رد رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، على نظيره العراقي، نوري المالكي، الذي كان قد اعتبر أن تصرفات تركيا تجعلها "دولة عدائية،" فقال إن أنقرة "لا تفرّق بين السنّة والشيعة،" رافضاً التوسع بالتعليق خشية "منح المالكي فرصة الاستعراض،" في الوقت الذي كان فيه الأخير يزور طهران، حيث استمع إلى إشارات حول "الوحدة التامة" بين البلدين. وقال أردوغان، في حديث للصحفيين خلال رحلة عودته من العاصمة القطرية، الدوحة، إلى تركيا في وقت متأخر السبت: "لا حاجة لإعطائه (المالكي) فرصة للظهور، لقد قام وزير خارجيتنا بالرد على المالكي عندما قال في بيان مكتوب أن تركيا احتضنت على الدوام الشعب العراقي ووقفت إلى جانبه بالأوقات الصعبة." ولفت أردوغان إلى أن تركيا وقعت 48 اتفاقية مع العراق عندما كان ذلك البلد "يعيش أصعب اللحظات،" مضيفاً: "تركيا على تواصل مع جميع الطوائف والأحزاب السياسية، وسنواصل القيام بذلك بسبب الروابط الأخوية، إن تركيا لم تميّز أبداً ما بين السنّة والشيعة وعقدت لقاءات مع الجميع." وختم أردوغان بالقول: "العرب والكرد والتركمان، الجميع إخوة لنا، وموقف المالكي لن يفصل أبداً ما بيننا وبين إخوتنا في العراق،" وفقاً لما نقلته وكالة الأناضول الرسمية التركية. وكان المالكي قد أصدر بياناً الجمعة، هاجم فيه أردوغان بسبب تصريحات أدلى بها الأخير، واتهم عبرها نظيره العراقي بارتكاب أخطاء سياسية تزيد التوتر المذهبي في العراق عبر إقصاء السنّة من العملية السياسية. وذكر المالكي في بيانه أن تصريحات أردوغان "تمثل عودة أخرى لمنهج التدخل السافر بالشأن العراقي الداخلي وتؤكد أن السيد أردوغان مازال يعيش أوهام الهيمنة في المنطقة." وأعرب المالكي عن "أسفه" لوجود ما وصفه ب"البعد الطائفي" بمواقف نظيره التركي، معتبراً أن ذلك بات "مكشوفا ومرفوضا من قبل العراقيين جميعا،" مضيفاً: "إن الإصرار على مواصلة هذه السياسات الداخلية والإقليمية ستلحق الضرر بمصالح تركيا وتجعلها دولة عدائية بالنسبة للجميع." وبالتزامن مع التوتر المتصاعد بين أنقرة وبغداد، قام المالكي بزيارة بالغة الدلالة إلى إيران الأحد، حيث ناقش قضايا سياسية وأخرى اقتصادية، منها ما يتعلق بالكهرباء والبنية التحتية، في تلويح محتمل بالورقة الاقتصادية والاستثمارية للجانب التركي الذي تتنافس شركاته في العراق على الصفقات مع نظيرتها الإيرانية. وذكرت صفحة المالكي الرسمية أنه أطلع وزير وزير التربية الإيراني السيد حميد رضا حاجي بابائي، على حاجة العراق لبناء خمسة آلاف مدرسة، فرد الأخير بإعلان استعداد إيران للمساهمة في بناء المدارس، بينما عرض نائب الرئيس الإيراني، السيد محمد رضا رحيمي، تجهيز العراق بالكهرباء. من جانبها، نقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "ايرنا" أن مساعد الرئيس الإيراني للشؤون الدولية، علي سعيدلو، قوله إن حجم التبادل الاقتصادي بين إيران والعراق يبلغ حاليا نحو 9.7 مليار دولار، وأضاف انه نظرا للظروف القائمة فإن هناك إمكانية لزيادة ذلك "حتى ثلاثة أضعاف." ولكن التصريح الأبرز الذي أوردته الوكالة جاء عن طريق رحيمي نفسه، الذي قال بعد لقائه المالكي إن العلاقات بين الحكومتين والشعبين الإيراني والعراقي "فريدة من نوعها ولا تنفصم،" مضيفاً أن هناك "مؤامرات تحاك ضد الشعبين علي مستوي العالم بسبب معتقداتهما ومبادئهما،" وأن البلدين "سيشكلان قوة كبيرة على الصعيد الدولي إن أصبحا متحدين بشكل تام." يشار إلى أن المالكي يقود العراق بتحالف شيعي عريض، مكون من أحزاب وتيارات ترتبط بعلاقات مع إيران التي كانت قد انتقدت مؤخراً المواقف التركية الأخيرة من حليفها، الرئيس السوري بشار الأسد، ما دفعها لشن حملة ضد ما وصفته ب"الإسلام الليبرالي" الممثل بأنقرة، كما طلبت نقل المفاوضات حول ملفها النووي من اسطنبول إلى بغداد.