جدة -عبدالهادي المالكي ثمّن عدد من خبراء البيئة الخليجيين مشروع رؤية المملكة لعام 2030 ,, ورحبوا في تصريحات ل (البلاد) بمضامين محتواها وعمق نظرتها .. وكان المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية قد رحب برؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ، رئيس الدورة الحالية للمجلس الأعلى، بشأن تعزيز العمل الخليجي المشترك، وأشاد بما ورد بها من مضامين سامية لتعزيز المسيرة المباركة لمجلس التعاون ومكانته الدولية والإقليمية. إلى ذلك قرر المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية : 1.اعتماد رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بشأن تعزيز العمل الخليجي المشترك، وتكليف المجلس الوزاري والأمانة العامة بمتابعة تنفيذها. 2.تقوم الأمانة العامة بعرض الرؤية على كافة اللجان والمجالس المختصة في المجالات الواردة فيها(بما في ذلك الدفاع والداخلية والمالية والتجارة)، لاتخاذ ما يلزم لوضع ما ورد فيها موضع التنفيذ، مع مراعاة أن يتم استكمال تنفيذ كافة ما ورد في الرؤية في موعد أقصاه شهر ديسمبر 2016م. 3.تعقد اللجان الوزارية المختصة اجتماعاتها قبل انعقاد اللقاء التشاوري القادم للمجلس الأعلى (مايو 2016م)، وترفع نتائجها للمجلس الوزاري. 4.يقوم المجلس الوزاري برفع تقرير للقاء التشاوري القادم، بشأن التقدم المحرز في تنفيذ الرؤية. 5.تقوم الأمانة العامة بمتابعة تنفيذ الرؤية ورفع تقارير دورية عن سير العمل فيها للدول الأعضاء، والمجلس الوزاري، تمهيداً لرفعها للمجلس الأعلى." في مجال البيئة: نص البند السابع من رؤية خادم الحرمين الشريفين على ما يلي:- " يتولى القطاع المختص بالأمانة العامة لمجلس التعاون تنسيق الجهود وتبادل الخبرات واقتراح السياسات والقرارات الخاصة بالمحافظة على البيئة البحرية لدول المجلس، ومعالجة التصحر، ونضوب المياه الجوفية، والتغير المناخي." أولاً : المحافظة على البيئة البحرية لدول المجلس: ففي مجال المحافظة على البيئة البحرية والمناطق الساحلية تواجه دول مجلس التعاون تحديات كثيرة، أهمها:- 1. تتعرّض المناطق والبيئات الساحلية والبحرية في منطقة الخليج العربي للكثير من الضغوط والتهديدات. ومن أهم هذه الضغوط التنمية الساحلية السريعة للمدن السكنية والمنتجعات والمشروعات السياحية وردم واستصلاح الأراضي الساحلية، بالإضافة إلى التلوث النفطي والكيميائي وغزو الأجناس الغريبة والصيد الجائر للثروة السمكية. 2.أدّى سحب الرمال من قاع البحر لاستخدامها في ردم السواحل لبناء المجمعات السكنية والسياحية والبنية التحتية إلى تغيرات واسعة للبيئة الساحلية الطبيعية في الخليج العربي وتغييرات كبيرة في البيئة القاعية البحرية وموائل ومراعي الأسماك والأحياء التي تعيش فيها. وتشير الدّراسات إلى أنّ بعض دول المجلس قد قامت بتغيير أكثر من 40 في المئة من الشريط الساحلي فيها. 3.تمثل التصريفات الصناعية والزراعية ومصانع الأغذية المنتشرة على سواحل الخليج العربي بالإضافة إلى تصريفات محطات معالجة مياه الصرف الصحي للمياه العادمة أو المعالجة جزئيا مباشرة على البيئة الساحلية والبحرية المصادر الرئيسة للتلوث العضوي والبيولوجي، ولقد نتج عن هذه التصريفات الكثير من حالات نفوق الأسماك في أكثر من دولة من دول المجلس في العقد الماضي، والتي أدّت إلى خسائر اقتصادية جسيمة لصناعة صيد الأسماك والصيادين المحليين. 