يرى معظم التربويين أن الإشراف التربوي ضرورة حتمية لعدة أسباب من أهمها التطور في مجال التربية نظراً لتطور المعارف بصفة عامة، حيث إن المعارف التربوية معارف متطورة بفضل البحث الدائب في مجال التربية ذاتها، وكذلك بفضل التقدم في ميادين المعرفة التي تعد رواقاً للتربية مثل علم النفس وعلم الاجتماع وعلم الإدارة. والإحاطة بهذه المعارف المتجددة أمر غير متاح للأغلبية الساحقة لمن يمارسون التعليم في كافة البلاد النامية، ومن بينها المملكة العربية السعودية وذلك بسبب عوامل كثيرة منها طبيعة الإعداد المسبق للمعلمين القدماء وطبيعة المسؤوليات المناطة بالمعلم ولذلك فإنه يتحتم وجود هيئة متفرّعة لمتابعة تطور المعارف والممارسات التربوية الحديثة وضمان إحاطة المعلمين والإداريين بمستجدات التربية. والمساهمة في تطوير التعليم، حيث يمر ويجتاز مجتمعنا مرحلة من أهم مراحل الإصلاح والتطور والنمو في مختلف المجالات الاقتصادية والصناعية والاجتماعية ولا شك في أن التربية هي الوسيلة الأساسية للإصلاح والتقدم، إذ إن تحسين نوع التربية من أهم ما يسهم في هذا الإصلاح والتطور والنمو إسهاماً فعَّالاً. وتحسين نوع التعليم يقوم على رفع مستويات المعلمين والعاملين في التعليم بصفة عامة؛ وذلك بتطور ثقافتهم العلمية والمهنية والعامة لجعلهم أكثر اتصالاً بالحياة المعاصرة، وأقدر على تفهم ظروفها ومواجهة تحدياتها. ويكاد الفكر التربوي المعاصر يتفق على أن عملية تربية المعلمين وإعدادهم للتدريس تمثّل مرحلتين متكاملتين أولاهما تربيتهم قبل ممارسة الخدمة في دور إعداد المعلمين على اختلاف مستوياتهم، وثانيهما استمرار تربيتهم في أثناء ممارستهم لها عن طريق التوجيه ويجمع المربون على أهمية المرحلة الثانية على أساس أن أهميتها تكمن في أنها تأتي بعد احتكاك المعلم بالمشكلات الميدانية الواقعية وعندئذ يقترن ما يتعلّمه من حقائق تربوية بالواقع العملي. وصعوبة متابعة جميع النواحي الفنية والإدارية من قبل مدير المدرسة للمهام الملقاة على كاهله، حيث لا يستطيع متابعة جميع النواحي الفنية والإدارية بكل دقة، بالإضافة إلى عدم تمكّنه من جميع التخصصات، فمن الممكن لمدير المرحلة الابتدائية متابعة معظم التخصصات ولكن يستحيل ذلك في المرحلة المتوسطة أو الثانوية لذلك فالمعلم بحاجة ماسة لشخص متخصص يشرف على عمله وينقل له خبرة زملائه ليحل الكثير من المشاكل التي تواجهه. تفاوت مستويات المعلمين فهم ليسوا سواء في خلفياتهم التعليمية، وأعني بذلك مستوى إعدادهم الثقافي والمهني قبل ممارسة التعليم ولذا فإنه يتحتم وجود هيئة متفرّغة للإشراف تكون مهمتها معاونة المعلمين على أداء العملية التعليمية في أفضل صورة ممكنة، وبهذا يمكن أن تكون عمليات إعداد المعلمين للخدمة وتدريبهم أثناء الخدمة عملية متصلة الحلقات من شأنها التعاون في نمو العاملين في المهنة، واحتياج العاملين في أي مجال من مجالات التوجيه في مجال السياسة والصناعة وفي جميع المؤسسات الخاصة والعامة، حيث نجد التطلع والضرورة الملحة إلى نوع من الإشراف يرعى الحاجات النفسية والاجتماعية للأفراد ويهيئ لهم فرص النمو واكتساب الخبرات والتقدم الوظيفي أمام العاملين، والمدرس الذي يباشر مهنة التدريس يحتاج هو الآخر إلى من يوجهه ويشرف عليه حتى يتقن أساليب التعامل مع الطلاب ويزداد خبرة بمهنته وحتى يستطيع أن يحقق الأهداف التي تعمل الوزارة على بلوغها. أن الإشراف التربوي وسيلة لتبادل الخبرات ومن الصعوبة بمكان على المعلم تبادل الخبرة مع زملائه في نفس التخصص على نطاق واسع وذلك لقلة المعلمين المتخصصين في مجال واحد في المدرسة الواحدة في أغلب الأحيان، لذلك فالإشراف التربوي في معظم أساليبه يعتمد على تبادل الخبرات بين المعلمين في مجال التخصص وبين المعلمين بصفة عامة. إن تحديد احتياج الهيئات التعليمية بالمدارس ومن أهمها عقد دورات تدريبية أو ندوات مصغرة لا يأتي إلا بعد دراسة ميدانية داخل المدارس يقوم المشرف التربوي بها بحكم طبيعة عمله الميداني وتلمسه للمشكلات التي تعيشها المدارس، وأن عدم إعداد عدد كبير من المعلمين تربوياً, وغير مؤهلين تربوياً لمهنة التدريس، حيث إن الوعي بأهمية التعليم دفع إلى التوسع في افتتاح المدارس دون إعداد عدد كاف من المعلمين فكان من الضروري الاستعانة بمعلمين لم يؤهلوا أصلاً لمهنة التدريس، وقد مارست هذه الفئة عملها دون إلمام بكثير من طرق التدريس والعلوم التربوية والنفسية، ولا يمكن أن تكون هذه الفئة على مستوى الكفاية إلا إذا أقيمت لها برامج تدريبية من جهة أخرى فالتدريب وحده لا يكفي، حيث لا بد من الإشراف المباشر على ثمرات التدريب حتى يكون هؤلاء المعلمون من خيرة المعلمين. بالإضافة إلى انعدام الصلة بين أساتذة كليات التربية وطلابهم بعد التخرّج، حيث يجعل الأساتذة لا يقفون على حقيقة المشكلات الميدانية للمعلمين في ضوء الواقع الميداني وتزويدهم بكل التوجيهات والإرشادات اللازمة التي تمكنهم من السير قدماً في عملهم وتقيهم عثرات المهنة، وعدم إلمامهم بتكنيك وفنية التدريس التي تحتاج إلى الوقت والخبرة. بالإضافة إلى ذلك فإن المعلم لا يكون على علم تام بالفروق الفردية بين التلاميذ الأمر الذي يحتاج إلى خبرة طويلة في مجال التدريس كذلك الفروق الفردية بين المعلمين في قدراتهم واحتياجاتهم، الأمر الذي يحتم ضرورة وجود المشرفين. وأخيراً إن المعلم المنقول من بيئة مدرسية إلى بيئة مدرسية جديدة يحتاج لأن يتأقلم ويتكيّف مع الوضع الجديد ليتلاءم مع الإمكانات والفروق الجديدة وهذا يحتاج للتوجيه من المشرف التربوي الخبير. مشرفة أمانة إدارة التربية والتعليم بمحافظة وادي الدواسر