صفات القاضي: وهي نوعان: واجبة ومستحبة والواجبة: فهي عشر صفات أن يكون مسلماً عاقلاً، بالغا، ذكرا، حراً، سميعاً، بصيراً، متكلماً، عدلاً، عارفاً بما يقضي به. المستحبة: وهي خمس عشرة صفة: 1 أن يكون عالماً بالكتاب والسنة بالغاً درجة الاجتهاد. 2 أن يكون عالماً بما يحتاج إليه من العربية. 3 أن يكون عالماً بعقد الوثائق. 4 أن يكون ورعاً في دينه وهي زيادة على عدالته. 5 أن يكون غنياً فإن كان فقيراً أغناه الإمام وأدى عنه دينه. 6 أن يكون صبوراً حسن السيرة والسلوك. 7 أن يكون وقوراً، عبوساً في غير غضب. 8 أن يكون حليماً. 9 أن يكون رحيماً يشفق على اليتامى والأرامل وغيرهم. 10 أن يكون جزلا في تنفيذ الأحكام. 11 أن لا يبالي بلوم الناس ولا بأهل الجاه, وأن يكونوا عنده وفي مجلس القضاء على السواء. 12 أن يكون من أهل البلد الذي يقضي فيه، وهذا مما يساعده على معرفة أحوالهم وخفاياهم. 13 أن يكون متيقظاً لا متغفلاً. 14 أن يكون معروف النسب فلا يكون ولد زنا. 15 أن لا يكون قد حكم عليه بحد من قبل. فيمَ يفصل القاضي؟ 1 الفصل بين المتخاصمين، اما بصلح عن تراض وهو الأول، واما بإلزام الحكم جبرا نافذا. 2 قمع الظالم غصبا، ونصره المظلوم واعطاء كل ذي حق حقه. 3 إقامة الحدود بما شرع الله ورسوله ، والقيام بحقوق الله. 4 النظر في الدماء والجراح. 5 النظر في اليتامى والمجانين وتقديم الأوصياء عليهم حفظا لأموالهم. 6 النظر في الأحباس. 7 تنفيذ الوصايا. 8 عقد نكاح النساء اذا لم يكن لهن ولي أو عضلهن الولي. 9 النظر في المصالح العامة. 10 الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ولا يقضي القاضي بعلمه، سواء علم بذلك قبل القضاء أو بعده، بل يقضي بحجة ظاهرة، وهي اعتراف، أو شهادة، أو يمين، أو نكول، أو حوز في دعوى الملك، أو لوث في الدماء، أو معرفة، العفاص والوفاء في اللقطة، وله الاجتهاد في الحكم، فإن أصاب فله أجران وان أخطأ فله أجر. أما آداب القاضي فهي ثمانية وعشرون: 2 أن يكون قويا من غير عنف، ليناً من غير ضعف، حليماً ذا أناءة وفطنة، بصيراً بأحكام الحكام قبله. 2 أن يكون على أعدل أحواله في المجلس الشرعي، وغير غضبان ولا جائع ولا شبعان، ولا حاقن، ولامهموم بما يشغله عن فهم الدعوى من المدعين. 3 أن يكون مقر مجلسه الشرعي في وسط البلد ان أمكن ذلك. 4 أن يبدأ بالأول، فالأول فإن حضروا دفعة واحدة وتشاحوا، قدمهم بالقرعة، فإن كان المختصمان مسلماً وكافراً قدم المسلم. 5 أن يكون مجلسه غير بعيد حتى يصل إليه القوي والضعيف. 6 ولا يجلس بالليل ولا في أيام الأعياد وكذلك الجمع. 7 أن لا يسمع كلام أحد الخصمين في غيبة الثاني. 8 أن يشاور أهل العلم ولا يفتي في مسائل الخصام. 9 أن يختار كاتباً مرتضياً أميناً عابداً صدوقاً، ومترجماً بصفة الكاتب. 10 أن يتفقد السجون ويخرج من كان مسجوناً بغير حق بعد المناداة ثلاث مرات فان حضر خصمه، والا أخذ عليه الكفالة، وأخلى سبيله بعد أن يستحلفه. 11 أن يسوي بين الخصمين في لحظة ولفظه ومجلسه، والدخول عليه، ولا يسار أحدهما، ولا يلقنه حجته، ولا يعلمه كيف يدعي في أحد الوجهين. 12 أن لا يقضي وهو غضبان، لما رواه أبو بكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يقضين حاكم بين اثنين وهو غضبان ولأنه ربما حمله الغضب على الجور في الحكم لأنه ان جار، كان موعوداً بما رواه ابن أوفى مرفوعاً أن الله تعالى مع القاضي مالم يجر فاذا جار تخلى عنه ولزمه الشيطان . 