سعادة الأستاذ خالد بن حمد المالك حفظه الله رئيس تحرير جريدة الجزيرة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اطلعت على مقال الأستاذ محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ في زاويته بالجريدة بتاريخ 7-11-1433ه تحت عنوان (بخروش بن علاس الزهراني)، أشار فيه إلى هذا القائد السعودي الفذ، وأنه كان من قادة الدولة السعودية الأولى الشجعان. وجاء ضمن نص المقال: «إن كثيراً من الشباب، وحتى المثقفين والمتخصصين، لا يعرفونه بسبب أن تاريخ المملكة العربية السعودية ما زال في تلافيف مهملة، لم ترَ النور بعد». كما أورد الكاتب رأياً لمستشرق إيطالي، يمدح فيه شجاعة بخروش الزهراني، ووصفه له بأنه «أشجع رجل عربي في زمانه». وإذ أشكر للكاتب اهتمامه بالتاريخ السعودي، ودعوته للعناية العلمية بشخوصه المهمة، وكتابة تاريخهم، وتوثيق أدوارهم في بناء الدولة السعودية، وبالرغم من أن الكاتب لم يشر إلى دارة الملك عبد العزيز المعنية بهذا المجال العلمي التوثيقي، إلا أن الدارة تريد أن توضح أن تاريخ المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها في دورها الأول عام 1157ه - 1744م زاخرة بالأبطال الشجعان الأوفياء للدولة السعودية في عهودها الثلاثة؛ ما يغري حركة البحث العلمي لمزيد من البحث والدرس والتحقيق العلمي والجهد الوثائقي عن إنجازاتهم وبطولاتهم في أوعية المعلومات المتنوعة. وأود أن أشير إلى أن دارة الملك عبد العزيز، وبتوجيه واهتمام من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس مجلس إدارة دارة الملك عبد العزيز - حفظه الله -، عنيت بتاريخ الأعلام ممن خدموا الدولة السعودية منذ تأسيسها حتى حاضرنا، في جوانب السياسة والاقتصاد والثقافة والأدب، وغيرها، ووفرت أرشيفاً وثائقياً من الوثائق المحلية والتركية وغيرها لخدمة الباحثين والباحثات للبحث في هذه الموضوعات، كما تشجع مثل هذه البحوث والدراسات عن الأعلام، وتحفِّز كل متخصص من خلال ما لديها من أوعية معلومات ومصادر تاريخية متعددة على طرق هذه الجوانب من التاريخ السعودي. وفي هذا الإطار فإن دارة الملك عبد العزيز تستعد لوضع اللمسات الأخيرة على ندوات علمية عن أعلام المملكة العربية السعودية، التي أقرها مجلس إدارة الدارة؛ حيث تم في الأخير حصر هؤلاء الأعلام منذ نشأة الدولة السعودية حتى نهاية عهد الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - كما تم من قِبل اللجنة العلمية للندوة وضع تصوُّر لتكريم هؤلاء الأعلام المرشحين في الذاكرة الوطنية، وستصدر إن شاء الله أوراق عمل الندوة في إصدار موسوعي، يُعَدُّ مشروعاً علمياً متكاملاً؛ وذلك لتعميم الفائدة وتحقيق الوثائقية لهؤلاء الأعلام الفضلاء الأفذاذ وأعمالهم الرائدة. كما أن دارة الملك عبد العزيز وفرت وهيأت، بصفتها مركزاً وطنياً توثيقياً، الوثائق التاريخية والتسجيلات الشفهية والمصادر المخطوطة والمكتوبة للباحثين والباحثات، وشجَّعت من خلال استراتيجيتها ورسالتها العلمية الأفكار البحثية المختلفة لتوثيق تاريخ الشخصيات المتميزة في التاريخ السعودي، وكذلك لتوثيق تاريخ الأماكن والأحداث والمآثر العمرانية والفكرية وكل ما يتعلق بتاريخنا الوطني، سواء في الجوانب العسكرية أو السلمية. وهنا من المناسب أن نذكر أن دارة الملك عبد العزيز حرصت على اقتناء الوثائق والأوراق التاريخية الخاصة بالأعلام الذين عملوا مع الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - من أجل الإفادة منها في توثيق حياتهم وإنجازاتهم الوطنية، وهي بذلك قد فتحت الباب للبحث في تاريخ هؤلاء الأعلام والرواد ممن هم جزء من تاريخ الدولة السعودية، بل أسسوا جوانب لافتة في تاريخها. أيضاً دارة الملك عبد العزيز، ومن خلال عدد من المشروعات العلمية التي نفذتها وتنفذها والندوات والمحاضرات والجوائز المتخصصة، قامت في هذا الجانب بتوثيقات مهمة. وهنا، فإن من الجدير ذكره أن جائزة ومنحة الأمير سلمان بن عبد العزيز لدراسات وبحوث تاريخ الجزيرة العربية تتيح فرصة لمثل هذه البحوث في سيرة الأعلام من خلال المقالة العلمية. فعلى سبيل المثال كانت جائزة المقالة العلمية في جائزة ومنحة سموه في إحدى دوراتها قد ذهبت للدكتورة دلال بنت مخلد الحربي عن مقالة لها عن (غالية البقمية)؛ كون سيرتها جزءاً من تاريخ الجزيرة العربية، الذي تعنى به الجائزة والمنحة. كما قدمت الدارة للمكتبة الثقافية بصفة عامة والتاريخية بصفة خاصة عدداً من الكتب التوثيقية في مثل هذه الموضوعات التفصيلية والجوانب الجزئية، ولكن بصورة موسوعية شاملة بعيداً عن التخصيص؛ كون مثل هذه الموضوعات تندرج تحت موضوع تاريخ المملكة العربية السعودية الكلي. ومن ذلك أنها أنجزت وستنجز إصدارات عن أعلام المملكة العربية السعودية، تتضمن العلماء والأدباء والشعراء والوزراء والإداريين وغيرهم، ممن كان لهم دور، أسَّس للمرحلة التاريخية التالية لهم. وفي الختام، أشكر للجريدة اهتمامها بتاريخ المملكة العربية السعودية من خلال المقالات والتحقيقات والحوارات وغيرها، التي تجعل منها حاضراً في ذاكرة المجتمع بصفة عامة. كما أكرر شكري للأخ محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ على مقالته التي تعكس اهتماماً بالتاريخ الوطني، ولفته الانتباه لتلك الشخصيات التاريخية السعودية التي هي - بلا شك - جزء ثري من تاريخ البلاد. كما أؤكد أن دارة الملك عبد العزيز تدعو الباحثين والباحثات والمهتمين إلى التوجُّه لمزيد من البحث والدراسة في مثل هذه الموضوعات، ضمن إطار التاريخ الوطني الأشمل والأكبر، وستدعم كل جهد في هذا الإطار بكل طاقاتها وإمكاناتها ضمن دورها العلمي والوطني. وتقبلوا تحياتي وتقديري.. د. فهد بن عبدالله السماري - الأمين العام لدارة الملك عبدالعزيز