كتاب جيّد في موضوع صدر حديثا، بدراسة اجتماعية ميدانية على المسنين، المقيمين في دور الرعاية الاجتماعية بالمملكة، قام بها مسؤول في نفس الميدان، انصهر في بوقتة المجال، بحكم عمله مديرا عاما للرعاية والتوجيه الاجتماعي في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية انه الاستاذ عبدالله بن ناصر بن عبدالله السدحلان، وقد طبع الكتاب في عام1421ه بطباعة أنيقة من اخراج جيد حيث يقع مع فهارسه في 173 صفحة من القطع المتوسط,. وقد نوه المؤلف قبل المقدمة عن الفصل الثالث من هذا الكتاب: بانه سبق نشره في مجلة جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية وهي مجلة محكمة علمية، تصدر عن عمادة البحث العلمي، بجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية العدد السابع والعشرون رجب عام 1420ه. بدأ المؤلف كتابه هذا بمقدمة أبان فيها الدافع، وما يهمه في كتابه، فقال: ولقد عنيت الشريعة برعاية هذا الانسان منذ نعومة أظفاره وحتى مماته,, ولكن ما يهم المؤلف هنا، المرحلة الأخيرة منها، وهي مرحلة الشيخوخة، فلقد حرص الاسلام على هذه المرحلة وجعلها محطة تكريم، وعناية خاصة، وأوصى بأهلها مزيد رعاية,, وبخاصة الوالدين. ولعل المؤلف بحكم عمله قد دفعه للتأليف تزايد الاهتمام بهذه الفئة من شرائح المجتمع حيث خصص عام 1999م سنة دولية للمسنين، بدعوة من الجمعية العامة للأمم المتحدة لتركيز الجهد من اجل بحث قضايا المسنين ومناقشتها ومعالجة مشكلاتهم، وزيادة الاهتمام برعايتهم الاجتماعية، والصحية والنفسية والمعيشية. فكانت هذه الدراسة التي خرجت في هذا السفر، بها مأمن في الاجابة على تساؤل مهم: وهو التعرف على اسباب دخول المسنين والمسنات دور الرعاية الاجتماعية,, مع التعرف على علاقتهم بذويهم خارج الدور,. ولاشك ان من يعايش المشكلة: عملا ومتابعة, واستقصاء، يجعله يثري الموضوع من حيث الدراسة والغوص في أعماق المسنين والتعرف على ما يدور في خلدهم قبل المجيء لدور الرعاية,, وبعدها,. وهذا ما حرص عليه المؤلف، بدمج الدراسة الاجتماعية، بالميدانية، حيث تناول الموضوع من نظرة الاسلام، وأوجه الرعاية المقدمة ولم ينس أهمية التغييرات التي تصيب الانسان في حالة كبره,. وهي دراسة تستحق التأمل، خاصة وأننا في شهر رمضان المبارك الذي يتحرك فيه الاحساس الديني والعاطفيُ مقرونا بالبذل من النفس والجاه، وبالمال، رغبة في التسابق في الخيرات,, في مجتمع مازال فيه بحمد الله حماسة دينية وحب للخير لذات الخير,, مما يجعل عرض هذا الكتاب، الذي أجاد فيه مؤلفه الاستاذ عبدالله، وبرز من تعمقه في بسط المادة، ما يحرك كوامن النفوس ليزيدها تفهما للموضوع,. قد جعل المؤلف كتابه في ثلاثة فصول، تحت كل فصل مرئيات تحدث فيها، فالفصل الأول يشتمل على ثلاثة أقسام وذكر ذلك في المقدمة وترتيبها وفق التقسيم التالي: الفصل الأول: ويشتمل على ما يلي: أولاً: تعريف المصطلحات، ثانيا: التغيرات التي يمر بها كبير السن. ثالثا: موقف الاسلام من هذه