الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد: قبل ايام ودعنا شهر الصيام ونسأل الله أن يمن علينا وعليكم بالقبول والثبات على الطاعات الى الممات ونعوذ بالله من تقلب القلوب ومن الحور بعد الكور ومن فساد الامور بعد صلاحها. اعلموا رحمكم الله انه من عمل طاعة من الطاعات وفرغ منها فعلامة قبولها أن يصلها بطاعة أخرى وعلامة ردها أن يعقب تلك الطاعة بمعصية، فما احسن الحسنة بعد السيئة تمحوها، واحسن منها الحسنة بعد الحسنة تتلوها، وما اقبح السيئة بعد الحسنة فإنها تمحقها، ولما كان عمل المؤمن لا ينقضي حتى يأتيه أجله فإليكم فوائد العمل الصالح بعد رمضان ويقاس عليه اي طاعة اخرى من صلاة وحج وزكاة فاليكم هذه الفوائد: 1 من فوائد العمل الصالح بعد رمضان صيام ستة ايام من شوال بعده يستكمل بها العبد أجر صيام الدهر كله يقول الحسن (إذا ذكر عنده صيام هذه الستة ايام من شوال: لقد رضي الله بهذا الشهر للسنة كلها) وفي مسلم من حديث ابي أيوب الأنصاري رضي الله عنه انه حدث ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من صام رمضان ثم اتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر) والافضل ان تكون بعد يوم العيد في اول شوال ومتتابعة. 2 ومن فوائد العمل الصالح بعد رمضان انه كالنافلة بعد الفريضة كما هو الحال في السنن الرواتب في الصلاة فيكمل العبد بذلك ما حصل في الفرض من خلل ونقص، فقد بوب ابو داود في السنن (باب كل صلاة لا يتمها صاحبها تتم في تطوعه) استدل بحديث (ان الله يقول يوم القيامة انظروا في صلاة عبدي اتمها أم انقصها فإن كانت تامة كتبت تامة وان انقص منها شيئاً قال انظروا هل له من تطوع فان كان له تطوع قال اتموا لعبدي فريضته من تطوعه). 3 ومن فوائد العمل الصالح ان معاودة الصيام بعده علامة على قبول صوم رمضان قال بعض السلف (ثواب الحسنة الحسنة بعدها والعكس). 4 ومن فوائد العمل الصالح بعد رمضان انه شكر لله على نعمة الصيام والقيام يقول الله تعالى: (ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون) فمن جملة الشكر الاكثار ليلة العيد من التكبير والتحميد على توفيق الله للعبد على صيام رمضان وقيامه وادراك الشهر، ومن جملة الشكر الصلاة والصيام فقد كان بعض السلف اذا وفق الى قيام ليلة من الليالي اصبح في نهارها صائماً شكراً للتوفيق على القيام، وسئل احد السلف عن ثواب من طاف بالبيت فقال لا تسألوني عن ثوابه واسألوني ما الذي على من وفق لهذا العمل، كم عليه من الشكر للتوفيق والاعانة، قال موسى عليه السلام (يا رب اني إن صليت فمن قبلك وان تصدقت فمن قبلك وان بلغت رسالتك فمن قبلك فكيف اشكرك؟ قال الآن شكرتني)، لأن الشكر بالقول وبالقلب هو الاعتراف بالعجز عن الشكر كما قال أعلم الخلق: لا احصي ثناء عليك, ومنه الشكر بالعمل كالصلاة والزكاة وتقوى الله (واتقوا الله لعلكم تشكرون) اما من قابل نعمة التوفيق لصيام شهر رمضان وقيامه بارتكاب المعاصي بعده واللهو فهو من الذين بدلوا نعمة الله كفرا. 5 ومن فوائد العمل الصالح بعد رمضان ان الاعمال التي كان العبد يتقرب بها الى الله في رمضان لا تنقطع بانقطاع رمضان بل هي باقية لأن البعض يفرح بانقضاء شهر رمضان فلا يعود الى الصيام بعد الفطر سريعاً. نسأل الله العظيم ان يوفقنا ويثبتنا على طاعته الى الممات وان يحبب الينا طاعته وان ييسرها لنا وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين. عبد الرحمن التركي