سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
البيئة الإنسانية العالمية مهددة بعدم التوازن في إنتاج وتوزيع المنتجات والموارد دراسة في تقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة
230 نوعاً من النباتات مهددة بالانقراض لاتوجد إلا في المنطقة العربية من أصل 800
مدير حماية البيئة الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية أصدر برنامج الأممالمتحدة للبيئة (اليونيب) تقريره حول الوضع البيئي العالمي تحت عنوان منظور البيئة العالمية 2000م Global Environmental Outlook, GEO 2000) ويقول الدكتور محمود يوسف عبدالرحيم المدير والممثل الإقليمي لبرنامج الأممالمتحدة للبيئة في غرب آسيا ان العديد من الذين اطلعوا على التقرير اعتبروه متشائماً وبأنه غير منصف من حيث التعامل المتوازن مع دول العالم جغرافياً أو مع المواضيع التي عولجت، وقد يكون هناك بعض القصور في الموضوعات التي تناولها التقرير ولكنه يعتبر الوثيقة الوحيدة الصادرة من جهة دولية محايدة تحاول تشخيص الوضع البيئي العالمي وتقيمه على مستوى الأقاليم والتعرف على أولويات العمل البيئي التي من شأنها المساهمة في التحول نحو اعتماد أساليب التنمية المستدامة في إعداد وتنفيذ خطط التنمية الوطنية واقتراح السبل الممكنة أو التي من الضروري اتباعها لإيقاف التدهور المستمر للبيئة الكونية. إذا اعتبرنا أن العلاج الناجح لأية مشكلة يعتمد على التشخيص السليم والدقيق لها (مهما كان ذلك التشخيص مؤلماً) فإن التقرير يأتي من هذا المنطلق ويحمل في طياته الأسباب الرئيسية للمشاكل البيئية والأمل نحو إيجاد العلاج الناجح. ويشير التقرير إلى أن السببين الرئيسيين لتدهور البيئة العالمية يعودان لاستمرار تفشي الفقر في الغالبية من دول العالم بينما تستمر أقلية من البشر في استنزاف الموارد الطبيعية. ان هذا التشخيص لعلة العالم اليوم قد لايكون جديداً ولكنه يأتي مسنوداً بالمؤشرات والأرقام وهو لايتناول البيئة الطبيعية، كما نرى وإنما يتجاوزها إلى المفهوم الأشمل للبيئة أي الجوانب الاقتصادية والاجتماعية وكذلك السياسية منها. أما بالنسبة لعدم توفر العدالة في التعامل مع القضايا أو الدول فإن السبب يعود ببساطة إلى عدم توفر البيانات فمن دون البيانات يصبح التشخيص تخميناً. ولسوء الحظ فإن الدول النامية بشكل عام تنقصها البيانات الدقيقة ولا تتوفر لديها إمكانيات الرصد البيئي في العديد من المجالات وإن توفرت البيانات فغالباً ما تكون مبعثرة وليست على جودة عالية، كما ان التقلبات السياسية والحروب هي آفة الاستقرار والنمو، فقد كان من الصعب الحصول على بيانات من دول تعاني من نتائج الحروب الأهلية أو الإقليمية، كما ان العديد من الدول النامية لم تقدم حتى البيانات المتوفرة لديها مباشرة فكان لابد من اللجوء إلى مصادر ثانوية. ويأتي التقرير في خمسة فصول هي: مؤشرات عالمية, الوضع البيئي العالمي, سياسة الاستجابة. المؤشرات المستقبلية. التوقعات والتوصيات. ويبدأ التقرير بالتأكيد على أهمية البيانات عند إعداد التقييم وعلى الأخص عند محاولة التعرف على التوجهات أو مؤشرات التغير البيئية والآثار البيئية للسياسات المتبعة أو معرفة ما إذا كانت هذه السياسات البيئية قد حققت الأهداف التي وضعت من أجلها أي قياس مدى التقدم الناجم عن اتباع سياسات بيئية معينة، ثم يشير التقرير إلى نقص البيانات كماً وجودة وعلى الأخص بالنسبة للدول النامية. ثم يلخص التقرير الاتجاهات الرئيسية للوضع البيئي العالمي