بادي ذي بدئ لا بد من الإشادة بخطوات التطوير والأداء المتميز تقنياً لمرافق وزارة العدل من محاكم وكتابات عدل بمختلف أنواعها ومناشطها، وأزيد على ذلك التحسن «غير الكامل» في نفسية العاملين في هذا القطاع، وبخاصة القضاة وكتَّاب العدل الذين يكاد يجمع الناس على ضيق نفوس بعضهم، وعدم سعة صدورهم مع التسويف وزيادة المماطلة في حقوق الناس بضرب مواعيد تشابه إلى حد كبير مواعيد أطباء الأسنان في العيادات الخارجية في مستشفيات وزارة الصحة!! وللحق أقول: إن هناك من القضاة وكتاب العدل من يمثّلون أنموذجاً للموظف المخلص المتفاني باحترام المواعيد، والحرص على حقوق الناس والابتسامة والبشاشة، وعدم التجهم وحسن الخلق، ولعلي أسوق مثلاً وشاهداً طرحه أحد الإخوة يقول: أنهيت إجراءات شراء أراض في أسبوع واحد، وعند الانتهاء من إجراءات الإفراغ، قال لي واحد منهم دعاءً من القلب: أسأل الله أن يبارك لك فيما اشتريت، ويخلف عليك بخير، كما سأل الله البركة في ما قبضه البائع من مال، وحينما دعا أمَّن الحضور، وقلت: الحمد لله شتَّان بين هذا الرجل وبين كاتبي عدل آخرين لم يطبّقا مقولة «سكتم بكتم» فقط، بل نظرا إلي وإلى المشتري نظرة عابسة، وكأنهما يحسدان الناس على ما آتاهم الله من فضله. ومعظم القراء راجعوا الأجهزة القضائية لتوثيق معاملات أو لحقوق لهم، وشاهدوا تبايناً ملحوظاً في أسلوب العاملين، وحينما أسوق الشواهد السلبية فلا يعني التعميم بالقدر الذي أحرص على أنه يجب على المنتمين لهذا القطاع المهم الحرص على كل خلق حميد والحلم، وسرعة الإنجاز، وإنصاف الناس وحفظ حقوقهم دونما تأخير، وإذا كنا نطالب هؤلاء بأداء ما استحق عليهم أداء للأمانة، فإنني هنا في مقام آخر أطالب وأناشد المسؤولين في وزارة العدل، وعلى رأسهم معالي الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى، بحقوق القضاة وكتَّاب العدل، فوزارة العدل هي الجهة التي لمس الكثير استخدامها للتقنية في الصكوك الصادرة من المحاكم وكتابات العدل، ويقوم على هذا العمل القاضي وكاتب العدل وكاتب الضبط وغيرهم ممن يعملون في الدوائر الشرعية القضائية، وللأسف هؤلاء يعملون على الحاسب الآلي بدءاً من القاضي، وانتهاءً بموظف السجل، ولكن لا يصرف لهم بدل استخدام الحاسب الآلي المنصوص عليه في أنظمة الدولة، فهؤلاء ينجزون معاملات الناس آلياً وعلى أجهزة حاسب آلي بعد تشغيل نظام الحاسب الآلي منذ عدة سنوات، وقريباً سيكون نظام المحاكم الإلكتروني، وهو أحد المحاور المهمة لمشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - ولقد أمّنت الوزارة الأجهزة التي تتواكب وهذا التطور ودربت القضاة وكتَّاب العدل والموظفين، وبقي الجزء المهم ألا وهو حقوق العاملين على هذه الأجهزة، ولا بد من صرفها أسوة ببقية الأجهزة الحكومية، كوزارة التعليم العالي التي صرفت ما يخص أعضاء هيئة التدريس رغم قلة ما يقومون به في هذا الجانب قياساً بمعاملات الدوائر القضائية، فمعظم كتابات العدل الآن تصدر منها الوكالات والصكوك إلكترونياً وعبر أجهزة الحاسب الآلي، ووصل هذا التطبيق في 70 كتابة عدل حتى منتصف الشهر الماضي، ومن باب الإنصاف والعدل أن نحفظ حق العاملين وفي الوقت نفسه نطالبهم بحسن الأداء والالتزام، ونضيف عليهم مطلباً آخر الابتسامة والبشاشة والحلم مع المراجعين. إنني أسوق هذا المطلب لمعالي الوزير دونما مطلب من أحد، ولعلي أؤكّد على أن هذا المقال منشؤه مراجعتي لكتابة العدل الأولى في جنوبالرياض التي وجدت فيها تفانياً ودقة وسرعة إنجاز، وصورة مغايرة لما عهدناه في السابق من منسوبي هذا القطاع، فبادرت بالشكر المباشر لهم، واستفسرت عن مجريات العمل والحوافز عبر كاتب العدل ريثما يتم طبعة الوكالة، فصعقت حين علمت أن عملهم مع الحاسب بلا مقابل!! ومن باب الإنصاف فيجب أن نقول لهم (خذوا وأعطوا) فحق لهم أن نطالب بحقهم، وأن نطلب منهم الإنجاز السريع، والابتسامة الدائمة. ومن العدل أن نطالب بما لهم وما عليهم... والله من وراء القصد. [email protected]