التغيرات. والفصل الثاني: خصصة لرعاية المسنين في الاسلام، ويشتمل على ستة أقسام كما رتبها وهي: أولا: أسس رعاية المسنين في الاسلام، ثانيا: رعاية الوالدين كمظهر من مظاهر رعاية المسنين في الاسلام، ثالثا: رعاية صديق الوالدين كمظهر من مظاهر رعاية المسنين في الإسلام, رابعا: رعاية المسنين في المجتمع المسلم: خامسا: رعاية المسنين في الحروب من قبل الجيوش المسلمة، سادسا: بعض الأحكام الشرعية الخاصة بالمسنين. اما الفصل الثالث: فهو دراسة عن المسنين المقيمين بدور الرعاية الاجتماعية في المملكة العربية السعودية، وفق ستة محاور هي: أولا: الاطار المنهجي للدراسة, ثانيا: رعاية المسنين في المملكة العربية السعودية، ثالثا: الدراسات السابقة. رابعاً: الاجراءات المنهجية للدراسة، خامسا: تحليل وتفسير البيانات, سادسا: نتائج الدراسة,, ثم ختم هذه الدراسة بقائمة المراجع التي اعتمد عليها في عمله هذا، وقد بلغت مائة وتسعة (109) ما يدل على الجهد الذي بذله. ففي الفصل الأول: أورد نقاطه الثلاث باختصار (ص 13 32) وقد اورد في ثانيا: ان الانسان يمر بثلاث مراحل مستدلا بآية كريمة في سورة الروم: ضعف ثم قوة ثم ضعف، والأخير الذي هو ضعف الشيخوخة، نسبي بين البشر عموماً، والمؤمنين خصوصا,. وقد فرض على نفسه الايجاز، في عرضه للتغيرات التي تصيب الانسان في حالة كبره,, وهي خمسة, التغيرات الحسمية، وهي نوعان: مرئية تبرز للعيان مثل: تجعد الجلد وجفافه، وثقل السمع، وضعف في البصر والشم، والحواس بشكل عام، وبطء الحركة، وتغير لون الشعر، وترهل بعض العضلات، وغير مرئية: وهذه في الغالب مرضية مثل ارتفاع الضغط والسكر، وضعف العظام، والقبض المزمن (ص 17). والثاني: التغيرات الاجتماعية والثالثة: التغيرات النفسية والانفعالية، وهذان القسمان متلازمان حيث ترتبط النفسية بالاجتماعية، مثل بروز القلق والاكتئاب والملل، وتوهم المرض، وكثرة الشكوى والعناد والشك. والرابع التغيرات العقلية, كضعف الذاكرة والنسيان، وخرف الشيخوخة عند البعض والخامس: التغيرات الاقتصادية وهذا ناتج عن انخفاض دخل المسن بعد التقاعد، مما يؤدي الى عجزه عن تلبية العديد من الحاجات كالعلاج وشراء الأدوية وتزايد الاعباء مع الغلاء,, وقد قرن ذلك بما تعمله بعض الدول لمواجهة هذه الحالة: بتعديل معاشات المتقاعدين مرة كل سنة وأورد في الهامش حديثا صحيحا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم اجعل أوسع رزقك علي عند كبر سني، وانقطاع عمري) (18 19). وعن موقف الاسلام في تلك التغيرات: ابان محاسن الاسلام وأثر تعاليمه عندما يحرص عليها المؤمن تطبيقا وعملاً لأن شمولية هذا الدين جعلته صالحا لكل زمان ومكان إلى ان يرث الله الارض ومن عليها، فإذا كانت نسبة من يردون الى أرذل العمر في آخر حياتهم عالية عند من لا يدينون بالاسلام عقيدة، أو يطبقون تعاليمه عملا، كما جاء في آية, 7 من سورة النحل, فإن من نعمة الله على المؤمنين الملتزمين أنهم مستثنون من حالة الرد الى أرذل العمر، مستشهدا