوجة قد أودع الأستاذ الرفاعي خلال مسيرته العلمية الحافلة بالعطاء الأدبي والعلمي والفكري كثيراً من النظريات المهمة في تاريخ اللغة العربية وآدابها وأصبحت هذه البحوث والنظريات مرجعا يستند عليه طلاب الدراسات العليا في علوم اللغة وتاريخها، ولعل نظريته في التوحد اللغوي وأثره على إنتاج المعرفة العربية تظل واحدة من أهم فرضياته العلمية، وهي التي لفتت إليه نظر الجامعة العربية فاعتبرتها مدخلا مهما لرتق النسيج الثقافي العربي للحفاظ على تماسك ووحدة الأمة، وهذا في حد ذاته يعد حافزا حقيقيا لديمومة مشروعه العلمي ونجاحه على المستويين النظري والتطبيقي، وحسب ما تيسر لي فهمه فنظريته قائمة على فكرة التوحيد اللغوي، ففرضية التوحيد ذات أثر إيجابي على الإنتاج المعرفي للعقل العربي الجمعي يتجلى في وحدة لسان الأمة العربية بمعنى وحدتها الثقافية أي زيادة ثرائها المعرفي، بينما ينهض مفهوم التوحد بخلاف مفهوم التوحيد بمدلول سالب فهو دعوة للتعصب من شأنها أن تفضي إلى حالة من النزوع إلى الطائفية اللسانية وتعظيم التمسك باللهجات المحلية خروجا بها من سياقها الثقافي بتبني لهجات منقطعة بذاتها وناكرة للصلة بنسبها الحضاري والتاريخي. وللأستاذ الرفاعي بهذه النظرية توجساته الخاصة التي قد يقرها البعض ويخالفها الآخر، فهذه الفرضية تشير لخطورة استشراء ما يمكن أن نطلق عليه ظاهرة التوحد اللغوي وهي النعرة المتفشية لنشر عامية كل أقلية على حدة في ظل احتدام حمى السموات المفتوحة التي تتجسد أعمق إفرازاتها أثرا في تمدد مساحات البث الرقمي الذي دخل بيوتنا العربية بأجندته الواضحة بدعاوى حرية التعبير وديمقراطية الرأي وأباح لكل أهل أقلية حقوق نشر ثقافتهم بلسانياتهم الخاصة دون النظر للمجاميع الثقافية التي تنتمي إليها هذه الأقليات، وعليه يصبح توجسه أمرا مشروعا في القلق على مستقبل الخصوصية والهوية الفكرية لأمتنا العربية التي تتبعثر طاقاتها الثقافية وتتفرق أيادي سبأ باتخاذها لعوامل التوحد اللغوي بديلا لمفهوم التوحيد اللغوي الجامع، وقد رأى القائمون على مجمع اللغة العربية إن هذه النظرية ذات أثر كبير ومهم في إعادة النظر حول العديد من الفرضيات العلمية التي تثار أحيانا حول الجذور التاريخية للغتنا العربية، وتحتوي على الكثير من المفاهيم الجديدة والرؤى ذات الأثر الإيجابي في تنشيط ساحات الحراك الأدبي والعلمي في ميادين الدراسات والبحوث اللغوية والتاريخية. كذلك من فتوحات الأستاذ الرفاعي اللغوية الهامة في بحثه المتواصل في تاريخ اللغة وجذورها عثوره على الخيوط المفقودة في إثبات خروج اللهجات السامية وتوالدها من اللغة العربية أي اللغة الأم لهذه الألسن التي تنحدر في الأصل منها وارت باطها التاريخي بمنصة الضاد لانطلاقها في فضاء ثقافاتها المحلية والطائفية، معززا تلك النظرية بإثباته لعروبة النسب لأبي الأنبياء إبراهيم الخليل عليه السلام قاطعا الطريق أمام دعاة التشرذم اللغوي بدعوى الدفاع عن السامية، فوحدة الجنس والموطن للغتنا العربية أوضح الأدلة لخروج هذه اللهجات من رحمها على الرغم من أثر تداعيات الهجرات المتعاقبة على هذه الفرضية، وما أفضت إليه عبر مراحل تاريخية مختلفة من مآل التغريب اللغوي، ومحاولات العزل من الأصول الثقافية لمصادر تلك اللهجات القديمة، لقد قدم لنا الأستاذ الرفاعي عبر سلسلة مترابطة من البحوث الموثقة في التاريخ اللغوي ما يصلح أن نعتبره نواة لنظرية لغوية حديثة تحمل في طياتها محاور دقيقة للبحث العلمي، وتشكل مرجعية ضرورية لتقصي المصادر التاريخية للغة اللوح المحفوظ. وأشاد بمؤلفاته التي قاربت الخمسين مرجعا متفاوتة ما بين الدراسات والبحوث اللغوية والأدبية والإبداعية المتنوعة، وما بين التحقيقات والأبحاث التاريخية والتراثية البحتة، والنظريات الفكرية المتخصصة في حصيلة إجمالية بلغت سبعة وأربعين مؤلفا أثارت في المشهد النقدي سجالا محموما وأضفت مزيدا من الحيوية في طرحها الجريء لبعض الملفات التاريخية المثيرة للجدل، ولامستها بعمق المفكر وبريشة المبدع في آن، وله قيد الإعداد والطبع ما يزيد عن الخمسة مؤلفات في نفس مساقات بحثه العلمي والأدبي ، وقد ترجمت بعض مؤلفاته للفرنسية لحيوية وقيمة وموضوعية المادة التي تناولتها.