كنت في السفارة السعوديَّة في لندن ضمن حضور إحدى فعاليات حوار العدالة برئاسة وزير العدل الشيخ الدكتور محمد العيسى حين أطلت سيدة بيضاء وقورة، تلتحف السواد، ولا تضع شيئًا من مساحيق التجميل على وجهها. قالت: إنّها جاءت للقاء الوزير حين علمت بوجوده في بريطانيا، وفي السفارة السعوديَّة تحديدًا. سمعتها تقول للشيخ العيسى: إنّها أرملة ضحية بريطاني قضى في أحد التفجيرات الإرهابيَّة في المملكة، وترغب في حضور محاكمة قتلة زوجها لتشهد القصاص منهم.. كانت السيدة البريطانية تستمع إلى وزير العدل وهو يتحدث عن سير العدالة وحزم المملكة في إمضاء حكم العدالة في الإرهابيين بعد المحاكمة، وتُؤكِّد حقها في القصاص. وبحصافة المحاور كان الوزير العيسى يستشهد بموقف تلك السيدة البريطانية من قتلة زوجها، والألم الذي يعتصر قلبها، وهو يحاور مسؤولي العدالة البريطانيين ويقول لهم: إن الله - عزَّ وجلَّ - حقَّق تكامل العدالة في قوله تعالى: وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أوليْ الأَلْبَابِ... ، ليكون القصاص محركًا لاستكمال واستمرار الحياة البشرية لا توقفها.. *** تذكَّرت بالأمس ذلك اللقاء الذي حضرتُ تفاصيله وأنا أقرأ الهجوم الذي تشنّه الصُّحف البريطانية على المملكة إثر تنفيذ حكم القصاص في العاملة المنزلية السريلانكية «ريزانا نافيك» في محافظة الدوادمي، التي اعترفت بقتل طفل رضيع في المهد إثر خلافها مع والدته. *** صحيفتا «الإندبندنت» و«الديلي تلجراف» البريطانيتان تجاوزتا قضية جريمة القتل البشعة وحق الضحية، واختارتا الدفاع عن القاتلة واحترام حقَّها في الحياة دونما اعتبار لقلب أمٍّ وأبٍ فقدا رضيعهما في عملية انتقام غادرة.. وتجاهلت الصحيفتان أن من دفع العاملة القاصرة -إن صحَ الخبر- إلى العمل في هذه السنِّ هم أبناءُ جلدِتها وليس أحداً في المملكة. *** العجيب أن الجماعات والمنظمات المناوئة لعمليات الإعدام تتجاهل حق طفل أو طفلة في الحياة، وجريمة إزهاق روحه في لحظة غضب وانتقام، للدفاع عن قاتل أو قاتلة بحجة الدفاع عن الحياة.. ولم يدركوا أن من يتبنى قتل القاتل لا يستهدف إزهاق الأرواح بل إحياءها.. وقد صدق الله جلّ علاه حين قال: وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أوليْ الأَلْبَابِ.. وشواهد العقل والتجربة تؤكد ذلك. دمتم بودٍّ، وإلى لقاء. عبر تويتر: fahadalajlan@