بما قاله القرطبي في تفسيره (ان هذا لا يكون للمؤمن يعني الخرف والرد الى أرذل العمر لأن المؤمن لا ينزع عنه علمه) وذكر عن عكرمة قوله: (من قرأ القرآن لم يرد الى أرذل العمر، حتى لا يعلم بعد علم شيئا), وبعد استعراض لأحاديث شريفة في هذا المجال وأقوال بعض المفسرين، وآراء علماء الاسلام ونماذج موجزة في ذلك, اورد تعليق ابن رجب على الحديث الصحيح: (احفظ الله يحفظك) الحديث، فقال: ان من (حفظ الله في صباه وقوته، حفظه الله في حال كبره وضعف قوته ومتعه بسمعه وبصره وحوله وقوته وعقله). وقد اعتبر عليه الصلاة والسلام: طول العمر من العادة، اذا رزق الانابة وارشد الى بعض الاعمال التي تكون في اسباب طول العمر حيث يكون جزاء تلك الاعمال الفاضلة: طول العمر ومن ذلك: بر الوالدين، وصلة الرحم، وحسن الخلق، وحسن الجوار، وتقوى الله,, واورد على كل حالة حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يرسخه، وأحال في الهامش ص 29 الى كتاب فيه روايات عن زيادة العمر بالبر والصلة,. وقدأفاض في مفهوم زيادة العمر الواردة في بعض الاحاديث وايد ما ذهب اليه كثير من الصحابة والمحدثين: بأنها على حقيقتها, ولما كانت النفوس تتطلع الى طول العمر وبركته، والسلامة من الآفات، فان علاج ذلك في صيدلية الاسلام بالأعمال التي حث الله عليها عباده، واكدها رسوله الكريم حيث ختم هذا الفصل الموجز العظيم الفائدة بقوله: ومن هنا يتضح انه لا علاج للشيخوخة او الهرم، وفق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن بالتزام المسلم حدود الله وحفظه للقرآن قد تنعدم أعراض الشيخوخة او تتأخر على الأقل اما علاجها بشكل كامل كما تجرى المحاولات الآن، فذاك مما لا يمكن (ص32). وفي الفصل الثاني: الذي خصصه لرعاية المسنين في الاسلام جعل اسس هذه الرعاية ثمانية أمور هي: الانسان مخلوق مكرم، ومكانته محترمة في الاسلام، والثاني: المجتمع المسلم مجتمع متراحم متماسك متواد، والثالث: ان جزاء الاحسان في الاسلام الاحسان، والرابع: ان المجتمع المسلم مجتمع متعاطف متكاتف متعاون، والخامس: المسن المؤمن له مكانته عند الله ولا يزاد في عمره الا كان له خير، والسادس: توقير الكبير والتشبه به سمة من سمات المجتمع المسلم، والسابع: ذو الشيبة,, المسلم له منزلة ومكانة متميزة في الاسلام والثامن: وجوب تقديم الرعاية الشاملة للمسن من قبل الدولة (35 44). وتحدث عن رعاية الوالدين وأورد أحاديث وآثارا وكان الأولى ان يقدم كلمة الاحاديث على الآثار في بر الوالدين (ص 50) لأن الأحاديث أمكن وأولى بالتقديم على الآثار وقبل ذلك عندما تمر الآيات فتقدم ذكرا ودلالة على الاحاديث. وقال في ختام هذا القسم: ولقد دلس الشيطان على بعض الأبناء، وأوصى اليهم ان الرعاية التي تقدمها الدولة او الجمعيات الخيرية في رعاية المسنين أفضل واشمل من الرعاية التي يقدمها الابناء، وبخاصة اذا كان الابن فقيراً,, واورد ملخص فتوى: بعدم جواز التخلي عن الوالدين او احدهما بحجة ان الخدمة التي