بدأ العديد من محبي وعشاق التراث في منطقة عسير بالعمل على تحويل منازلهم أو المواقع القريبة منها إلى متاحف تضم قطع التراث المختلفة والتي تعبر عن تراث وحضارة المنطقة وتعكس عاداتها وتقاليدها. وأكد أمين عام مجلس التنمية السياحية عبدالله مطاعن أن هذه الظاهرة تعد من أهم المظاهر الحضارية التي تحتفي بها المنطقة من قبل عشاق التراث ومحبيه، مبينا أن الهيئة العامة للسياحة ترحب بهذه المشاركة وتمنح تراخيص لجميع أصحاب المتاحف وعشاق التراث لإقامتها في منازلهم أو قريبا منها بجهدهم الشخصي. وقال مطاعن إن عدد المتاحف وصل إلى 15 متحفا شخصيا ومنح بعضها ترخيص لمزاولة المهنة، مبينا أنها تعد من أهم المعالم الحضارية للتعريف بالمنطقة. وطالب مطاعن بأن تكون هذه المتاحف مميزة ودقيقة ولائقة، كونها تمثل تراث وحضارة المنطقة، مبينا أن لها مردودا جيدا على أصحابها، مشيراً إلى أن الهيئة تقوم حاليا ببناء المتحف الإقليمي لعسير بتكلفة إنشائية تقدر بحوالي 30 مليون ريال، ليكون من أهم متاحف المملكة، وتم البدء في تنفيذه وتسليمه للمقاول ليتم وضع أهم الآثار والمقتنيات التي تم اكتشافها بعد التنقيب في مدينة جرش التراثية والتي وجد فيها العديد من الكنوز التراثية، حيث أشرف على عملية التنقيب خبراء سعوديون وغربيون وأمريكان. وعن وجود لجان لمتابعة المتاحف أشار مطاعن إلى أن هناك لجانا شكلت بدعم من الأمير سلطان بن سلمان ومن قبل جمعية التراث والعمران لمتابعة التراث والمتاحف على مستوى المملكة، مضيفاً أن المنطقة مليئة بقطع التراث المميزة التي تستحق أن يستمتع بها زوار المنطقة للتعرف على حضارتها، معتبراً وجود المتاحف داعما للحفاظ على التراث من الاندثار، مؤكدا دعم الهيئة لإعطاء التراخيص للراغبين في إقامة متاحف تراثية جديدة. من جهته أكد محمد الراقدي صاحب متحف الراقدي أن هناك توجها كبيرا من عشاق التراث لفتح متاحف في منازلهم أو بالقرب منها، مبيناً أن هذا التوجه من عشاق التراث جاء نظرا لعدم وجود مواقع يمكن أن تقام فيها، إضافة إلى ارتفاع أسعار المواقع والمردود المادي القليل مقارنة بأسعار الإيجار. وأضاف الراقدي أن متحفه الذي أقامه منذ 5 سنوات استقبل أكثر من مليوني زائر من عسير ومن خارجها، وهو يضم قطع التراث المتنوعة واللوحات القديمة ويضم 2000 قطعة تراثية قام بجمعها بنفسه. وقال إن تكلفة إقامته بلغت أكثر من مليوني ريال، لكنه يشعر بالسعادة لوجود زوار له من المنطقة ومن خارجها، ولما يراه في عيونهم من حب واطلاع على حضارة المنطقة وتراثها وحرصه على الحفاظ على كل ما يخص تراث المنطقة. وأبان أنه حصل على ترخيص من الهيئة العليا للسياحة لإقامته في مدينة أبها وطالب بإيجاد جهات مسؤولة لحماية قطع التراث ومتابعة المتاحف باعتبارها داعما كبيرا للسياحة في المنطقة، وذلك خوفا عليها من الاندثار، مشيراً إلى أن المتاحف هي سفيرة للسياحة في المنطقة وهي بطاقة تعريفية بجماليات المنطقة وعراقتها