13 أن لا يبيع ولا يشتري في عروض التجارة. 14 أن لا يقضي لوالده وولده، بل يصرف الحكم في ذلك إلى غيره، ويجوز له أن يقضي عليهما. 15 أن لا يقضي على عدوه، ويجوز له أن يقضي له. 16 أن يزجر من تعدى من المتخاصمين على الآخر في المجلس الشرعي، بشتم أو غيره. 17 أن يعاقب من آذاه من المتخاصمين أو شتمه أو تنقصه أو نسب إليه جور. 18 أن يتجنب مجالس الناس والمشي معهم إلا لحاجة. 19 أن يجتنب الولائم ، إلا وليمة النكاح وله ترك الأكل. 20 أن لا يقبل الهدية بأي وجه من الوجوه، لأنها دليل هزيمته والطعن في حكمه، إلا ماكان من الأقربين له. 21 أن لا يطلب من الناس الحوائج بأي صفة. 22 يستحب له عيادة المرضى وشهود الجنائز اذا لم تشغله عن الحكم. 23 أن لا يحكم الا بحضرة الشهود ولا يحكم لنفسه. 24 له السؤال عن أحوال الشهود سرا، ليعرف العدل من غيره. 25 أن لا يتعقب حكم من قبله، إلا إذا تبين له أنه كان معروفاً بالجور، وله أن ينقض قضاء نفسه إذا تبين الحق. 26 لا ينبغي له أن يصغي بأذنه للناس في الناس، فيفتح على نفسه بذلك شراً عظيماً. 27 لا ينبغي أن يكثر من مصاحبة الناس، إلا أن يكونوا أهل أمانة ونصيحة، وفضل فلا بأس بذلك، فإذا حصل الدخال والركاب حصل التردد، وإذا حصل التردد إلى القاضي ثلاث مرات في غيره حاجة، فذلك جرح في عدالته. 28 ينبغي له اجتناب بطانة السوء، ولا يأتي إلى أحد من الناس، إلا الذي ولاه أو منهم بمنزلته من القضاة. ما يجب مراعاته في مجلس القضاء: 1 عدم الجلوس على حال تشويش. 2 عدم القيام من مجلسه متشاغلاً عن القضاء بما يؤثر عليه الشك. 3 لا ينبغي له أن يأكل حتى يشبع ثم يخرج للقضاء، لأن الفهم ينطفي مع الشبع. 4 لا ينبغي له أن يدخل مجلس القضاء مهموماً، لأن القلب يشتغل مع الهم. 5 لا ينبغي له أن يدخل مجلس القضاء جوعان، لأن الغضب يسرع مع الجوع. 6 عدم القضاء ماشياً لأنه يفرق رأيه ويخل فهمه. 7 ينبغي له الجلوس في مجلس الحكم متريحاً ليمكنه الاصغاء إلى ما يقال. 8 عدم الضحك في مجلسه، بل يلزم العبوس من غير غضب، وعدم رفع الصوت عنده. 9 عدم التشاغل بالحديث في مجلس القضاء، لأنه يشتت رأيه. 10 لا يكثر من القضاء جدا حتى يأخذه النعاس والضجر، فإن عرض له شيء من ذلك فليقم من مجلسه ويدخل بيته، أو يدفع الناس عنه فترة. أما سيرة القاضي في الأحكام فعشرة أمور: 1 لا يقضي حتى لايشك أن قد فهم لما يجد من الحيرة فلا ينبغي أن يقضي بينهما. 2 إذا كانت القضية مشكلة فيكشف حقيقتها في الباطن، ليتمكن من الوصول إلى الحق. 3 أن لا يقضي في القضايا التي اشكلت عليه، إلا بحضور أهل العلم وهذا قد يكون سابقاً أو رفعها إلى رئيس المحكمة أو إلى مجلس القضاء الأعلى، أو هيئة التمييز للنظر فيها وإصدار الحكم. 4 لا يفتي القاضي في مسائل الخصومات لأهل بلده. 5 إذا أشكل على القاضي أمر تركه، وله أن يأمر المختصمين بالاعادة حتى يفهم عنهما. 6 وله أن يصلح بينهما اذا اشكل عليه وجه الحكم بالإرشاد. 7 له أن يصرفهما إلى قاض غيره، ان كان هناك قاض آخر. 8 لا يعدل إلى الصلح اذا تبين له وجه الحكم، بل يقطع به. 9 له إذا خشي الفتنة بأسباب انفاذ الحكم بين الخصمين، خصوصاً وان كانا من أهل الفضل، أو بينهما رحم، أن يقيمهما ويأمرهما بالصلح، لما يروى عن عمر بين الخطاب رضي الله عنه : أنه قال/ ردوا القضاء بين ذوي الأرحام حتى يصطلحوا، فإن فصل القضاء يورث الضغائن . 