4. تمثل محطات التحلية، التي تعتمد عليها دول المجلس بشكل رئيسي في تلبية المتطلبات المائية للسكّان المتزايدة، أحد مصادر التلوث المقلقة للبيئة البحرية والساحلية. وتدل الدّراسات المتوافرة في منطقة الخليج العربي – على رغم من قلتها في هذا المجال – على وجود تأثيرات سلبية كثيرة وكبيرة لهذه المحطات في المناطق المحيطة بها، فبالإضافة إلى تلوث الهواء بسبب انبعاث مختلف أنواع الأكاسيد من مداخن محطات التحلية، وخصوصا تلك المحطات التي تستخدم النفط بدلا من الغاز الطبيعي، تؤدي هذه المحطات إلى أضرار جسيمة للبيئة البحرية بسبب صرف المحلول الملحي المركز والحار الناتج عن عمليات التحلية، ومخلفات المواد الكيماوية المستخدمة في معالجة المياه والآثار المتبقية من العناصر التي تكون قد التقطتها وهي داخل وحدة التحلية، مما يؤدي إلى تغيرات كيماوية وطبيعية وبيولوجية في البيئة البحرية المحيطة. وبحسب المعطيات الحالية من معدلات نمو السكّان والتنمية الحضرية، فإنه من المتوقع أنْ يتعاظم معدل الزيادة في السعة الإنتاجية لمحطات التحلية في دول مجلس التعاون بمعدلات تفوق المعدلات السابقة التي تمت ملاحظتها في الفترة الماضية، ومن المتوقع كذلك أن تزداد تأثيراتها السلبية على البيئة البحرية في المناطق المحيطة بمحطات التحلية، مما يتطلب استخدام التقنيات الضرورية لتخفيض هذه التأثيرات. 5. يمثل التلوث الكيميائي والانسكابات النفطية المصاحبة لعمليات استخراج وتحميل النفط أحد مصادر التلوث المستمرة في الخليج العربي، حيث يقع على سواحل الخليج العربي أكثر من 15 مجمعا للبتروكيماويات ومصنعا لتكرير النفط، وتمخر عباب الخليج العربي أكثر من 250 ألف ناقلة نفط سنويا، تمثل حوالي 60 في المئة من إجمالي النفط المصدّر العالمي، إضافة إلى منصات انتاج النفط في المناطق البحرية، ومنصات تحميل النفط. ولقد تم تقدير كميات النفط التي يتم تصريفها سنويا في مياه الخليج العربي مع عمليات إفراغ مياه توازن هذه الناقلات بحوالي 272 ألف طن من النفط. هذا بالإضافة إلى المخلفات الأخرى الصلبة والسائلة التي تصرفها هذه الناقلات في الخليج العربي. 6. يضاف إلى هذه الشوائب النفطية التي تفرغ مع مياه توازن ناقلات النفط، هناك إدخال الأجناس الغريبة المنقولة مع هذه المياه من البحار والمحيطات الأخرى، والتي تمثل تهديدا إضافيا للبيئة البحرية في منطقة الخليج العربي وتنوعها الحيوي، وتؤثر سلبا على الثروة السمكية وصناعة صيد الأسماك في دول المجلس، التي تعاني أصلا من تهديدات تدمير البيئات والتلوث المذكورة أعلاه، بالإضافة إلى الصيد الجائر وغير المنظم للأسماك الذي يهدد المخزون السمكي في الخليج العربي. 7. النفايات والتلوث الناجم عن الغواصات والسفن وحاملات الطائرات التي تجوب مياه الخليج العربي، خاصة تلك التي تعمل بالطاقة النووية. 8. من المتفق عليه حاليا بين العلماء المتخصصين في الشعاب المرجانية حول العالم أن البيئة البحرية بصفة عامة والشعاب المرجانية بصفة خاصة تتعرضان لآثار سلبية جراء تغير المناخ. ويعتقد معظم العلماء أن معدل تغير الظروف المناخية يحتمل أن يتجاوز قدرة الشعاب المرجانية على التكيف والتعافي. وقد قامت الدول الأعضاء بعدة خطوات في سبيل التغلب على بعض من التحديات المشار إليها أعلاه، كان أهمها:- 1. إعداد دراسات تقييم الأثر البيئي : يشترط القيام بدراسات تقييم الأثر البيئي للمشروعات المقترح إنشاؤها في المناطق الساحلية والبحرية، واعتماد بعض الدول الأعضاء لخطط الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية. كما قامت الكثير من الدول الأعضاء بإنشاء المحميات البحرية للمحافظة على الثروة البحرية والمخزون السمكي، والتوقيع على الكثير من الاتفاقيات الإقليمية والدولية المتعلقة بالبيئة الساحلية والبحرية. 