كتاب الله تعالى له المكانة العالية في قلوب المسلمين، وهو معجزة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - والتمسك به طريق للعزة والخيرية في الدنيا والآخرة، قال تعالى: {لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} (10) سورة الأنبياء. أي قد أنزلنا إليكم هذا القرآن، فيه عزكم وشرفكم في الدنيا والأخرة إن تذكرتم به، أفلا تعقلون ما فضلتكم به على غيركم؟ وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين) رواه مسلم وأحمد في المسند وابن ماجه والدارمي. وفي رواية للدارمي «إن الله يرفع بهذا القرآن..» وفي صحيح مسلم عن نافع بن عبدالحارث الخزاعي وكان عامل عمر على مكة أنه لقيه بعسفان فقال له: من استخلفت مولى؟ قال: إنه قارئ لكتاب الله عالم بالفرائض، فقال عمر: أما إن نبيكم قد قال «إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين»، ولا شك أن توجيه الشباب لكتاب الله تعالى يعتبر صيانة لهم من الفتن وحفاظاً لطاقتهم من الضياع وتحصيناً من مكائد الشيطان. وإن من الوسائل المفيدة والمعينة على ذلك ما نراه من إقامة المسابقات القرآنية، ولا شك أن تلك المسابقات لها أثر كبير في التنافس الشريف وتشجيع الناشئة من بنين وبنات على حفظ كتاب الله الكريم بشكل سليم، والتخلق بأخلاقه. ومن مظاهر عناية ولاة أمرنا -وفقهم الله- بالقرآن إقامة مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم وتجويده وتفسيره في أعظم ميدان وأبرك تنافس وهو كتاب الله تعالى. وقد ظهر ذلك في منحها ما تستحقه من اهتمام وعناية وبذل ما تحتاج إليه مسابقتها من أموال وجوائز وتوفير الوسائل التي توصلهم إلى مكةالمكرمة وتوفير السكن المناسب للجميع وغير ذلك. وهو تأكيد للنهج الإسلامي الذي تأسست عليه هذه الدولة -أدام الله عزها- وما يتمتع به قادتها من إدراك عميق لأثر القرآن الكريم في تزكية النفوس وتهذيب الأخلاق وتوجيه السلوك. إن رعاية ولاة الأمر -وفقهم الله- لهذه المسابقات الطيبة لما وجدوا فيها من الخير الشامل للفرد والمجتمع ولمعرفتهم بسلامة منهاجها وأهمية وجودها وبقائها، وإدراكهم لحسن آثارها وطيب ثمراتها، والأمة اليوم في حاجة ماسة إلى مثل هذه المسابقة المباركة التي تستثمر أوقات الشباب في الخير وتوجه اهتمامهم إلى التنافس فيه بما يصرفهم عن مزالق الانحراف ومسالك الجرائم والإفساد. وما أحوج النفوس إلى القرآن الكريم، تتلو آياته وتتدبر عظاته، تجلو به صداها وتذهب به أحزانها وتزيل به همومها وغمومها وتحل به أزماتها وتستشفي به من أدوائها وأمراضها. وأسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعاً لكل خير، وأن يعصمنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن - ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. - المستشار في الديوان الملكي وعضو هيئة كبار العلماء