10 إذا تبين للقاضي موضع الظالم من المظلوم، لم يسعه من الله الا فصل القضاء. أما فيما يبتدى بالنظر فيه ففيه خمسة أمور: 1 الكشف عن الشهود والموثقين، فيعرف حاله من لا يعرف حال منهما، ويمحص عدالتهما. 2 عليه أن يثبت عدالة من ثبتت عدالته، واسقاط من فيه جرح، واراحة المسلمين منه ومن أذيته. 3 عليه أن يصرح بعزل من عزله،وأن يسجل عليه شهادة الزور كتاباً مخلداً. 4 عليه أن يكشف عن المحبوسين، فينظر في أمورهم وفي مدة إقامتهم في الحبس، لئلا يكون فيهم من طالت إقامته، أو حبس ظلماً. 5 عليه النظر في الأوصياء واليتامى، ويأمر من يبلغ أمره أنه قد حجر على كل يتيم لا ولي له، وكل سفيه تجب عليه الولاية. وسيرة القاضي مع الخصوم وفي ذلك أمور واجبة عليه هي: 1 إذا حضر الخصمان بين يديه فليسوِّ بينهما في المجلس، والتكلم والنظر إليهما، مالم يطلبه أحدهما حين الشروع في سماع دعواه، ليفهم ما يقوله المدعي فلا بأس عليه من النظر إليه بمفرده. 2 له أن يحضهما عند ابتداء المحاكمة على الوقار، وعدم رفع الصوت والتودد، وعدم الاضطراب وحصر الكلام. 3 أن يقعدهما بين يديه سواء كانا ضعيفين أو كانا قويين، وخصوصاً ان كانا من أهل الجاه فعليه المساواة في المقعد، وأن لا يقرب أحدهما إليه، ولا يقبل هو عليه دون خصمه. 4 أن لا يميل إلى أحدهما بالسلام، أو بالترحيب، ولا يرفع مجلسه، ولا يسأل أحدهما عن حاله أو خبره أو أي أمور من أموره. 5 أن لا يسارهما جميعاً او أحدهما، لأن ذلك يجرئهما عليه ويطمعهما فيه. 6 وله أن يرفع مجلس المسلم عن الذمي، لقوله صلى الله عليه وسلم ولا تساووهم في المجلس ويروى عن عليرضي الله عنه أنه خاصم يهودياً عند القاضي شريح، فجلس علي رضي الله عنه في صدر المجلس وجلس شريح والذمي دونه، وقال:لولا أن النبيصلى الله عليه وسلم نهى عن مساواتهم في المجلس لجلست معه . 7 لا ينبغي للقاضي أن يدخل عليه أحد الخصمين دون صاحبه، لافي مجلس قضائه، ولا في خلوته، ولا وحده، ولا في جماعة. 8 لا ينبغي أن يضيّف أحدهما، ولا يقف معه، ولا يركبه، ولا يركب معه، لأن مثل ذلك يدخل عليه سوء الظن. 9 لا ينبغي له تلقين أحدهما حجته. 10 أن يحكم بين الخصمين الأول فالأول. 11 أن يزجر الشاتم منهما للثاني. 12 إذا شتم الخصم الشاهد وقال له شهدت علي الزور فللقاضي تنكيله. 13 إذا نهى القاضي أحد الخصمين عن الثرثرة بالكلام، وخلط الحجج على صاحبه ولم ينته فللقاضي تأديبه. 14 إذا فرغ المدعي من دعواه كلف الخصم بالجواب عنها. 15 لا يستحلف القاضي المدعي عليه إذا أنكر، إلا بأذن المدعي. 16 إذا أقر الخصم دعوى المدعي كتب اقراره في دفتر الضبط، وأمر بالخروج عما وجب عليه. 17 على القاضي أن يراقب أحوال الخصوم، ومنطق كل منهما عند الادلاء بالحجج، خصوصاً وأن الناس في هذا الزمان، كثرت مخادعتهم وقلت أمانتهم، إلا ماشاء الله. 18 ينبغي للقاضي موعظة الخصمين بالترهيب، وكذلك الشهود. 19 ان لا يسمع الدعوى في الأشياء التافهة. 20 له أن يستمع إلى دعوى المدعي، ويطلب تكرارها ليفهمها. 21 للقاضي تأديب من استهان به عند الطلب له. 22 وله مجازاة المدعي عليه، إذا تغيب أو تهرب عن القاضي، بأن يدفع لغريمه أجرة ومصاريف المدعي، والرسول في طلبه.