2. إنشاء المنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية ROPME: والتى تضم الدول المطلة على حوض مياه الخليج (دول مجلس التعاون والعراق وإيران)، وتهدف إلى التنسيق بين الدول الأعضاء في مجالات حماية البيئة البحرية وتخفيض تلوث مياه البحر، في اتخاذ الكثير من إجراءات المحافظة والبرامج الإقليمية في العقدين الماضيين، وبذلت الكثير من الجهود لزيادة الكفاءة في العمليات النفطية، ما أدّى إلى انخفاض كبير في الانسكابات النفطية في الفترة الأخيرة. كما قامت دول المجلس بدراسات مشتركة للحفاظ على البيئة البحرية وأحيائها، مثل دراسة المسح الإقليمي لبقر البحر المهدد بالانقراض (الأطوم) بين المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين والإمارات العربية المتحدة وقطر ، والموافقة على إنشاء مركز إقليمي للمعلومات البيئية في سلطنة عمان لتجميع المعلومات عن نبات القرم (الشورى). 3. وفي العام (2007م) تم إعلان حوض مياه الخليج كمنطقة بحرية خاصة Special Sea Area بناء على «معاهدة منع التلوث من السفن» MARPOL . وأعطيت مهلة عام للدول الأعضاء للالتزام بهذا الإعلان، ويتطلب ذلك إنشاء مرافق استقبال مياه التوازن ومخلفات السفن، والذي من المتوقع أن يقلل من التهديدات التي تواجه البيئة البحرية في منطقة الخليج العربي. 4. تم عرض موضوع إنشاء مرافق استقبال مياه التوازن ومخلفات السفن في الدول الأعضاء على مقام المجلس الأعلى في الدورات التالية: (22، مسقط، 2001م)، (23، الدوحة، 2003م)، (25، المنامة2004م)، (27، الرياض، 2006م)، (28، الدوحة، 2007م)، (29، مسقط، 2008م)، ووجه المجلس الأعلى على حث الدول الأعضاء باستكمال الإجراءات اللازمة لإنشاء تلك المرافق . كما عرض موضوع تطبيق اتفاقية ماربول 73/78 وإنشاء مرافق استقبال النفايات ومعالجتها في المنطقة على الاجتماع السادس عشر لمجلس المنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية (جدة، 28 فبراير 2013م) حيث اتخذ القرار الموضح في (المرفق 3). 5. عرض موضوع الانضمام إلى الاتفاقية الدولية لإدارة مياه توازن السفن (BWM) على الاجتماع السابع عشر لأصحاب السمو والمعالي الوزراء المسؤولين عن شئون البيئة في دول المجلس (البحرين، 4 ديسمبر 2013م)،حث الوزراء الدول الأعضاء على ضرورة الانضمام إلى الاتفاقية نظراً لأهميتها، وخطورة تأثير مياه التوازن على المياه الإقليمية في المنطقة. كما عرض الموضوع على الاجتماع السادس عشر لمجلس المنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية (جدة، 28 فبراير 2013م) حيث طالب الاجتماع بضرورة انضمام الدول الأعضاء في المنظمة للاتفاقية . وقد اصبحت إيران الدولة الوحيدة في المنطقة التي انضمت للاتفاقية. 6. وافق أصحاب السمو والمعالي الوزراء المسؤولين عن شئون البيئة خلال اجتماعهم السادس عشر (جدة، 5 فبراير 2013م) على مشاريع المبادرة الخليجية الخضراء للبيئة والتنمية المستدامة، ذات الأولوية القصوى، ومن بينها دراسة حجم ردم السواحل وأثره على البيئة البحرية. مقترحات للتغلب على التحديات التي تواجه البيئة البحرية والمناطق الساحلية في دول المجلس: 1. الاسراع في انضمام دول المجلس إلى الاتفاقية الدولية لإدارة مياه التوازن، حتى يتسنى لدول المجلس من تطبيق المعايير الدولية للتخلص من مياه التوازن. 2. الاسراع في إنشاء دول المجلس لمرافق استقبال مياه التوازن ومخلفات السفن. 3. تعزيز جهود دول المجلس لتشديد الرقابة على الوسائل الناقلة للأنواع الغازية البحرية، بما في ذلك تصريف مياه التوازن في البيئة البحرية لدول المجلس. 