حين كنا صغاراً ننام ليلة العيد نحلم بالعيدية، ونردد بصوت عال حينا، وبصمت مطبق حيناً آخر، وكنا نغفو، ونصحو مرات ومرات قبل أن ينجلي ذلك الليل الطويل الذي يسبق عاصفة الفرح,,, فجر يوم العيد. حين كنا صغاراً,, كان للعيد معناه، وكانت لنا فيه مساييرنا ولحظاتنا التي لا تنسى، وكان لون الصباح مختلفاً,,, فيه من البهجة والسرور ومحطات الانتظار أمام أبواب الحي من الأقارب والجيران لنملأ مخابينا بالقريض والحلاو و,,,, الريالات. حين كنا صغاراً، كان للفرح طعمه الخاص الذي يعرفه الصغار، ويغار منه الكبار,,, ويتنهد أمامه المحرومون والمعوزون. خطر لي كل هذا,,, وأنا أراقب ما ينتظر صغار فلسطين ليلة العيد، وتخيلت أنهم مثلي كنا,,,, وكان آباؤهم وأجدادهم لن يناموا في انتظار الصباح، لكنهم لن يقفوا أو ينتظروا طويلاً أمام الأبواب والمخابىء ، ثم لن يغنوا أغاني العيد السعيد,,, ولن يملأوا شليلهم أو على الأقل أكفهم بالحلاو ولا القريض ، ثم انهم لن يناموا,,, لأن مؤخراً رصاص المستوطنين الصهاينة، وقذائف، وصواريخ جيش العدو الصهيوني لن يترك لهم مساحة زمنية للنوم في تلك الليلة. وخطر لي انهم يعاقبوننا جميعاً من بعيد، ويسهرون عيناً على رصاص يحصدهم، وأخرى على أمل ينتظرونه. ,,, كف تدفع عن صدورهم الشظايا العمياء، وأخرى تمتد الى وصولنا اليهم,,, واتصالنا بهم. حين كنا صغاراً، كان العيد لنا,,, وحدنا، وحين درجنا في ساحات الكبر,,, وتقدمت بنا السنون، بدأ العيد ينسحب عنا شيئاً,,, فشيئا, لكننا لن نتخلى عن أعيادنا بهذه البساطة, نحن أمة تعتز بدينها، وبقيمها، وتتمسك بوحدة آمالها وآلامها,,, وسيبقى العيد لنا حتى لو لم نعد صغاراً. ها هم كبارنا يجتمعون,,, وهم مصممون على أن تبقى الأعياد في ديار أمتنا العامرة بالخير والايمان، وعلى أعدائنا أن يفهموا,,, فهم لم يفهموا بعد القمة العربية!! ولم يفهموا بعد القمة الاسلامية!! ولكن الأحداث ومعاقبة المعتدين سياسياً وتطبيعياً بدأت تقول لهم: عليكم أن تفهموا. وها هي القمة الخليجية تنعقد، ولها ما لها، وفيها ما فيها,,, وعلى اسرائيل ان تفهم أن ما تنتظره يختلف بل ويتضاد مع ما انتظرته من قمة نيس ,اسرائيل لا تفهم,,, ولن تفهم,,, ولا تريد أن تفهم,,, وتاليتها.