يقام حالياً في مؤسسة الفن النقي بالرياض معرض الفنان التشكيلي فهد الحجيلان الذي يحمل عنوان «سنوات الصفيح»، ويستمر عشرة أيام حاملاً عنوان «سنوات الصفيح». عنوان يأتي ضمن الكثير من العناوين التي عرف بها الفنان الحجيلان معارضه، جاعلاً من هذه العناوين خطوات مبدئية يمكن اعتبارها مفتاحاً لكشف ما تحمله اللوحات التي تخصص فيها الفنان واختار لها إيقاعاً لونياً يختزل فيه المساحة، ويحمله المعنى الذي -كما يقال- في قلب الشاعر. والفنان فهد -كما أشرنا في مقال سابق- أنه موسيقار وشاعر الألوان، مهما أوجزها في لون واحد او اثنين إلا أنها وبخبراته الطويلة في توظيف الكتلة استطاع أن يقدم إبداعات (مبسترة) يجمعها في كبسولة تستجمعها العين ويفسرها العقل، ويتلقاها المشاهد المثقف بلغة اللون والكتلة، والرمز والإشارة، بكل بساطة يخرج بها المتلقي من المعرض بإحساس مفعم بالدهشة والإعجاب. نجد في أعمال الفنان فهد الحجيلان قصصاً وروايات وحكايا لا يمكن إغفالها أو تجاهلها، مهما غلفها بالغموض، فهي تخرج من عمق اللوحة لتبوح بالكثير، فلكل لون لغته، ورمزيته، ولكل كتلة صغيرة كانت أو كبيرة أو فراغ يقابلها، تعني أن هناك حواراً بينها وبين الفنان. في سواد اللون هنا مبعث لشفافية لون هناك، معادلة بين القبح والجمال، وتعبيراً أن ليس هناك شيء غير جميل. يقول الفنان فهد الحجيلان في تقديمه للمعرض «سنوات الصفيح» هي جزء مني من مشروعه التشكيلي أحاول من خلالها إرسال أفكاري ورسائلي من خلال لون وفراغ من منطلق إيماني بأهمية اللون وقوة إيحاءاته والدلالات المختلفة التي يتركها لون واحد في الوقت نفسه. مجموعة سنوات الصفيح تميل أكثر إلى الذهنية اللونية، اختزلت مفرداتي فانسابت في أرجاء اللوحة بشفافية، متسلسلة حسب أهمية حضورها بحيث لا تطغى إحداهما على الأخرى، وبالتالي لا تطغى المعالجة اللونية على الفكرة الأساسية. أحاول من خلال معرضي تقديم علاقات لونية جديدة كي تخدم الفكرة في أعمالي إضافة إلى أنني أحرص على إعطاء المتلقى فرصة لإعادة صياغة واكتشاف مكنونات اللوحة وصياغة معانيها وعوالمها والجماليات التشكيلية الموجودة في خطوطها وألوانها. ويقول عنه عمر محمد طه صبير تحت عنوان (غموس اللون) يغمس فهد الحجيلان يديه باللون فتتفتح آفاق اللوحة على إبداعية لا تنضب. العمل الفني عند فهد يعني التجاوز والخروج عن النص. وكما قال «حسن موسى» الناقد والفنان السوداني: الموضوع هو ذريعة للدخول في العملية التشكيلية. والتشكيل يعني العمل على السطح واستخراج «لقى» من هذا السطح. تجاوز فهد الوجه الإنساني أو البورتريه فأصبح مساحة لونية ملغزة، وكبر حجم اللوحة فأصبحت مشروعاً تجاوز المفاهيم والإشكاليات التي يغرق فيها الباقون. وكما يقول فهد نفسه البورتريه والمنظر الطبيعي عنده على درجة سواء. فهو يعيد تفكيك البورتريه ليصبح منظراً طبيعياً أو المنظر الطبيعي ليصبح ملامح مركبة تشبهه وتشبهنا. فهد ممن يدعون إلى التواصل مع العالم وعدم القطيعة مع ثقافات الآخرين بدعوى الأصالة. فالأصالة هي أن تكون نفسك، وأن تفتش في داخلك عن مشروعك، وهو بهذا التوجه يؤسس لمشروع «بصري» جديد.