كشفت التقارير الصادرة من مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما"، ارتفاع إجمالي الديون المتراكمة على المواطنين للبنوك والناتجة عن القروض الاستهلاكية وبطاقات الائتمان، حيث بلغ حجم القروض الاستهلاكية مبلغ 246.9 مليار ريال في نهاية الربع الأول من عام 2012، محققاً ارتفاعاً بنسبة 19% مقارنة بالربع الأول من عام 2011م وارتفاعا بنسبة 12% مقارنة بالمعدل الربعي للعام 2011. وقال الاقتصادي محمد البشري، أن القروض الاستهلاكية شكلت حوالي 84% من إجمالي محفظة القروض البنكية، مما يعتبر مخالف للأنظمة المحلية المتعلقة بالنسب المحددة لمجالات الإقراض البنكية، وهذا يوجب على مؤسسة النقد "ساما" التدخل السريع لضبط الأمر. واضاف ان المراقب لسوق الائتمان السعودي يلاحظ التحركات السريعة للبنوك في الآونة الأخيرة، حيث تحركت البنوك في اتجاهين، الاتجاه الأول هو التوسع في الإقراض للمواطنين لزيادة عدد المقترضين، والاتجاه الآخر هو زيادة حجم القروض عن طريق العزم على تقديم مقترح لمؤسسة النقد السعودي "ساما" خلال الفترة القادمة بطلب رفع القروض الاستهلاكية المقدمة للأفراد من 15 إلى 20 راتبا، وربما زيادة فترة السداد لتتجاوز حاجز ال5 سنوات، وكل ذلك بحجة مواكبة النمو الكبير الذي يشهده الإقراض من عام لآخر. لكن حقيقة الأمر أن هذه التحركات المحمومة من البنوك إنما هي تحركات استباقية لمواجهة المنافسة القادمة من شركات التمويل الجديدة، والتي أقر مجلس الوزراء نظامها، والتي من المتوقع أن تبدأ في العمل قريبا تحت مظلة مؤسسة النقد "ساما"، و حتماً سوف تقوم هذه الشركات بالدخول في منافسة مع البنوك حيث من المتوقع أن تقدم خدمات إتمانية بشكل أكثر إحترافية وتنافسية من البنوك، مما سيؤثر على الوضع الاحتكاري التي تمتعت به البنوك السعودية خلال العقود السابقة والذي مكنها من فرض شروطها الخاصة للإقراض، ابتداءً بفرض رسوم إدارية عالية وانتهاءً بتقاضي نسبة عمولة أكبر، مما تتقاضاه البنوك خارج السعودية، نظراً لإستخدام البنوك المحلية عملية الحساب التراكمي في احتساب العمولة. واوضح أنه بلغ عدد المقترضين من البنوك مايقارب 1.54 مليون مقترض أي حوالي أكثر من 90% من المواطنين السعوديين العاملين في القطاعين الحكومي والخاص البالغ عددهم 1.68 مليون موظف في نهاية 2011م . واكد ان كل المعلومات السابقة الذكر تثير القلق وتدق ناقوس الخطر، وخصوصاً إذا علمنا أن هذه القروض هي قروض استهلاكية وليست قروض لأغراض إنتاجية أو من أجل تنمية أو تكوين أصول ثابتة كتملك مساكن أو البدء في تأسيس مشاريع إنتاجية، ومما زاد الطين بله وجود عجز كبير بين مستوى الدخل وارتفاع متطلبات الحياة للكثير من المواطنين الذين لا حيلة لهم لسد عجز الميزانية المنزلية فيلجأون للاقتراض، وبالتالي يظل المواطن مرهوناً للديون لسنوات عديدة مما يحول المجتمع إلى مجتمع مستهلك مثقل بالديون بدلا من مجتمع منتج ولديه مدخرات جيدة. وقال البشري: نرى أن مسؤولية تنظيم سوق الائتمان السعودي يقع على عاتق مؤسسة النقد السعودي "ساما" بالدرجة الأولى حيث يجب عليهم القيام بواجبهم في اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من مشكلة ارتفاع معدلات الديون عن طريق ضبط عملية رفع الحد الأعلى لبطاقات الائتمان، ووضع ضوابط ومعايير دقيقة وصارمة تلتزم بها البنوك في عمليات الإقراض للمواطنين، وخصوصاً القروض الاستهلاكية وبذل المزيد من الجهود لنشر ثقافة الاستثمار والادخار لدى المواطنين.