يعد إنشاء الهيئات والمؤسسات العامة نوعا من محاولة الهروب من البيروقراطية التي تلتزم بها الوزارات وخاصة في الجوانب الإدارية والمالية حيث يتم إعداد وتفصيل الأنظمة بالشكل الذي يسمح لهذه الهيئات ويعطيها المرونة في تيسير أعمالها ويوفر الحوافز وقبل ذلك الرواتب التي يجدها نظراؤهم من الموظفين في القطاع الخاص.. أما الجانب الفني فهو الهدف البعيد والمبتغى الأسمى من هذا التحول الذي يسعى للرقي بالمنتج النهائي وجودة العمل.. ويأتي قرار إنشاء الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون في هذا الإطار ويلبي رغبة المتخصصين في تطوير العمل المرئي والمسموع على مستوى القنوات المحلية والمحطات الإذاعية والتي تفتقدكما يرى المختصون وغيرهم للبرامج المهنية الاحترافية التي تبهر وتجذب المشاهد بجودة الإعداد والتقديم والإخراج مما تسبب في رسم صورة سلبية للقنوات والمحطات المحلية في ذهن المشاهد المحلي. وينتظر الهيئة دور كبير يتطلب صلاحيات تتوافق مع المرحلة التي نعيشها بتوسيع حرية التعبير والشفافية في مناقشة الموضوعات المختلفة وكذلك التدريب العالي للعاملين وميزانيات مفتوحة ومحاسبة على الجودة. إن المطلع والمعني يعي أن سقف الطموح عال والتوقعات تتضاءل وأن القنوات والمحطات المحلية في جميع الدول تعاني من مثل هذا الضعف وأن القوة والسيطرة تبقى للقطاع الخاص في الوقت الحاضر خاصة في ظل المساحة الواسعة التي تعطى للعاملين فيه. ومع ذلك فإنه يبقى للهيئة مساحات واسعة لا تعذر من خلالها في الخروج من نمطية الوزارة وتحقيق حد أدنى من الرضا للمتابع و في مجالات التراخيص لوسائل الإعلام وتنظيم عمل ووضع الضوابط التي تعطي مساحة وفق الثوابت المرعية في هذا البلد بحيث يشاهد ويستمع المواطن من الداخل لما يشبع نهمه ويغذي فكره بأسلوب راق ومهنية عالية وحرفية إعلامية تحترم ذائقة المتلقي. [email protected]