تقدمها الدولة لهم، افضل من الخدمة التي قد يقدمها الابناء في المنزل بسبب مقر الابناء لان ولاية الدولة عامة وولاية الابناء خاصة، وهي اوجب والزم من العامة (45 50). ولم يغفل المؤلف عناية الاسلام وحثه برعاية وبر صديق الوالدين، لأن هذا من برهما ولا رعاية المسنين في المجتمع الاسلامي حتى ولو كانوا غير مسلمين لأن هذا من الإحسان والله يحب المحسنين ولا اهتمام الاسلام برعاية المسنين في الحروب، من قبل القيادة الاسلامية وافرادها في الجيوش الاسلامية, لأن الاسلام دين الرأفة والرحمة وكل عمل خير فيه، ما هو الا اسلوب من أساليب الدعوة الى دين الله الحق,, مستدلا بأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ووقائع مما حصل من المسلمين حثا وفهما. وختم هذا الفصل: ببعض الاحكام الفقهية الخاصة بالمسنين الذين تنالهم المشقة مع كبرهم وضعفهم وما ترتب عليها من أحكام خاصة تتصف باليسر والتجاوز مراعاة لحالتهم الصحية والبدنية وأورد منها ست حالات (66 69). وقد حرص في الفصلين الاولين: على التركيز بما يخاطب وجدان المسلم بالادلة الشرعية, حول المسنين ورعاية الاسلام لهم اذ الواجب على كل فرد في المجتمع الاسلامي ان يهتم بهذا الجانب عقيدة لا تكليفا، وتطبيقا اختياريا لا بسلطة ادارية ورغبة فيما عند الله حتى يجد اثره في نفسه أولا في الدنيا: سعة في رزقه وتوفيقاً وبراً من الأبناء، وأجراً مدخراً عند الله كما في الحديث الصحيح: (رغم انف امرء أدرك والديه أو احدهما فلم يدخلاه الجنة). والواقع ان المؤلف قد اجاد في هذا الجانب وأورد المفيد الموجز المعين على تحريك القلوب وعمل الخير للوالدين خاصة قبل فوات الأوان,, ولعل في التمعن في ذلك تحريكا للقلوب حتى يؤدي الانسان ما يجب عليه تجاه والديه، في حياتهما وبعد وفاتهما. اما الفصل الثالث والأخير، فهو يتصف بالتركيز على دور الرعاية في المملكة ودراسة عن حالة المسنين المقيمين في هذه الدور وهي دراسة ميدانية موثقة بالبيانات والأرقام عن الواقع والجداول التي بلغت 28 بياناً. ولما كان قد وضع محاور هذا الفصل في المقدمة في ستة محاور فانه في ص 71 قد جعلها سبعة اذ زاد بين ثانيا ورابعاء، محورا جديدا هو: ثالثا: وضع المسنين عالميا,, ولعله بذلك يريد المقارنة حتى تبرز النتيجة في المجتمع الاسلامي آخذاً من القول: بضدها تتميز الاشياء، ولتتلاءم موضوعات الكتاب مع السنة الدولية للمسنين التي نوه عنها في أول الكتاب. وقد بين ان الرعاية في المملكة تتمثل في محاور ثلاثة: اقتصادية ممثلة في نظام التقاعد ونظام التأمينات والضمان الاجتماعي وتحدث عن كل واحد وما يؤديه من دور (78 84) والثاني: المساعدات الاجتماعية ممثلة في العجز الجزئي أسر السجناء المصابون بكوارث ونكبات فردية المساعدات العاجلة، السعوديات المتزوجات من أجانب وتنطبق بحقهن الشروط، الطلبة في الاسر الضمانية والمكفوفين (85 89) ولم يتوسع في هذا او يتحدث عن كيفية مساعدات الفئات التي ذكر عدا مركز سمو الامير سلمان الاجتماعي