يأخذ بعض المتصدين للهفوات مواقف شتى بغية مهاجمة كاتب ما أو مثقف لا يلتزم في نظرهم نهجاً معيناً اذ هو مرة متمسك بأطروحات غامضة واخرى ينقلب عليها او يستهجنها وهو ما يعني في نظر اولئك الأفراد متذبذب الاتجاه توجهه الرياح اينما سارت باعتباره يرتكز على شعارات يسمع عنها ولكنه لا يستوعبها جيداً وحين يكتشف مضمونها ينقلب عليها مولياً وجهه إلى سواها. ومع انني لا أعرف بالضبط لمن تشير اصابع الاتهام فلدي اقتناع بأن هذا الفرد من الناس من الباحثين عن الحقيقة وليس خاضعاً إلى اطر محددة تلزم بأن يدور في حلقاتها انما هو يتلمس طريقه على حذر فيتراءى اليه انه وجد ضالته في فكرة مطروحة ومن الطبيعي ان يتحاور معها بعض الوقت ليتأكد من دنوها بما يعتقده أو انها تحوي جوانب الاقتناع فاذا ما استبعدنا الثوابت التي لا بديل عنها فان الضبابية قد تغلف نجاحات تواكب تطور الفكر البشري الذي من دأبه مواجهة الاخفاق في محاولة التجاوز وطالما آمنا بقاعدة التطور فمن الطبيعي ان يندثر رأي على حساب تحقيق البديل ولولا هذه القاعدة الايدلوجية لبقيت الكثير من المفاهيم خاضعة لعوامل القسر والارغام وهو ما ترفضه طبيعة العقل البشري المتجدد على الدوام في كافة جوانبه ومعطياته والا من كان يتصور أن العقل البشري سوف يخضع عوامل القصور واخفاقات الفشل ليتأتي له اقتحام الكواكب التي تبعد عن كوكب الأرض آلاف الاميال الضوئية ليكتشف طبيعتها المناخية ومكوناتها الجيولوجية فالعلم بحر لا يعلم نهايته سوى الله سبحانه وتعالى خالق كل شيء فما المستغرب ان يتحول التفكير من موقع إلى اخر اقوى حجة واكثر اقتناعاً والفلاسفة منذ اقدم العصور تراءت لهم تصورات اوحت لهم بما سوف يأتي من واقع حسابات متاحة او نظريات تلوح من بعيد لولا ان الدورة الزمنية للعقل اخترقت تلك الرؤى وتجاوزتها رغم ان البعض منها مازال منطلقاً لما يحدث اليوم فالنظرية الفكرية تتطور شأن العقل وادواته الاستكشافية التي تتوغل وسوف تبقى هكذا متفاعلة, فاذا كانت الماركسية قد اصبحت اليوم نظرية لفظت كافة معطياتها فسوف تتبعها الرأسمالية وما زرعته من شوائب في الحياة البشرية مثل العولمة والحداثة والى غيرهما من القفازات التي تنثرها لتحتمي بها عن نهاية محتومة كشطحات فكرية ذات اجل لا تستطيع ان تحافظ على حيويتها لأن عناصر فنائها منبثة في تضاعيفها ولله في خلقه شئون. * للمراسلة ص,ب 6324 الرياض 11442