بمايلي: أولاً: إن البنية الإنسانية العالمية مهددة بعدم التوازن في إنتاج وتوزيع المنتجات والموارد إذ نجد ان قطاعاً كبيراً من البشر لايزال يعاني من الفقر الشديد بينما تتحكم نسبة صغيرة من الشعوب بالثروات ومن المنتظر أن تتسع الهوة بين الذين يمتلكون الأشياء الثمينة والمحرومين من الجزء اليسير منها إن هذا التفاوت بين معدلات الغنى ومعدلات الفقر غير قابل للتواصل او الاستدامة مما يهدد مستقبل البشرية والبيئة الكونية. ثانياً: ان العالم يشهد معدلاً من التغير غير مسبوق بالنسبة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، بينما تتراجع جهود حماية البيئة وصون قاعدة الموارد الطبيعية لدرجة ان الفوائد التي جنتها البشرية من التطور الصناعي كاستحداث أنواع جديدة من الحبوب وتطوير المبيدات قد ألغتها زيادة السكان والتنمية الاقتصادية المتسارعة، ان مفهوم العولمة لايزال بحاجة إلى أن يتحول نحو تضييق الهوة والتوجه نحو عالم أكثر عدالة. لذا فقد أصبح على جميع الشركاء من حكومات ومنظمات حكومية والقطاع الخاص والعلماء وجمعيات النفع العام والتجمعات الأخرى السعي معاً للتعامل مع هذا الوضع المعقد والمتداخل من العوامل الاقتصادية والاجتماعية والبيئية من أجل مستقبل أكثر قابلية للتواصل والاستدامة لبيئة الأرض والمجتمع البشري. ثالثاً: إن المشاكل البيئية الرئيسية في العالم قد تجاوزت الحدود الإقليمية ولذا فقد ظهرت في السنوات الأخيرة تحديات بيئية جديدة وأصبحت تشكل تهديداً رئيسياً للبيئة وهي كالتالي: 1 ظاهرة تغير المناخ واستمرار انبعاثات الغازات الدفينة. 2 استنفاذ طبقة الأوزون. 3 ارتفاع مستويات النتروجين في الهواء والمياه العذبة والمناطق الساحلية. 4 مخاطر التعرض للمواد الكيماوية. 5 ازدياد معدلات الكوارث الطبيعية مثل الأعاصير وظاهرة النينو. 6 تدهور الغطاء الخضري وتضاؤل الغابات وزحف الصحاري وانحسار التنوع البيولوجي. 7 تناقص موارد المياه كماً ونوعاً. 8 زحف التنمية العمرانية والصناعة على المناطق الساحلية وازدياد المناطق التي تعاني من الصيد الجائر وتدهور مناطق حضانة الأسماك والقشريات. 9 تلوث هواء المدن إلى درجة الخطورة وارتفاع معدلات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي. 10 ازدياد تدهور الوضع الصحي في المدن وبالأخص المناطق الفقيرة والمدن الهامشية والتي تعاني من سوء الأحوال المعيشية وتراكم النفايات وعدم توفر المياه الصالحة وخدمات الإصحاح. وازاء هذه المشاكل فقد اعتبر التقرير ان مسألتي المياه وتغير المناخ هما الأكثر تهديداً للوضع البيئي ونحن على اعتاب القرن الجديد. الوضع البيئي وسياسات الاستجابة اقليمياً على النحو التالي: أفريقيا: يعتبر الفقر هو سبباً نتيجة للتدهور البيئي ويأتي فقدان الغابات والتصحر وانجراف التربة ضمن قائمة المشاكل البيئية الرئيسية وقد أدى نقص الخبرات والإمكانيات الفنية أو الموارد المالية إلى الحد من جهد العديد من الدول الأفريقية في وضع وتنفيذ السياسات البيئية والالتزام بأحكام الاتفاقيات البيئية الدولية. آسيا ومنطقة المحيط الباسفبكي: منطقة أوروبا ووسط آسيا: منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي: أمريكا الشمالية: المناطق القطبية: تلعب القارتان القطبيتان دوراً رئيسياً في الحفاظ على التوازن البيئي على سطح الأرض، كما أنهما بمثابة مقياس للتغيرات البيئية الكونية حيث تعكسان الآثار البيئية للأنشطة التي تقع خارج المنطقة القطبية (رصد الأوزون ومعدلات