وأصالتها، وتحتاج إلى الحفاظ عليها وتوثيقها خوفا عليها من الاندثار، مبيناً أنه أورث هذا العشق لكل أفراد أسرته الذين يعملون معه. من ناحيته أشار صاحب متحف على الحجل علي العاصمي إلى أن متحفه الذي يقع في باحة ربيعة بجوار منزله على مساحة 200 متر مربع، وضع فيه أكثر من ألف قطعة تراثية جمعها على مدار 30 سنه. وقال إن عشقي لتراث عسير كان الدافع الأساسي إضافة إلى حرصي على حمايته من الاندثار خاصة أن معظم المقتنيات تمثل حضارة المنطقة قبل 200 سنة. وبين العاصمي أن المعروضات في المتحف عبارة عن لوحات وقطع تراثية، وأن المتحف صمم وفقا لتراث المنطقة وجمالياتها من القط والزخارف التي تميزت بها، كما عمل السقف من الطراز العسيري القديم. وقال إنه يعمل الآن على استخراج ترخيص لمتحفه، مشيرا إلى أن عددا من كبار الشخصيات من داخل المملكة ومن خارجها زاروا المتحف وأعجبوا بما قدم فيه من طريقة دقيقة في عرض التراث القديم في الجدران والسواري والمعاول والآثار القديمة. وقال إنه يأمل من ذلك أن يتحول متحفة إلى معلم حضاري يعبر عن منطقة عسير وماضيها العريق وأن يتم إطلاع السياح على جماليات هذا التراث. من جهته أضاف سعيد محمد الغماز صاحب متحف الغماز "أنه جمع تراث والده في متحف خاص في مزرعته وهو يضم خرائط وقطع تراث عن تاريخ المنطقة وتاريخ الأجداد والمعارك والفلك. وأشار إلى زيارة العديد من سياح المنطقة للمتحف، حيث زاره خلال سنة ونصف أكثر من 1500 زائر من داخل عسير ومن خارجها، وقال إن هذا التوجه جاء منه ومن أولاده للحفاظ على تراث الأجداد والاعتزاز بكل ما في المنطقة من جماليات وتراثيات قديمة وحماية لها من الاندثار. وقال جمعنا قطع التراث بحب وكلنا أمل في أن يكون هذا المتحف أحد المعالم الحضارية التراثية في المنطقة. من جهته ذكر صاحب متحف بن معتق للتراث والوثائق والمخطوطات التاريخية في سراة عبيدة "العسران" محمد بن معتق القحطاني أن متحفه يحتوي على عدد من قطع التراث تصل ل 3 آلاف مخطوط ومخطوطة وقطع من الماضي، "وقمت بافتتاحه عام 1415، وزاره أكثر من 10 آلاف شخص وهو في ركن من منزلي حيث تزورني الوفود من داخل عسير وخارجها". وقال القحطاني إنها هواية وطنية للحفاظ على التراث من الاندثار وتجميع قطع التراث، عملت عليها خلال 40 عاما، مشيراً إلى أن الدخول مجانا لوقوعه في قرية بعيدة، لافتا لوجود متاحف تراثية في المنطقة، أقامها مواطنون في منازلهم، ومنهم ابن المقر في النماص، ودحدوح في تنومة، ومجموعة في أبها، وابن حمسان في خميس مشيط. وأضاف أن متحفه يضم مخطوطات نادرة وثمينة وهو يجمع بين الأدب والتاريخ ويستفيد منه الباحثون، مشيراً إلى أن عمله لأربعين عاما في التعليم تمخض عنه هذا الحب لإقامة متحف. وقال: أقوم بتطويره وتحسينه من سنة لأخرى، وزاره الأمير سلطان بن سلمان وبعض المؤرخين ورجال التربية والتعليم والشعراء وأصحاب الفكر، وهو مسجل من الهيئة العليا للسياحة ومن البلدية والدفاع المدني.