أكد المشرف العام على برامج عمل المرأة في القطاع الخاص بوزارة العمل بأنه تم اتخاذ الإجراءات اللازمة لتأنيث وسعودة وظائف مصانع الأدوية العاملة في المملكة بعد حصولهن على التدريب اللازم، وكذلك تأنيث وسعودة وظائف باقي المصانع التي لديها خطوط إنتاج، وتعيين مواطنات بعد حصولهن على التدريب اللازم للقيام بالأعمال التي ستناط بهن في المصانع، وأضاف الدكتور فهد التخيفي ل»الجزيرة»: أن مهمة التنفيذ أُوكلت إلى وزارة العمل بالتعاون مع المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني والغرف التجارية. وذكر الدكتور التخيفي بأنه لا يلزم حصول المصانع المرخص لها على ترخيص لتشغيل النساء في قسم خاص بهن ما دام هذا القسم جزء من المصنع ولا يشكل فرعا قائما بذاته، وفي حال رغب المصنع المرخص له فتح فرع مستقل تعمل به نساء، فإن الأمر يتطلب الحصول على موافقة الجهة التي رخصت سواء وزارة التجارة والصناعة أو هيئة المدن الصناعية. فيما قامت الوزارة بآلية عمل تطبيق قرار سعودة وتأنيث الوظائف الصناعية المناسبة للمرأة والذي جاء على مراحل ذكرها الدكتور التخيفي قائلاً: تتمثل المرحلة الأولى في توفير البيانات والمعلومات ذات العلاقة بالمصانع ومن ثم تأتي المرحلة الثانية وهي التخطيط لتنفيذ البرنامج وتهيئة مرتكزات النجاح من الناحية التشريعية والتنظيمية والناحية الثانية في دعم السيدات مادياً وتأهيلياً وتدريبيا بالتعاون مع الجهات الشريكة في التنفيذ، وتبقى في المرحلة الثالثة إعداد خطتين قصيرتي المدى وتتمثل في عقد ورش عمل مع أصحاب المصانع ومسؤولي القطاع الخاص لمناقشة جميع الأمور ذات العلاقة وإعداد خطة للزيارات الميدانية وكذلك إعداد برامج تدريبية فنية وتأهيلية المراد تنفيذها لكل مصنع، كما تم إعداد دليل اشتراطات العمل في المصانع وآلية دعم التدريب والتأهيل والتوظيف لأصحاب العمل وطالبات العمل المٌقدمة من قبل صندوق تنمية الموارد البشرية والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، فيما تتضمن الخطة بعيدة المدى عمل دراسة ميدانية موسَعة تطمح الوزارة من خلالها إلى تحقيق مجموعة من الأهداف والتي نتوقع أن تكون رافداُ لتطوير عمل المرأة في المصانع في الوظائف المناسبة لها، مثل استخلاص مقترحات لتطوير التشريعات والقوانين التي تنظم عمل المرأة في المصانع والتعرف على التحديات والمعوقات التي تواجه صاحب العمل وطالبة العمل، ووضع المقترحات والحلول لمعالجتها. وأضاف بأن الوزارة تقوم بعملية حصر الوظائف الصناعية المناسبة للمرأة بحسب طبيعة نشاط المصنع، وتحديد المهن والوظائف المستهدفة شغلها بمواطنات، بالإضافة إلى ذلك سيتم استطلاع مرئيات المستهدفين من الدراسة حول آلية دعم التدريب من الجهات ذات العلاقة، وآلية دعم التوظيف مع جهات ذات العلاقة وتحديد الحوافز لتوظيف المرأة أو السعوديين في القطاع الصناعي بشكل عام. وفيما يتعلق بالتحديات التي تواجه عمل المرأة في القطاع الخاص وتحديداً في المصانع وكيفية معالجتها ذكر الدكتور فهد: بأن التحديات متماثلة لحد ما وتتركز في عدم وجود المواصلات وساعات العمل الطويلة، وتزداد التعقيدات في المصانع كون المصانع غير متواجدة في وسط المدينة، وتوجد مبادرة من قبل صندوق تنمية الموارد البشرية لتوفير إعانة مواصلات وفق ضوابط محددة. وفيما يتعلق بساعات العمل يُمكن لأصحاب العمل التوظيف وفق الدوام الجزئي أو العمل عن بعد في بعض الوظائف المكتبية في المصانع، وتابع: كما تعمل الوزارة أيضاً بالتعاون مع صندوق تنمية الموارد البشرية على تنفيذ مبادرة من شأنها دعم إنشاء مراكز حاضنات للأطفال سواء للمصانع أو للشركات أو في المراكز التجارية وهذه المبادرة تتطلب وضع تشريعات وتنظيمات وتنسيق مع مؤسسات حكومية ومؤسسات القطاع الخاص لدعم تنفيذها تشريعيا