للمسنين الذي عرف به وبيان أهدافه، وكيفية النشأة، ومساحته ارضاً وبناءً ومحتويات المبنى، وتاريخ الافتتاح عام 1415ه ووقف سموه من ماله الخاص للصرف على هذا المشروع الخيري الذي يبلغ 5,2 مليون ريال سنويا (87 89). أما الرعاية الإيوائية فهي نوعان: حكومية بدأت عام 1354ه بدأت عندما انشأ مدير الأمن العام مهدي بك المصلح داراً لإيواء العجزة من الحجاج لوقايتهم من التسول,, في بيت مستأجرة بمكة,, ثم أمر الملك عبد العزيز ببناء دار خاصة بهم في مكة على نفقته عام 1363ه ثم استعرض الدور التي فتحت بعد ذلك في الرياض والمدينة ودور الأيتام، فكان الجدول 1 والجدول 2 وعن دور الرعاية الاجتماعية بالمملكة، وعددها 9 وأبان مهمتها، وتاريخ تأسيسها وشروط الإيواء اليها,, والجدول 3 يبين عدد المستفيدين منها خلال ثلاث سنوات، كبار السن 1079 + ذوي العاهات 3664 = الجميع 4743 فرداً, (90 98). أما الرعاية الإيوائية الأهلية فهي 5 في المملكة فقط لا يوجد بها سوى 141 مسنا مما يدل على استمرار الترابط الاسري في المجتمع السعودي. اما الجمعيات الخيرية نسائية ورجالية فتبلغ 170 جمعية تعينها الدولة عند التأسيس باعانة قد تبلغ 50000 ريال (99). وليته أعطى رقما متميزا للمملكةعن موقعها بالمقارنة عالمياً في وضع المسنين عالمياً وفق البيانين جدول 5، 6 حتى يعرف القارىء موقع المملكة في هذا المجال بعد ان بين المكانة الدينية ورعاية الاسلام للمسنين. وفي الدراسات السابقة التي أجريت على المسنين أبام أنها ثمان قام بها رجال ونساء بالتساوي أولها عام 1406ه قامت بها أسماء الخميس حول برامج رعاية المسنين، ودور الخدمة الاجتماعية فيها، وآخرها عام 1416ه قامت بها فريدة عبدالواحد عن اثر العوامل الاجتماعية في التوافق الاجتماعي للمسنات رسالة ماجستير عن مدينة الرياض (105 122) وقارن بين هذه الدراسات وحاول في النهاية: تناول عدد من الجوانب التي لم تتطرق لها الدراسات السابقة من واقع الاسس التي برزت امامه من واقع عمله الذي يعايشه كمسؤول عن الرعاية والتوجيه الاجتماعي في وزارة العمل من حيث المنهج وأدوات الدراسة وطرق جمع البيانات ومجتمع الدراسة وحجم العينة,, ومجال الدراسة، وتوصل من ذلك الى نتائج توسع فيها ووضع فيها جداول عدة (123 151) وقد اجمل النتائج التي توصل اليها في عشرين بلدا 153 157) خرج منها بنتيجة هي انه لم يوجد سوى18 حالة فقط، كان سبب دخولهم دور الرعاية تخلي الاسرة عنهم، ونسبتهم 9,3% لمجموع من في دور الرعاية الاجتماعية، اما البقية فهم ممن لم يتزوجوا أصلاً، أو لم يوجد لهم أبناء أو بنات أو احفاد، حيث جزم بانه لا يوجد تخل حقيقي من قبل الأبناء تجاه الوالدين المقيمين بدور الرعاية الاجتماعية وهذه ميزة تختص بها المملكة والمجتمع السعودي لحرصه على تعاليم الاسلام. والواقع ان هذا الكتاب يحتاج الى بسط أكثر لما فيه من الحقائق العلمية والاحصائية الدقيقة والنتيجة التي تبشر بأن مجتمعنا لايزال بخير رغم ما يشيعه المبالغون عن كثرة العقوق، لعلها