4. إنشاء محميات بحرية إقليمية مشتركة بين الدول للمحافظة على أهم نظم البيئات البحرية وأنواعها المختلفة، وخصوصا تلك التي يعتمد عليها المخزون السمكي في الخليج العربي لضمان استدامته ولضمان الأمن الغذائي لدول المجلس. ثانيا : معالجة التصحر: التصحر هو تحول الأرض الخصبة إلى صحراء قاحلة جافة وذلك بسبب أحوال الطقس المتقلبة. وكذلك بفعل الأنشطة البشرية المفرطة في الزراعة وإزالة الغابات والرعي الجائر وما إلى ذلك. ومع استمرار تكرار التأثير على النظم الإيكولوجية تتسع مساحة المنطقة المتصحرة وبالتالي تجف مصادر المياه ويقل إنتاج الغذاء، مما يؤدي إلى هجرة السكان إلى مناطق أخرى. وفي منطقة الخليج العربي، ينتج عن مشكلة التصحر مشاكل مناخية بيئية واقتصادية تؤثر سلباً على المدى الطويل بيئياً واقتصادياً وإجتماعياً ومن أهم هذه الآثار هي مشكلة الأمن الغذائي إذ تعد من أحد المشاكل تعقيدا وشديدة الحساسية لمنطقة الخليج العربي نظراً لطبيعة المناخ العام وندرة مصادر المياه. وتواجه دول المجلس العديد من التحديات تجاه مكافحة التصحر، أهما:- 1. تدهور الأراضي في دول المجلس والتي يعود أسبابها إلى العديد من الممارسات البشرية غير المستدامة من أهمّها الممارسات الزراعية المتمثلة في عملية التكثيف والتوسّع الزراعي لتلبية الطلب على الغذاء بدرجات تفوق طاقة الأراضي الزراعية والموارد المائية الجوفية التي تعتمد عليها أساسا في الري، وبالتالي تملّح المياه والتربة وفقدان إنتاجيتها وخروجها من دائرة الاستثمار الزراعي. 2. الاستخدام المكثف للأسمدة الكيميائية؛ لتعويض نقص خصوبة التربة الصحراوية فقيرة المحتوى العضوي، واستخدام المبيدات الحشرية والعشبية بشكل كبير لزيادة الإنتاج الزراعي. 3. الرعي الجائر للمراعي الطبيعية، سواء بزيادة أعداد الحيوانات إلى مستويات تفوق الحمولة الطبيعية للمراعي، أو التبكير بالرعي قبل المواسم الطبيعية ساهم في تدهور الأراضي في دول المجلس. 4. الاحتطاب وقطع الأشجار أدّى إلى انخفاض التنوع الحيوي النباتي وكثافة الغطاء النباتي في المراعي الطبيعية، وبالتالي زيادة التعرية للتربة بواسطة الهواء والماء وغزو الكثبان الرملية لها وللأراضي الزراعية. 5. أدّى تغيير استخدامات الأراضي الزراعية للتنمية الحضرية والسياحية والترفيهية بسبب تنامي النشاط الحضري والسياحي إلى تحويل العديد من الأراضي الزراعية إلى مناطق سكنية وترفيهية، وبالتالي خسارتها نهائيا. ومن أهم ما قامت به دول المجلس في سبيل مكافحة التصحر ما يلي:- 1. انضمام دول مجلس التعاون إلى اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة التصحر، وقيام معظم دول المجلس بوضع خطط عمل وطنية لمكافحة التصحر. 2.اعتماد اصحاب السمو والمعالي الوزراء المسؤولين عن شئون البيئة في دول المجلس خلال اجتماعهم الثامن عشر (الكويت، 25 ديسمبر 2014م) الشبكة الخليجية لدراسات مكافحة تدهور الأراضي تحت مظلة الأمانة العامة لمجلس التعاون، على أن تكون الرئاسة بحسب الأنظمة المتبعة في اجتماعات لجان وفرق عمل مجلس التعاون، ويكون لها موقع إلكتروني. 3. إصدار العديد من التشريعات الوطنية لدول المجلس، وكذلك الإقليمية على مستوى دول مجلس التعاون، في مجال استخدامات الأراضي، والسياسات الزراعية، واستخدامات المبيدات. ومن بين التشريعات التي صدرت على مستوى مجلس التعاون في هذا الشأن : السياسات الزراعية المشتركة لدول المجلس (1996م)، قانون (نظام) المبيدات ولائحته التنفيذية في دول مجلس التعاون (2007م)، قانون (نظام) البذور والتقاوي والشتلات ولائحته التنفيذية لدول مجلس التعاون (2009م)، قانون (نظام) الأسمدة ومحسنات التربة الزراعية ولائحته التنفيذية لدول مجلس التعاون (2006م). 4. إدخال طرق الري والزراعة الحديثة الموفرة للمياه، وإعادة تأهيل المراعي المتدهورة، وزيادة مساحة المساحات المحمية فيها. ولقد زادت مساحة المناطق المحمية في دول المجلس بشكل كبير خلال الأربعة العقود الماضية.