وفنيا وإداريا ومادياً. فيما نفى الدكتور التخيفي أن تكون هناك أرقام محددة تستهدف في التوظيف إذ أن الهدف الأساسي يتمثل في تحديد الوظائف الصناعية المناسبة للمرأة من حيث طبيعة العمل وألا تكون ضمن الأعمال المحظور عمل المرأة فيها من جهة، وأن يكون مكان عمل المرأة في المصنع خاص ومستقل سواء كان في المكاتب التابعة للمصنع أو في خطوط الإنتاج. وعن مدى رغبة طالبات العمل في الانخراط بالمجال الصناعي والعمل في المصانع قال د. التخيفي إنه من بيانات الراغبات للعمل في حافز والبالغ عددهن 1،657،000 التي تمثل 85 % من إجمالي بيانات حافز الراغبين «رجال ونساء» البالغة 1،959،000، وُجد عدة رغبات من النساء للعمل في الإنتاج الصناعي إذ بلغت ما يقارب 20،195 طلبا بالإضافة إلى رغبات أخرى ممكن أن تناسب للعمل في المصانع كالوظائف المكتبية في المصانع العاملة في مجال البناء والمقاولات إذ بلغت 16312 ومجال تجارة المنتجات والخدمات إذ بلغت 78679 وغيرها من المجالات الأخرى المناسبة لعمل المرأة. وأشار د. التخيفي إلى أن التأنيث بالمصانع ليس إلزامياً ولم ينص الأمر الملكي بقصر العمل على المرأة السعودية كما في المستلزمات النسائية، وإنما يكون التأنيث بحسب الوظائف المناسبة في كل مصنع. كما أن الأمر الملكي أو القرار الوزاري غير مُلزم للمصانع بأن يكون التأنيث في كامل المصنع وإنما يكون في الوظائف المناسبة لعمل المرأة في المصنع على أن يكون النساء في أقسام خاصة بهن ومستقلة عن أقسام الرجال مع تحديد حد أدنى للعاملات في الوردية الواحدة لضمان البيئة الآمنة. وفيما يتعلق بالأنشطة، فمن الصعب تحديد أنشطة معينة تكون خاصة للنساء والتركيز يكمن في تهيئة بيئة العمل الخاصة المستقلة عن الرجال كشرط أساسي لتوظيف النساء. وعن مدى تجاوب أصحاب المصانع وتفاعلهم مع تطبيق القرار قال د. التخيفي بأن هناك تجاوباً من قبل العديد من المصانع وسارعت بتوظيف سعوديات في وظائف تناسبهن. وأكد د. التخيفي على جدية وحرص المرأة السعودية في العمل وبأن المصانع أثنت على عملها وجودة إنتاجها. وعن ما إذا كانت هناك أهداف للوزارة في سعودة عدد معين من الوظائف في حال تطبيق القرار ونوعيتها قال إنه من الصعب تحديد الوظائف المستهدفة للتأنيث قبل إنهاء أعمال الزيارات الميدانية وتحديد الأقسام التي ستؤنث سواء إدارية أو في خطوط إنتاج، فالوظائف المستهدفة مفتوحة طالما أنها تناسب المرأة من جهة وطالما أن القسم الذي تعمل فيها المرأة يتميز بالخصوصية والاستقلالية. ومن جهته يرى رجل الأعمال عبدالعزيز البراك بأن بيئة عمل القطاع الخاص بشكل عام ربما تكون فيها نوع من المشقة على المرأة من حيث المواصلات ولا بد من إعادة دراسة الحد الأدنى للرواتب ويجب أن يشمل جميع التخصصات والمؤهلات باختلافها ولا يقتصر على الحد الأدنى بطريقة مبهمة وغير محددة التفاصيل حيث أن الموظفة تتحمل تكلفة مواصلات تصل إلى 2000 ريال شهرياً وهذا لا يتناسب والراتب الشهري، ولا يرى البراك بأن عدد ساعات العمل طويلة على المرأة معللاً ذلك بأنه من الواجب أن تكون ساعات الدوام كما حددت لها الوزارة من أجل تحقيق إنتاجية عالية وأن ذلك مطلب عالمي ومشروع كي يصبح لدينا شعب منتج. وفيما شكت العديد من الموظفات بالقطاع الخاص عدم وضوح آلية العمل وكذلك العقود المبرمة بين الموظفة وجهة العمل قال البراك إن السبب في ذلك هو أن الغالبية حديثي عهد بالعمل بصفة عامة وليست لديهن الخبرة الكافية في عقود العمل، مع قلة الجهات التي تستقطب النساء للتوظيف، لذا لا يوجد خيار لدى طالبة العمل للتفاوض على بنود العقد، واقترح البراك على وزارة العمل أن تنشئ قسما خاصا للسيدات يقوم عليه خريجات القانون للاستشارات القانونية ويهتم يتوفير المعلومات والإجابة على استفسارات راغبات العمل فيما