تلقيت دعوة كريمة من الشيخ محفوظ بن محفوظ لحضور الملتقى السعودي السوداني في الرياض في فبراير القادم. وقد حركت الدعوة في نفسي مشاعر ورؤى واستعدت ذكريات زيارتي للسودان عام 2002 بمعية صاحب السمو الملكي الأمير محمد الفيصل، رئيس مجلس إدارة بنك فيصل السوداني. والأمير لمن لا يعرف صلته ببلد النيلين سوداني الهوى ومن أوائل المستثمرين على مدى نصف قرن. قيل إن الحب الذي لا يحكمه العقل يموت. والحب الذي يربطنا بأهلنا، ناس السودان، تنتصر له الحكمة بقدر ما يخفق له القلب كله. فعرى المحبة بيننا يسندها تاريخ من التعاون والتكامل والمصالح المشتركة. فموارد السودان كانت دوما سخية، فقد حملت قوافل البر وسفن البحر إلى جزيرة العرب عصارة فكر وعلم وخبرات ساهمت في مسيرة البناء والتنمية. كما أن السودان، التي سميت كذلك لاسمرار أرضها بخصوبة طمي النيل، كان ومازال مشروع سلة غذاء الأمة. ولذا فإن العقل يسابق القلب في الارتحال ببعض استثماراتنا إلى بلاد النيل، خاصة مع تزايد الحاجة لتحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائية في بلداننا. ولكنني، مع هذا أصارح أحبتي، ناس السودان، أن بعض المبادرات الاستثمارية الكبيرة أصابتها نكسات كان بالإمكان تلافيها. وبدون حل إشكالياتها سيستمر القلق وتنتقل عدواها لكل من يفكر في الاستثمار. وعلى سبيل المثال لا الحصر فقد تعرض منظمو معرض المنتجات السعودية الذي عقد في الخرطوم عام 1989 ميلادي لخسائر فادحة بسبب مصادرة منتجاتهم، وأنصفتهم المحاكم ووجهت الدولة بصرف تعويضات لهم. إلا أن القضية لم تحل إلى حينه رغم أوامر صريحة من كبار المسئولين في الدولة لتعنت بعض البروقراطيين. قصص كهذه لا تتفق مع توجهات الدولة السودانية ولا تتفق مع طموحاتها، ولا تطمئن المستثمر، ورأس المال كما تعلمون، جبان، والخيارات أمامه واسعة. استحث القيادة السودانية العمل على إقفال الملفات المفتوحة، وإنهاء القضايا العالقة، ووضع النظم والآليات التي تطمئن المستثمر وتشجع الاستثمار. وأقترح قيام هيئة عليا للاستثمار تجتمع لها التخصصات والصلاحيات والإمكانات التي تيسر حركة الأموال والمستثمرين وإنهاء إجراءات قيام المشاريع وتوفير الدعم والرعاية والتشجيع لها. والأهم من ذلك كله، تنفيذ القرارات والأنظمة والأحكام الصادرة، بما يكفل للمستثمر حقوقه ويؤمن مصالحه في بيئة عدل وإنصاف. [email protected]