ذوبان الجليد نتيجة لارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي والتعرف على مستوى الذوبان في الجليد بالإضافة إلى أن طبقات الجليد تعتبر سجلاً محفوظاً لدرجات حرارة الجو عبر العصور الجيولوجية)، وتتعرض المنطقة القطبية إلى ضغوط كبيرة على موارد الثروة السمكية وارتفاع مستويات التلوث في السلسلة الغذائية البحرية، ويؤكد التقرير ان الجهود المبذولة لحماية المناطق القطبية ومواردها وسكانها الأصليين جيدة إلا أن قلة الموارد المالية وضعف الدعم السياسي يبقيان المعوقان الرئيسيان لهذه الجهود. منطقة غرب آسيا: وليسمح لي القارىء هنا بالحديث اكثر تفصيلاً عن منطقة غرب آسيا (هي المنطقة التي تقع فيها بعض الدول العربية ودول مجلس التعاون) ان تدهور موارد المياه والتربة يشكلان المشكلتين الرئيسيتين في الدول العربية إلا ان الزحف العمراني وتضخم المدن وتدهور المناطق الساحلية وازدياد تولد معدل النفايات والمواد الكيماوية الناتجة عن الصناعة قد تصبح مشاكل رئيسية خلال العقد القادم إذا لم تواجه بالتخطيط السليم وإعداد السياسات العامة لحماية البيئة والاتجاه نحو أساليب التنمية القابلة للاستدامة، إلا ان التقرير لم يغفل الجهود المبذولة من قبل الجهات الحكومية والصناعات نحو التحول إلى أساليب الانتاج النظيف والحصول على شهادة ISO1400 وكذلك بدء بعض حكومات المنطقة بتنفيذ أحكام الاتفاقيات البيئية الدولية والمشاركة بالبرامج العالمية مثل استبدال المواد المستنفذة للأوزون بالمواد البديلة. ويبين التقرير في الباب الخاص بالوضع البيئي العالمي بالنسبة لغرب آسيا استنتاجات تم استخلاصها من البيانات المتوفرة والتي تتفاوت بالنسبة لشموليتها ودقتها, وفيما يلي بيان بأهم المشاكل البيئية الرئيسية التي تواجهها الدول العربية بغرب آسيا: 1 المياه: تعتبر ندرة المياه وتدهور نوعيتها المشكلة البيئية الرئيسية لمنطقة غرب آسيا إذ تعاني دول الخليج من شحة موارد المياه العذبة الطبيعية بينما تواجه دول المشرق تناقصاً حاداً في معدلات تدفق مياه الأنهار وازدياد ملوحتها ومعدلات التلوث بها، ولقد أخذ الطلب على المياه يتزايد بالنسبة عما هو متوفر منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وتقدر وارد المياه المتاحة بحوالي 114000 مليون متر مكعب وبمعدل 1329 متراً مكعباً للفرد في العام بالنسبة لدول المشرق العربي بينما ينخفض إلى 381 متراً مكعباً للفرد في العام بالنسبة لدول الخليج، وفي الوقت الذي تعمل دول الخليج علىتعويض النقص من خلال بناء محطات التحلية فإن دول المشرق مهددة بتناقص مستويات المياه في الأنهار وتناقص المياه الجوفية بعد ازدياد كميات المياه التي تحتجزها الدول المجاورة ويستهلك قطاع الزراعة أكثر من 90% من كميات المياه المتاحة في دول المشرق بينما لاتتجاوز هذه النسبة 85% في دول الخليج ويشكل طلب المياه في المناطق الحضرية 14% في شبه الجزيرة العربية و 4% في المشرق ويبقى 1% من هذه المياه يحول للأغراض الصناعية، إن التوسع الصناعي والعمراني في المنطقة يعني بالضرورة تناقص حصة المياه المخصصة للزراعة في ظل الظروف القائمة والتي تتمثل بتناقص المياه وازدياد ملوحتها وارتفاع مستويات التلوث بها وتناقص خصوبة التربة, إن ذلك يستدعي زيادة الجهد بالنسبة لمشاريع معالجة مياه الصرف الصحي وإعادة استعمالها للأغراض الزراعية. وتجدر الإشارة هنا إلى ان العديد من دول المنطقة قد أخذت هذا المسار بالفعل وخاصة دول الخليج، حيث يتم معالجة حوالي 400 