عاشت بلادنا مراحل من التطور والنماء يندر أن تمر بها دولة من دول العالم فمنذ أسسها الملك/ عبدالعزيز - طيب الله ثراه - والخير يتوالى تباعاً وكل عام يأتي بالجديد وكل عهد تسير فيه بلادنا خطوات واسعة نحو الرقي والازدهار, وإذا كان عهد خادم الحرمين الشريفين الملك/ عبدالله بن عبدالعزيز امتداداً لما سبق فإنه تميز بالتوجه إلى الاستثمار الحقيقي المتمثل في بناء الإنسان وتهيئة الظروف الملائمة له ليعطي وينتج, ذلك أن العنصر البشري هو الأساس في كل تنمية ورخاء وهو المستهدف بكل تطوير يكون على كافة الأصعدة, ولهذا فلم تكن ميزانية هذا العام مفاجئة للمحللين والاقتصاديين بل ولا لعامة الناس وذلك انطلاقاً من الواقع الذي تعيشه هذه البلاد المباركة في عهده - حفظه الله - ونتاجاً للسنوات الماضية من حكمه التي تميزت بالنمو الاقتصادي والرخاء الاجتماعي في ظل أجواء آمنة مستقرة, إلا أن الذي لفت أنظار المراقبين وصناع القرار هو شموليتها لكافة جوانب الحياة وحسن توزيعها على قطاعات الدولة مع التركيز على الجوانب المؤثرة في حياة المواطن والتي لها الدور الأساس في بنائه وتطويره والرفع من إمكانياته ليكون مواطناً صالحاً ذا دور فعال وجزء من العملية التنموية وتحويله من مستهلك إلى منتج, فقد حرص خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - إلى توفير كل ما يحقق ذلك له. فركز على الصحة والتعليم اللذين هما الركن الأساس ولا يمكن لإنسان مريض أو جاهل أن يعمل شيئاً أو أن يؤدي عملاً ولهذا ركزت ميزانية هذا العام على هذين الركنين فخصص لهما أكثر من نصف الميزانية حيث خصص (285) مليار ريال لقطاعات التنمية البشرية والبنية التحتية والخدمات, وحوالي (100) مليار لاستكمال المراكز الصحية الأولية مع بناء (19) مستشفى جديداً وخمس مدن طبية موزعة على كافة مناطق المملكة, كذلك التعليم الذي شغل حيزاً كبيراً يعادل ربع الميزانية بمبلغ (204) مليار شاملاً التعليم العام والعالي وتحسين البيئة التعليمية وتطويرها, وفي الوقت ذاته تم تخصيص مبالغ كبيرة لبناء الطرق وسكك الحديد والنقل العام داخل المدن وتأمين السكن الملائم وإنشاء الأندية والمدن الرياضية ودعم قطاعات التجارة والزراعة والصناعة. وخلاصة القول إن مشاريع البنية التحتية الضخمة التي تم اعتمادها وتدشين البعض منها وغير المسبوقة في تاريخ المملكة, سيلمس المواطن نتائجها, وتعطي ثمارها, عند استكمالها في القريب العاجل إن شاء الله, وهي تمثل استثمارا حقيقيا للوطن والمواطن على المدى البعيد. وفي الختام إن الحديث عن ميزانية هذا العام لا يمكن شموله في هذه العجالة وأن بلادنا تمر بعهد ذهبي قلما تعيشه الدول في كافة عصورها, وما صدر عن ميزانية هذا العام إنما هو جزء من تنمية مستدامة يستهدفها قائد هذه البلاد المباركة لتحقيق الأمن والرخاء والخير لأبناء الوطن ليكونوا مواطنين صالحين مشاركين في بناء وطنهم يتباهون ويفخرون به. أسأل الله أن يديم على خادم الحرمين الشريفين الصحة والعافية وأن يمد في عمره ويشد من أزره بولي عهده الأمين وإخوانه والمخلصين من أبناء هذه البلاد المباركة. معالي وكيل وزارة الداخلية