يقول الله تبارك وتعالى في محكم التنزيل: (قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ) النمل 65 ويقول عز من قائل (وعنده مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَآ إِلاّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاّ فِي كِتَابٍ مّبِينٍ) الأنعام 59 مع مطلع كل عام ميلادي جديد تشتعل كثيرا من الفضائيات ومواقع الانترنت باستضافة منجمين وفلكيين يدعون الإحاطة بما سيحدث في العام الجديد! وهم يتكاثرون كالفطر، ويزيدون سنة بعد أخرى، وقد وجدوها تجارة رابحة يستدرون بها الأموال ويتراكضون بادعاءاتها إلى الشهرة، حتى غدوا نجوما يتصدرون الأخبار والاستضافات في المحطات التلفازية وتنقل أقوالهم على أنها إعجاز واختراق للقدرات البشرية العادية، فتجد القناة التي تستضيف أحدهم تضفي عليه هالة من الإكبار والإعجاب ترقى به إلى التصديق المطلق بما يقول، ورغبة في تأكيد كلامه تأتي بأدلة واقعية من أحداث وقعت العام الماضي كان قد أشار إليها، والحق أنه قال كلاما عاما غير محدد لا يمكن أن يؤاخذ به إن لم يقع منه شيء ويمكن أن يقوي آراءه لو وقع منها شيء، فهو تحايل وتذاك ولعب بالكلمات واستغلال لتوق الناس إلى معرفة ما تخبئه الأيام، ولا يعلم الغيب إلا الله سبحانه، ثم هو انحراف ومخالفة لقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة، ولقول الله تعالى: « أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ « النساء 51 والجبت هو السحر . وما يصدق من توقعاتهم آت من باب الصدفة، أو مما يدخل في العموميات المفتوحة القابلة للتأويل. والعجيب أن عوارهم قد انكشف وأن تخاريفهم قد انفضحت إلا أنهم لا زالوا موضع طلب واهتمام عند بعض الناس ؛ فكم أماتوا الفنانة اللبنانية « صباح « كل سنة ولم تمت! فقد استغلوا كبر سنها ومعاناتها من أمراض الشيخوخة المزمنة وتوقعوا أن يقع موتها تصديقا لتوقعاتهم وألاعيبهم على الناس! ويشبه توقعهم لصباح ادعاءاتهم بموت فلان من الناس من المشاهير ؛ لأنه يعاني مرضا خطيرا ويتوقع موته في أية لحظة، فإذا حدث ذلك استغلوه للتلاعب بعواطف السذج ؛ فهذا أحدهم من مشعوذي الفلك العراقيين من طائفة غلاة الشيعة الذي يعتقد بألوهية علي، ويعترف على الهواء بأنه يستخدم المحرمات للاستعانة بالجن ؛ أي أنه يشرك مع الله غيره فهوكافر؛ هذا الدعي المشعوذ تنبأ بأننا كلنا في الخليج سنغرق جميعا عام 2012 بتسونامي خطير لا يمكن لنا النجاة منه! وهاهو يتوقع في هذا العام الجديد 2013م بأن زلزالا خطيرا سيقضي على منطقة الخليج برمتها! ويبدو أن أحقاده الفارسية المجوسية قد دفعته إلى أن يتمنى ذلك، ويخرف بأن نهاية العالم ستكون عام 2014م بحرب نووية، والشرارة ستبدأ من كوريا! هذا الجاهل المخرف عامي لم يتعلم اللغة العربية ولا يحسن قراءة القرآن الكريم ولا الحديث النبوي الشريف، فيقرأ الآيات الكريمة ملحونة محرفة، وهو ما يدل على جهله وأميته وشعوذته، وقد أحسنت إدارة قمر « عربسات « بحجب قنوات الشعوذة والكهانة والتنجيم ؛ لأنها والحق إشاعة للانحراف في العقيدة، وتعلق بغير الله تعالى، وتوسل بالبشر لجلب نفع أو دفع ضر، وضحك على العقول، واستخفاف بآلام ومشاعر من يتواصلون معهم، واستدرار للمال بالخديعة والادعاء والتحايل، وانتشار مثل هذه التفاهات في وسائل الإعلام أو تشجيعها وأخذ ما يخرف به أدعياء علم الفلك ممن يسمون أنفسهم بالروحانيين فيه إشاعة للشرك، وإضعاف للإيمان بالله الذي لا يعلم أسرار الحياة والموت والرزق والفناء والبقاء والصحة والمرض إلا هو، وفيه إعلاء من شأن السحرة، ونحن نعلم أنهم يستخدمون الكفريات في أعمالهم، ويدنسون القرآن الكريم، ويشعوذون على العامة، ويستغلون النساء خاصة في مسائل الحب والكراهية والتفريق والجمع، واللجوء إليهم أو تصديقهم أو أخذ ما يتوقعونه على محمل التصديق سواء كان ذلك في الخاص أو في الشأن العام إشراك مع الله غيره في العلم بالأسرار، ولا يعلم الغيب إلا الله وإذا كان هؤلاء العباقرة مطلعين - كما يزعمون - على ما سيحدث فلم لا تستعين بهم حكومات الدول الكبرى لتتقي بهم حروبا، ولتجلب بهم مصالح، ولتدفع عن نفسها كوارث اقتصادية أو طبيعية أو قلاقل سياسية؟! ولم لا يستعان إذاً بهم في معرفة علاجات كثير من الأمراض وتقفل المستشفيات وتغلق كليات الطب؟! ولم لا يستعان بهم في معرفة الكوارث قبل وقوعها فيهاجر أصحاب جزيرة مهددة بالزلزال أو بتساونامي قبل وقوعه؟! ولم لا يهرب الناس من الحرائق قبل اشتعالها؟! ولم لا ينجو الناس بأنفسهم وأموالهم من حرب قد تشتعل في بلد من البلدان قبل حدوثها؟! حين يغيب من يصدق هؤلاء المشعوذين الدينَ والعقلَ والمنطقَ والعلمَ والوعيَ ويسلم بما يقوله المنجمون من تخاريف ؛ فإننا نعود بالفعل عما وصل إليه الإنسان من قناعات دينية واضحة مطمئنة، ومن علم تجريبي، ومن دراسات وأبحاث في مجالات الحياة كافة كالطب والبيئة والصناعة وغيرها، ونعود إلى عصر الجاهلية الأولى! [email protected] mALowein@