مليون متر مكعب من المياه سنوياً (حوالي44%) معالجة ثلاثية يستغل حوالي نصفها لأغراض الزراعة بينما يتم إعادة استخدام 200 مليون متر مكعب من مياه الصرف المعالجة لأغراض الزراعة في دول المشرق كما ان التوسع بتنمية نظام الأفلاج وأنظمة تجميع مياه الأمطار والاستغلال الرشيد للمياه الجوفية يعتبر أحد الدعائم الأساسية التي يمكن لدول غرب آسيا استغلالها في التعامل مع مشكلة المياه. كما تجدر الإشارة إلى أن التقرير قد أشار إلى الوضع المأساوي للمياه في قطاع غزة والضفة الغربية حيث تدنت مستويات المياه الجوفية بدرجة كبيرة وارتفعت معدلات الملوحة والتلوث بها إلى حدود تتجاوز المعايير الارشادية لمنظمة الصحة العالمية. 2 البيئة البرية: لقد شكل الرعي والزراعات الفردية عماد الزراعة في الوطن العربي منذ قرون عديدة، إلا ان ادخال وسائل الزراعة الواسعة النطاق مع بداية الخمسينيات وتزايد الحاجة إلى الغذاء مع تزايد عدد سكان المدن أدى إلى تحويل نسبة عالية من الأراضي الحرجية إلى الزراعة المروية، ومع انحسار المراعي تزايد الضغط على الأراضي فانتشر الرعي الجائر وأصبح الوضع البيئي معقداً اختلطت فيه الأسباب بالنتائج فقد قدرت الأكساد (1995م) مايعادل 36 مليون هكتار من الأراضي الحرجية قد حولت للزراعة المروية، كما أودت تعرية التربة بواسطة الرياح بحوالي 1،1 مليون متر مربع من الأراضي العربية خاصة في دول الخليج والعراقوسوريا بينما أدى انجراف التربة بواسطة الأمطار في دول المشرق والمملكة العربية السعودية إلى فقدان نسبة كبيرة من التربة السطحية الخصبة وصلت إلى حد 21% من مساحة الأراضي، إن ازدياد تملح التربة نتيجة لأساليب الري غير قابلة للاستدامة قد أدى كذلك إلى فقدان خصوبة التربة بمعدل وصل إلى 85% من الأراضي الزراعية في الكويت وحوالي 3,5% في الأردن و 5% في سوريا. 3 البيئة البحرية والمناطق الساحلية: لقد أدى زحف المناطق العمرانية والصناعية على المناطق الساحلية وردم الشواطىء والجزر المرجانية إلى فقدان العديد من مناطق حضانة الأسماك والقشريات وغيرها من الكائنات البحرية، كما أدى صرف الملوثات من مصادر مختلفة على اليابسة ومن السفن وناقلات النفط إلى تلوث البيئة البحرية وتهديد الثروة السمكية في الوقت الذي أدى الصيد الجائر للأسماك وإتباع أساليب الجرف القاعي إلى تضاؤل معدلات صيد الأسماك مقارنة بالجهد المبذول في الصيد، أما الحروب وعلى الأخص حربي الخليج الأولى والثانية فقد كانت مصدر دمار كبير على البيئة البحرية والساحلية من خلال حوادث انسكاب النفط وتساقط نواتج احتراق آبار النفط في الكويت على البيئة البحرية. إن ايقاف التدهور ومساعدة البيئة البحرية لاستعادة حيويتها يتطلب تضحيات وجهودا وتعاونا مشتركا من قبل الدول المطلة على البحار الإقليمية الثلاث، ولقد ساعد إنشاء المنظمات الإقليمية المختلفة بحماية البيئة البحرية والمناطق الساحلية في البحر الابيض المتوسط والبحر الأحمر وخليج عدن والمنطقة الإقليمية لحماية البيئة البحرية (والتي تضم الخليج وخليج عمان وجزء من بحر العرب) والبروتوكولات المنبثقة عنها قد حدد المسار الذي ممكن ان تتنبه الدول العربية نحو تنمية الموارد البحرية بأسلوب قابل للتواصل ويتلخص ذلك بالأمور الرئيسية التالية: 1 إقامة مرافق لاستقبال النفايات والملوثات الأخرى من السفن وناقلات النفط والتي يفوق عددها في منطقة الخليج لوحدها عشرة آلاف سفينة سنوياً تنقل مايعادل 60% من النفط المصدر عالمياً. 