القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية» التي انعقدت في الرياض، في ظل عدد من التحديات تقف في وجه الاقتصاد العالمي، الذي يمثل الدائرة الأوسع المحيطة بالاقتصاد العربي، فمازال الاقتصاد العالمي يموج بالعديد من مظاهر الضعف وعدم الاستقرار المالي والنقدي، وهو ما يقلص فرص نمو الاقتصاد العربي ذاته، لارتباطه بعلاقات تجارية واستثمارية قوية بالاقتصاد العالمي. بجانب ذلك، يمر الاقتصاد العالمي في المرحلة الراهنة بتغيرات جوهرية، أعطت الفرصة لبروز قوى اقتصادية صاعدة، وظهور تجمعات اقتصادية جديدة على الساحة، كتجمع دول ال»بريكس»، وهي (الصين والهند وروسيا والبرازيل وجنوب إفريقيا) ، وأصحبت الفرصة سانحة أمام الاقتصاد العربي، لاحتلال موقع مهم في المشهد الاقتصادي العالمي. من جانب آخر يحيط بالاقتصاد العربي بعض التحديات، مثلا عدم الاستقرار السياسي والأمني التي تمر بها بعض دول المنطقة، والتي ولدت ضغوطاً جديدة عليه، إضافة كارتفاع معدلات البطالة، وضعف الهياكل الإنتاجية، وتدني مستوى الاستثمارات العربية البينية، والفجوة الغذائية الآخذة في الاتساع بمرور الزمن، والتي تضاعفت قيمتها خلال السنوات الخمس الماضية. كل هذه التحديات الداخلية والخارجية ، انعكست بشكل واضح على أعمال قمة الرياض ومناقشاتها ومقرراتها، وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى ملمحين مهمين في «إعلان الرياض» الذي صدر عن القمة، وهما : اعتماد الاتفاقية المعدلة لاستثمار رؤوس الأموال بالدول العربية لتتواءم مع المستجدات على الساحة العربية والإقليمية والدولية، والثاني : اعتماد الإستراتيجية العربية لتطوير استخدامات الطاقة المتجددة بهدف مواجهة الطلب المتزايد على الطاقة. مما يعطي انطباع بأن هناك وعياً عربياً لأهمية قضيتي تشجيع الاستثمار البيني من ناحية، والاهتمام بقضية الطاقة المتجددة من ناحية أخرى. وتأتي أهمية مثل هذه القمة الساعية للتنمية الشاملة، بشقيها الاقتصادي والاجتماعي، خاصة في ظل تعاملها مع هذا الكم من القضايا المتشابكة، وتركيزها على القضايا الأكثر إلحاحاً في الواقع العربي الحالي، وسعيها الحثيث لإيجاد أرضية مشتركة تجمع الدول العربية على قاعدة من المصالح الاقتصادية المتبادلة، للانطلاق إلى مرحلة جديدة من التعاون المثمر الذي يستفيد منه الجميع دون استثناء، وتمتد آثاره إلى الأجيال الحالية والمستقبلية. والله الموفق ،، [email protected]