مما يقولون: إن «رضاء الناس غاية لا تدرك».. غريب أن يقولوا هذا..! فرضاؤهم ليس غاية.., إلا من خشي منهم ربه.. ليكونوا للحياة سلاما.., وليشيعوا أمانا يعمر النفوس.., والبيوت.., والرفقة.., والشارع.., والجيرة.., بل الأوطان... والأمة «العربية» شعوبها, أمة ترفع صوتها عند النقاش.., في الجلسات الأخوية.., والتعليمية.., والتوجيهية.., وعند المطالبات بالحق.., وبالواجب.., وبالرأي..! وحتى عند الفرح, والحزن..!! في أي مكان.. لا يعرف العربي أن يلجم حنجرته لحد أذن السامع له , أو يمدها لحد السامعين له..، لكنه يجأر.. ويصم الآذان في آن.. فلا يَسمَعُ..، ولا يُسمِعُ..!! فظاهرة انفلات الجأش..، موسوم بها كلُّ تجَمُّعٍ بدءا باثنين..، أو مئة..، أو ألف.. أو مضاعفاتها..، ومضاعفات مضاعفاتها..!! المواقف, والوقائع.. والمشاهد.. والواقع.. يقولون ذلك.. لذا فإنهم لا يسمعون بعضهم..، بل كلٌّ منهم يسمع صوت نفسه..! لا وقار..، ولا رحمة..! من هنا تضخمت في نفوسهم ذواتهم.. ولذا لا يجتمعون على رأي , إلا من حكَّم عقله..، وتحكيم العقل إيمان , ويقين.. بالمبدأ..، والصواب..، ويكون نبعهما تقوى.. وعلم,... فالعالم بالشيء ,غير الجاهل به..، والتقي بخلق..، غير المتهاون بنزق..! إن رضاءهم على نحو ما لا يعلمون..، وما لا يوقنون..، ومالا يؤمنون..، يدعوهم لحلبات الصراخ..!! تتناكب فيها الكتوف..، وتعلو الحناجر..، وتختلط الغايات..، وتنهزم القيم..، ويضيع الصواب..، وتموت مع الأرواح القضايا..، وأولها قضايا الأوطان التي انفلت في كثير من المجتمعات زمام أمرها..! ورضاؤهم إن طُلِبَ عند ذلك, فإنه ليس غاية.. رضاؤهم باهظ الأثمان..، غير موثوق النتائج..!.. إذ اختلط الحق بالباطل..، والصواب بالخطأ..، والنور بالنار..! مع أن الحياة أيسر مما يتخيلون, ودنياها أفنى مما يتمسكون.. فهي ليست غاية على كل الوجوه.. عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855