2 التحكم بمصادر التلوث على اليابسة من خلال معالجة مياه الصرف الصحي والمياه الصناعية العادمة وإعادة استخدامها بما يكفل حماية البيئة البحرية وايجاد مورد اضافي من المياه الصالحة للزراعة. 3 التوقف عن ردم المناطق الساحلية والمناطق الرطبة كالأهوار والسبخات ومسطحات المد والجزر وغابات القرم والتي تعتبر جميعاً مناطق حضانة للأسماك والقشريات ومحطات توقف للملايين من الطيور المهاجرة التي تأوي إلى دفء المنطقة العربية في الشتاء لتتغذى على الكائنات البحرية الدقيقة وتضيف المغذيات للبيئة البحرية مكونين معاً نظاما دقيقاً يتحكم بإنتاجية الثروة السمكية. إن تعرض الشعب المرجانية في مياه الخليج والبحر الأحمر للتدهور يعني خسارة كبيرة للثروة السمكية والقضاء على نظام بيئي فريد أكسب المنطقة البحرية الجمال والثروة عبر عصور عديدة. 4 التنوع البيولوجي: ان البيئة العربية بما في ذلك الصحراء غنية بالموارد الجينية والتنوع البيولوجي فهناك أكثر من 800 نوع من النباتات التي لا توجد إلا في المنطقة العربية منها 230 نوعاً مهددة بالانقراض وذلك الحال بالنسبة للبيئة البحرية ولقد ساعد نظام الحمى الذي اتبعته الأجيال منذ القدم حيث خصصت مناطق معينة للرعي لكل قبيلة وتحديد أشهر معينة حرم فيها الصيد إلى استمرار الحياة الفطرية بتنوعها وجمالها، إلا أن ذلك قد تغير، فقد انقرضت أنواع عديدة من الحيوانات البرية كالحمار الوحشي والنعام العربي والأسد الآسيوي وهناك أنواع أخرى مهددة بالإنقراض كالذئب العربي وابن آوى والفهد العربي وأنواع أخرى من الطيور والثديات والزواحف بينما اختفت أعداد أكبر بكثير من النباتات البرية بعضها قد صنف وبعضها انقرض حتى قبل أن يعرفه الانسان أو يتعرف على دوره في الحياة بما في ذلك عشرات الأنواع من النخيل التي انقرضت من مناطق جنوبالعراق والخليج العربي نتيجة للزحف العمراني أو تملح التربة والحروب، وكذا الشأن بالنسبة للبيئة البحرية والتي تزخر بالحياة فمثلاً هناك أكثر من 300 نوع من المرجان 500 نوع من الأصداف و 20 من الثديات البحرية وأكثر من 1200 نوع من الأسماك إضافة إلى آلاف الأنواع من الكائنات الدقيقة والتي تشكل نسيج الحياة البحرية المسؤولة عن الثروة السمكية ان الإسراع في التشريعات البيئية لتنظيم التنمية في المناطق الحرجية والمناطق الساحلية بما يحافظ على الحياة الفطرية هو المخرج الوحيد لكي لاتفقد المنطقة العربية المزيد من أنواع الحياة الفطرية. وهناك أمثلة رائدة وان كانت لاتزال محدودة عن جهود الدول العربية في إنشاء المحميات الطبيعية والمنتزهات القومية مثل غابة الباروك للأرز ومحمية اهدن وجزيرة النخيل البحرية في لبنان ومنطقة الأزرق في الأردن وخور أم قصر في العراق ومحميات حرة الحرة ومنتزه عسير الوطني والمحمية البحرية في الجبيل في المملكة العربية السعودية وكذلك محمية المها العربي في جدة الحراسيس ومحمية السلاحف البحرية في رأس الحد عُمان ومحمية الأرز والصنوبر في سوريا وخور ام قصر في العراق وهي جميعاً أمثلة على جهود الحماية التي يمكن ان يتم التوسع بها وتعميمها على الدول العربية من أجل حماية الحياة الفطرية في الوطن العربي. 5 الغلاف الجوي: حتى وقت قريب كانت معظم دول المشرق تعتبر العواصف الرملية والأتربة المتصاعدة من الظواهر النادرة الحدوث إلا أن ذلك قد تغير مع زحف الصحراء وتفكك التربة جعل دول المنطقة تعاني من تلوث الهواء بالأتربة العالقة بالإضافة إلى عوادم السيارات التي تحتوي على نسب عالية من الرصاص والملوثات الغازية والمواد العالقة ذات الآثار الصحية الضارة ولعل توجه دول المنطقة إلى تخفيض أو إيقاف استخدام الرصاص في الوقود واتخاذ مصافي النفط خطوات نحو الحد من محتوى الكبريت في النفط ومشتقاته بالإضافة إلى جهود إعادة التحريج والامتناع عن حرق القمامة سيساعد في الحد من مشاكل تلوث الهواء الجوي في مدن المنطقة. 