من نافلة القول فإن الحديث عن المتاحف التاريخية العامة والخاصة في وطننا العربي والإسلامي ذو شجون فإنها تعطي الزائر قدرا كبيرا من المشاهدات والانطباعات والمرئيات الشخصية عما تحتويه من مقتنيات تراثية وموروثات شعبية قيمة تحكي عن طابع تاريخي عريق عن أمم سابقة في ذلك الزمان فقد كانت تملك كنوزاً تاريخية لا حصر لها فكل جيل يضيف لهذه الكنوز التراثية ثمار أفكارهم ويمهدون السبيل لمن يأتي بعدهم... وهكذا. ويرى الباحثون والمؤرخون أن هذه المقتنيات التراثية والموروثات الشعبية أنها من المميزات التي تتميز بها كل أمة من الأمم السابقة في عصورها الغابرة فهي تدل دلالة واضحة على اهتمام هؤلاء القوم بالعقل البشري أولاً إلى جانب رغبتهم في التوسع في البحوث العلمية والثقافية والتاريخية، حيث إن المختصين في مجال التراث يدعون إلى مواصلة البحث عن هذه الآثار التاريخية العريقة والمثابرة في التنقيب عنها وشكرا لمن شغل نفسه وفكره وعقله في ذلك الزمان، حيث إن أمماً سابقة الذكر لم يوفهم التاريخ حقهم من البحث والتنقيب، وقد أحاط بهم الغموض والإبهام وراحوا ضحية الإهمال والنسيان فلا ترى لهم أسماء في الكتب التاريخية ولا ذكراً في معاجم الإعلام. وليس صعباً على الباحث في الكتابة عن حياة أمم سابقة لم يعطها التاريخ حقها من البحث والاستقصاء، كما أن معرفة الحق ثمرة لتقارب الأجيال الإنسانية فكل جيل يضيف إلى التراث الإنساني ثمار أفكاره وإذا أرادت أي أمة من الأمم أن تبني مجداً عليها أن تغرس في نفوس الأفراد روح الإيمان وأن تنشى فيهم الشعور بالعزة، وذلك عن طريق الاهتمام بماضيها وربطهم بحاضرها وتعريف الناشئة بجهود أسلافهم ومآثرهم، حيث إن أجدادهم كانوا قادة زمانهم ومن حسن الطالع أن وهب الله بلادنا ولله الحمد والمنة بتراث عريق مليء بالابتكارات والموضوعات القيمة تعكس صورة ناصعة البياض عن ماض تليد جسده الآباء والأجداد في حقبة من الزمن وغذوه بالمقتنيات التراثية الجميلة والموروثات الشعبية النادرة التي تعطي القارئ العزيز قدراً كبيراً من المعرفة والمعلومة من قدراتهم وعطاءاتهم وابتكاراتهم الرائعة على الرغم من قلة الإمكانات المالية والعلمية وقلة أدوات الابتكار في ذلك الزمان إلا أنهم جدوا وأصروا وعملوا على إيجاد ما يساعدهم على ظروف الحياة القاسية حتى أصبح لهم كيان معتبر بسبب تاريخهم. بما خلفوه من آثار جليلة وتراث خالد. ولقد وفقني الباري -عز وجل- بعد أن أتيحت لي الفرصة التي كنت من أجلها تواقاً لزيارة متحف الأستاذ الفاضل عبدالرحمن بن عبدالله المالك -وفقه الله- في منزله العامر بحي الأمير مشعل بن عبدالعزيز (بِعَرِقة) يوم الاثنين 27-12-1433ه ذو الحجة الموافق 12-11-2012م (نوفمبر) وبعد استراحة قصيرة داخل مجلسه العامر أخذني بجولة استطلاعية على ما يحتويه المتحف من مقتنيات تراثية نادرة وموروثات شعبية قيمة، حيث إن المتحف يضم أكثر من (500) قطعة أثرية متنوعة يقدر تاريخ كل قطعة بأكثر من (100) سنة هجرية حيث أطلعني على كل صغيرة وكبيرة عما يحتويه هذا المتحف وفي أثناء تجوالي داخل المتحف دهشت كثيراً بما رأيته بهذا المستوى من التنسيق والتنظيم والترتيب والإعداد وبهذا الكمُّ الهائل والكيف الماثل من المقتنيات التراثية والموروثات الشعبية الموضوعة على رفوف متماثلة الأحجام التي تحكي عن طابع وتاريخ هذه البلدة العريقة تاريخيا. وفي نهاية الجولة الاستطلاعية القصيرة تحدث لي الأستاذ عبدالرحمن قائلاً الهدف من هذا المتحف التراثي الخاص الحفاظ على تراث هذه البلدة وتراث الآباء والأجداد وتنمية الهواية لدي وحبي الشديد لهذه البلدة ولأهلها الكرام مما دفعني الشوق والحب لهذا التراث فقد أخذت وقتاً ليس بالقصير في جمع شتات هذه المقتنيات التراثية والموروثات الشعبية منذ الصغر وأنا أبحث عن كل صغيرة وكبيرة عن هذه المقتنيات التراثية سواء عن طريق الشراء أو البحث أو التنقيب أو الهبة ومن خلال هذا اللقاء القصير عبر جريدة (الجزيرة) الغراء أحببت أن أناشد الجهات المعنية بعرقة بالدعم المادي والمعنوي والتشجيع في إيجاد مقر لهذا المتحف التراثي حتى يكون واجهة حضارية - وإعادة ترميم (منازل الظهيرة القديمة) بالرياض مع أبراجها المحيطة بها كي تكون من ضمن مشروع تنمية القرى التراثية ولتصبح تصبح مزاراً ومتنفساً ومنتجعاً سياحياً لكل زائر ومورداً اقتصادياً يسهم في توفير أعمال جديدة في عرقة. والله الموفق والمعين. - الرياض