يتعلق بالعقود وتعديلها وآليات العمل بشكل عام، ودعمهم في الضغط لتعديل العقود بحكم أن مكتب العمل مسؤول عن ذلك. من ناحيته ذكر المستثمر في قطاع التوظيف محمد آل صقر بأن المرأة أصبحت تمثل عنصر قوة في الشركات والتقصير في توفير بيئة العمل المناسبة لها يلحق الضرر للمنشأة قبل أن يضر المرأة نفسها. مضيفاً بأن ظروف العمل في القطاع الخاص تختلف بحسب الصناعة والمجال والخدمات، وفي إدارات الشركة الواحدة ولكن بشكل عام فإن بيئة العمل في القطاع الخاص ملائمة بشكل كبير للمرأة، ومن خلال ملاحظتي للكثير من المنشآت الموجودة في سوق العمل فالوضع يتطور أيضا للأفضل من خلال توجهات الشركات والمؤسسات لتوظيف السيدات وتوفير البيئة المناسبة لهن على مستوى الإجراءات والسياسات التي تحفظ حقوقهن أو على مستوى الموقع والمكاتب التي أيضا تحفظ لهن خصوصياتهن وأضاف بأنه قد يكون هناك خلل في بيئات عمل بعض المنشآت ولكن على المسئولين في هذه الجهات أن يستعدوا ويستبقوا التغيرات. وذكر آل صقر بأن المنشآت الكبيرة تدعم عمل المرأة من حيث الرواتب والحوافز وعدد ساعات الدوام قائلاً: كما يظهر لي، المنافسة أصبحت كبيرة بين الشركات اليوم في استقطاب المرأة السعودية، وهذا يدفع الكثير من الشركات لرفع مستوى المميزات التي تقدم للمرأة، ابتداءً بالمميزات المادية، فالشركات استوعبت أن استقطاب الكفاءات والمحافظة عليها لا يمكن أن يتم بدون توفير مميزات لهذه الكفاءات, مميزات تجعلها وجهة ورغبة للكفاءات خاصة النسائية منها، كما أن أنظمة وزارة العمل الجديدة ساعدت كثيرا على فرض وظائف السعوديين والسعوديات في المنشآت، وكان الأولى بكثير من هذه المنشآت أن تبادر وتعمل بمسئوليتها لتوظيف أبناء وبنات البلد. وفي مجال الأمن والسلامة، هناك ضعف إقبال وتردد واضح لقبول وظائف حراسات أمنية، على الرغم من أنه يوجد احتياج لهذه المهنة، وعليه أرجع آل الصقر السبب في ذلك إلى أن المجتمع غير مستعد لقبول فكرة عمل المرأة في مجال الأمن والسلامة للمنشآت، كما أن بعض المنشآت لم تعمل على تطوير هذه الصناعة من الناحية النسائية، مع العلم أن هناك حاجة في السوق لهذه المهنة الملحة، خاصة في المواقع والمحلات والأسواق النسائية، وحتى الأقسام النسائية في المنشآت. ويرى آل صقر بأن أحد أهم الحلول لهذه المشكلة يكمن في التوعية والتعليم, وهنا يأتي دور متكامل يدخل فيه أصحاب الأعمال والجهات الإعلامية وكذلك التعليمية وذلك لتوعية الناس بأهمية هذه الوظيفة في المجتمع، وأهمية المرأة هنا فهي عنصر مهم في أمن وسلامة منشآت الوطن. وأضاف: بأن التسريح والتسرب الوظيفي يأتي بسبب عدم إيضاح المهام الموكلة بالموظفات وعدم وجود صفة وظيفية لهن توضح الواجبات والمسئوليات المناطة بهن، وفي هذا إضرار لهن حيث لا يستطيع صاحب المنشأة تقييمهن على أسس موضوعية في ظل غياب ذلك كله، وبالتالي تفشل مهمة الموظفة قبل توظيفها. فيما أكد آل صقر بأن تخوف الكثير من طالبات العمل الدخول في مهن جديدة، ربما يعود سببه لقصور من قبل القطاع الخاص بعدم تعريف المجتمع بطبيعة هذه المهن، كما أن عدم توفير تأهيل مناسب للموظفات الجدد في هذه الوظائف الجديدة يدعو بعضهن لتركها بعد حين مما يبعث رسالة سلبية لطالبات العمل تنفرهن من هذه الوظيفة، فضلا عن قضية ضعف بعض الرواتب والمكافآت المطروحة مما يقلل من جاذبية هذه الوظائف. لذلك على رجال وسيدات الأعمال أن يستفيدوا من وسائل الإعلام لتوعية الفتيات بالوظائف والمهن الجديدة وأثرها على المجتمع وطالبات العمل, فضلا عن أهمية إقامة لقاءات التوظيف النسائية التي تستطيع الشركات أن تستخدمها لتوعية السيدات وطرح الفرصة الوظيفية لاستقطابهن, كما يجب أن تتبع عملية التوظيف عملية تأهيل وتدريب لتطوير الموظفات ولرفع مستوى الاستقطاب لدى هذه المنشآت.