6 المناطق الحضرية: إن ازدياد الهجرة من الريف إلى المدن لأسباب اقتصادية واجتماعية وبيئية خاصة بعد الحربين العالميتين قد بات يهدد المدن التاريخية التي سحرت الزوار بجمالها وصناعاتها اليدوية وأسواقها على مر العصور كدمشق وبغداد وبيروت والبصرة وجدةوعدن, وقد تميزت تلك المدن باكتفائها الذاتي من الغذاء وموارد المياه وبالتالي كانت فيما عدا حالات الحروب في حالة استقرار وتوازن اقتصادي واجتماعي. إلا ان النمو المضطرد لسكان المدن (من حوالي 5ملايين في سنة 1950م إلى أكثر من 27 مليون نسمة أو 55% من مجمل السكان في سنة 1980م لكي يصل إلى أكثر من 66% من نسبة السكان في العالم 1995م) بات يهدد مابقي من رونق تلك المدن التاريخية ويحولها إلى مناطق غير صحية أو آمنة للبشر. وقد شهدت دول الخليج طفرة سكانية ربما تكون غير مسبوقة إذ وصل سكان المدن فيها حوالي 84% من مجموع السكان في عام 1995م ولقد استفادت هذه الدول من امكانياتها المادية لوضع وتنفيذ خطط تنمية المناطق الحضرية وتخصيص مناطق لإقامة الصناعات بعيداً عن المناطق السكنية وتوفير خدمات معالجة الصرف الصحي وإدارة النفايات الصلبة (والتي تعتبر من أعلى المعدلات في العالم إذ تتراوح مابين 220 840 كجم للفرد في العام مقارنة بحوالي 511 كجم للفرد في كندا مثلاً) وتحتاج هذه الجهود إلى استمرار النمو والاستقرار الاقتصادي لكي تأتي ثمارها إلا أن الوضع أكثر صعوبة بالنسبة للتخطيط الصناعي والذي لاتزال معظم الدول غير قادرة شأنها شأن معظم الدول النامية في التحول نحو أنماط الإنتاج الأكثر صداقة بالبيئة والتي تنتج أنواعا وكميات أقل من النفايات الصناعية. هذه كانت لمحة سريعة للوضع البيئي في الدول العربية من غرب آسيا بما فيها دول مجلس التعاون وهي وان كانت قائمة بعض الشيء فهي أقرب إلى الواقع، والقارىء مدعو للتمعن في الوضع البيئي العربي ليدرك ان البيئة لم تعد فقط الحفاظ على الأشجار وعدم قتل الحيوانات وعدم القاء القمامة وتبذير المياه والكهرباء بل هي فوق ذلك كله تعني انتقال السلوك الفردي والاجتماعي نحو انماط الانتاج في مختلف القطاعات التي ليس بها تبذير وإسراف في الموارد أو تولد نفايات لايمكن اعادتها إلى الطبيعة واستخدامها مرة أخرى وهي تعني اتباع نظم اجتماعية واقتصادية عادلة ومنصفة وان تسمح بآليات السوق ان تعمل بتوازن وان لاتجور فتسحق قطاعا من المجتمع لحساب قطاعات أخرى كما أنها تعني الحق في تنمية الموارد الطبيعية والمنافسة في الاسواق ولكن دون تدمير لقواعد الانتاج والحد من قدرتها على التواصل. إن مايتضمنه تقرير منظور البيئة العالمية من استجابات السياسات الوطنية للوضع البيئي المذكور اعلاه يجب ان ينظر إليه بايجابية إذ ان ماتم تحقيقه قد أتى في ظل ظروف اقتصادية صعبة لمعظم دول غرب آسيا وفي عالم سريع التغيير والمتطلبات إلا ان هذا يجب ان لايتحول إلى ان يكون عذراً لكي نستمر على مانحن عليه وإنما حافز نحو تحقيق المزيد من أجل الوصول إلى التنمية المستدامة التي تمكن الدول العربية من حماية ليس فقط للإنسان العربي والبيئة وإنما حماية منتجاتها وقدرتها على النفاذ للأسواق العالمية والمنافسة التجارية.