مبالغة لتحريك القلوب للإحسان أكثر وزيادة الترابط، وعدم التأثر بما في المجتمعات الأخرى مما تثيره وسائل الاعلام,, وقد كان العنوان الذي وضعه المؤلف يدفع القارىء للتشاؤم ولكن المحتوى يريح القلوب بالاطمئنان والدعوة الى المزيد من الخير الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا) (الملك 2). نوادر البخل والبخلاء ذكر النويري في نهاية الأرب ان أبا الأسود الدؤلي يعد من البخلاء: فعمل دكاناً عاليا يجلس عليه فكان ربما أكل عليه فلا يناله المجتاز، فمر به أعرابي على جمل فعرض له أن يأكل معه، وظن أنه لا يناله، فأناخ الاعرابي بعيره حتى وازى الدكان، وأكل معه فما جلس بعد ذلك على الدكان، وكان يقول: لو اطعنا المساكين في أموالنا كنا أسوأ حالا منهم وقال لبنيه: لا تطيعوا المساكين في أموالكم، فإنهم لا يقنعون منكم حتى يروكم مثل حالهم، ووقف عليه اعرابي وهو يتغدى فسلّم عليه فرد عليه ثم أقبل على الأكل ولم يعرض عليه فقال الأعرابي: اما إني قد مررت بأهلك, قال: كان ذلك في طريقك قال: وهم صالحون قال: كذلك فارقتهم, قال: وامرأتك حبلى، قال كذلك كان عهدي بها قال ولدت, قال: ما كان بدلها ان تلد, قال: ولدت غلامين, قال: كذلك كانت امها. قال: مات احدهما, قال: ما كانت تقوى على رضاع اثنين, قال: ثم مات الآخر, قال: ما كان ليبقى بعد اخيه، قال: ماتت الأمم, قال: جزعا على ولديها, قال: ما اطيب طعامك, قال: ذلك جزائي على أهله، قال: أخي لك ما الامارة قال: من شاء سب صاحبه. ثم قال النويري: ونظير ذلك هذه الحكاية: ما حكي ان أعرابيا مر بآخر فقال: من اين اقبلت يابن عم؟ قال: من الثنيه, قال: فهل أتيتنا منها بخبر؟ قال سل ما بدالك؟ قال: كيف علمك بيحيى؟ قال: أحسن العلم قال: هل لك علم بكلبي نفاع؟ قال: حارس الحي, قال: فأم عثمان؟, قال: بخ بخ ومن مثل أم عثمان، لا تدخل من الباب الا منحرفة الثياب المعصفرات, قال: فبعثمان؟ قال: والله فإنه جرو الأسد ويلعب مع الصبيان، وبيده الكره, قال: فبجملنا السقاء؟ قال: ان سنامه ليخرج من الغبيط, قال: فبالدار؟ قال: والله إنها لخصيبة الخباب، عامرة الغناء، ثم قام عنه، وقعد ناحية يأكل فلا يدعوه. فمر كلب فصاح به وقال: يا ابن عم، أين هذا الكلب من نفاع؟ قال: يا اسفا على نفاع,, مات قال: وما أماته قال: أكل من لحم الجمل السقاء، فاغتص بعظم منه فمات قال: إنا لله، أو قد مات الجمل فما اماته؟ قال: عثر بقبر ام عثمان، فانكسرت رجله، قال: ويكمك أماتت أم عثمان؟ قال: اي والله أماتها الأسف على عثمان قال: ويلك أمات عثمان؟ اي وعهد الله، سقطت الدار عليه، فرمى الأعرابي بطعامه ونثره، وأقبل ينتف لحيته ويقول: إلى أين أذهب؟ فيقول الآخر: إلى النار، وأقبل يلتقط الطعام، ويأكله ويهزأ به، ويضحك ويقول: لا أرغم الله إلا أنف اللئام. والعرب تضرب المثل في اللؤم بمارد تقول انه الام من مارد ويزعمون انه بنى حوضا وسقى إبله فلما اصدرها سلم في الحوض لئلا يسقى غيره فيه (نهاية الأرب في فنون الأدب 3 : 300 302).