في شتى الحقول الإبداعية الانسانية عندما ينتج الانسان اعمالا إبداعية متلاحقة فإنه يدون بذلك تأريخا له، ويكوّن إرثا ابداعيا يبقي اسمه مع زمرة المبدعين. النتاج الادبي احد أهم هذه الحقول!! ولكن!! البقاء كمبدع في هذا الحقل من اصعب واخطر ما يواجه من اتصف بهذه الصفة. ليس لأن القمة لا تكفي الا لمبدع واحد!! ولن يكون لكثرة المبدعين دور في حجب هذا المبدع عندما يريد ان يأخذ حيزا في هذه القمة ويبقى فيها، فالقمة تتسع للجميع، وهي لن تكل من حمل البشر جميعهم ان استحقوا السكنى فيها. كثير ممن كانوا يبدعون ادبيا يشتكون من انحسار الضوء عنهم بل احجام المتلقي عن طرحهم مقارنة مع تلهف ذلك المتلقي في السابق. والحقيقة ان اولئك نسوا او تناسوا ان اعتمادهم على الارث الادبي السابق والذي ابدعوا فيه سيشفع لهم بالبقاء على نفس الصورة وذلك الوهج عندما يركنون الى اسلوب السلق الادبي . لقد نسوا ان المتلقي الآن لا يرحم وأنه اخطر منه في السابق وان الحضور لمجرد الحضور لن يكفل لهم البقاء. وان مسلوق اليوم سيذيب ابداع الأمس. وان التاريخ الادبي حفظ من توقف عند آخر إبداع له,, فلم يدفع تأريخه وارثه النفيس مقابل حضوره الباهت. لذا فالاتكاء على هذا الارث لن يشفع لأحد بالبقاء مع زمرة المبدعين,, البقاء مرهون بالاستمرارية والتجديد والتطوير وفق معايير أدبية تحترم ذلك المتلقي المرعب وترضي شيئا من غرور نفس ذلك المبدع. يجب ان يعي الجميع ان الطرق التي توصل الى القمة كثيرة ومتنوعة بعضها نزيه والآخر غير ذلك,, وهذه القمة قد يصلها وفق هذا الطرق المبدع وشبيه المبدع,, ولكن هي للمبدع ارحب من هذا الفضاء المحيط بنا فيتحرك بكل رحابة فيه. أما اشباه المبدعين فإنها أضيق من رأس المسمار بالنسبة لهم,, ثباتهم عليها صعب, وسقوطهم منها امر موشك لا مناص منه مهما عضّد المعضّدون وساند المساندون, وعند ذلك ستكون الاصابة بليغة والخسارة جسيمة فقد لا تقوم لمن سقط قائمة بعد ذلك، ألستم معي في أن المغامرة خطرة لتسلق هذه القمة اذا فقدت أدوات الإبداع وآلياته.