السعودية وقطر تعقدان الاجتماع الثاني للجنة التنسيق الأمنية والعسكرية    أمير الشرقية يرعى الاحتفال بترميم 1000 منزل في المنطقة    الإسعاف الجوي بنجران ينقل مصابا في حادث انقلاب    مقتل 21 مسلحا ..وأردوغان يهدد أكراد سورية    تدشين مسار «لامة مدر» التاريخي بحائل بالشراكة بين البنك العربي الوطني و«درب»    الأمير عبد العزيز بن سعود يكرم مجموعة stc الممكن الرقمي لمعرض الصقور والصيد السعودي الدولي ومهرجان الملك عبدالعزيز للصقور    مساعد وزير التعليم يدشن في الأحساء المعرض التوعوي بالأمن السيبراني    استشهاد فلسطيني متأثراً بإصابته في قصف إسرائيلي شمال الضفة الغربية    تركي آل الشيخ يتصدر قائمة "سبورتس إليستريتد" لأكثر الشخصيات تأثيرًا في الملاكمة    بسبب سرب من الطيور..تحطم طائرة ركاب أذربيجانية يودي بحياة العشرات    ميدان الفروسية بحائل يقيم حفل سباقه الخامس للموسم الحالي    تدشين أول مدرسة حكومية متخصصة في التقنية بالسعودية    "التخصصي" يتوج بجائزة التميز العالمي في إدارة المشاريع في مجال التقنية    "سعود الطبية" تعقد ورشة عمل تدريبية عن التدريب الواعي    عائلة عنايت تحتفل بزفاف نجلها عبدالله    الشر الممنهج في السجون السورية    الإحصاء: ارتفاع مساحة المحميات البرية والبحرية في المملكة لعام 2023    الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد اتفاقية تاريخية لمكافحة الجرائم الإلكترونية    الشكر للقيادة للموافقة على تعديل تنظيم هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية    الفرصة ماتزال مهيأة لهطول أمطار رعدية    انخفاض معدلات الجريمة بالمملكة.. والثقة في الأمن 99.77 %    رغم ارتفاع الاحتياطي.. الجنيه المصري يتراجع لمستويات غير مسبوقة    إيداع مليار ريال في حسابات مستفيدي "سكني" لشهر ديسمبر    السعودية واليمن.. «الفوز ولا غيره»    إعلان استضافة السعودية «خليجي 27».. غداً    أخضر رفع الأثقال يواصل تألقه في البطولة الآسيوية    القيادة تهنئ رئيس المجلس الرئاسي الليبي    أهلا بالعالم في السعودية (3-2)    العمل الحر.. يعزِّز الاقتصاد الوطني ويحفّز نمو سوق العمل    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    أمير الرياض ونائبه يعزيان في وفاة الحماد    أمير الرياض يستقبل سفير فرنسا    رئيس بلدية خميس مشيط: نقوم بصيانة ومعالجة أي ملاحظات على «جسر النعمان» بشكل فوري    الأمير سعود بن نهار يلتقي مدير تعليم الطائف ويدشن المتطوع الصغير    وافق على الإستراتيجية التحولية لمعهد الإدارة.. مجلس الوزراء: تعديل تنظيم هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية    «الحياة الفطرية» تطلق 66 كائنًا مهددًا بالانقراض    تهديد بالقنابل لتأجيل الامتحانات في الهند    تقنية الواقع الافتراضي تجذب زوار جناح الإمارة في معرض وزارة الداخلية    لغتنا الجميلة وتحديات المستقبل    أترك مسافة كافية بينك وبين البشر    مع الشاعر الأديب د. عبدالله باشراحيل في أعماله الكاملة    تزامناً مع دخول فصل الشتاء.. «عكاظ» ترصد صناعة الخيام    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع اللجنة التنفيذية للجنة الحج المركزية    زوجان من البوسنة يُبشَّران بزيارة الحرمين    إطلاق ChatGPT في تطبيق واتساب    هل هز «سناب شات» عرش شعبية «X» ؟    القهوة والشاي يقللان خطر الإصابة بسرطان الرأس والعنق    القراءة للجنين    5 علامات تشير إلى «ارتباط قلق» لدى طفلك    أخطاء ألمانيا في مواجهة الإرهاب اليميني    الدوري قاهرهم    «عزوة» الحي !    استعراض خطط رفع الجاهزية والخطط التشغيلية لحج 1446    عبد المطلب    "الداخلية" تواصل تعزيز الأمن والثقة بالخدمات الأمنية وخفض معدلات الجريمة    سيكلوجية السماح    الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف.    «الحياة الفطرية» تطلق 66 كائناً فطرياً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بدعوة من جامعة «لوبلين» ومركز الحوار والمركز الثقافي في بولندا
محمد الفيصل يحاضر عن تجربة الباحث السعودي في التنقيب عن الآثار

بدعوة من جامعة لوبلين ومن المركز الثقافي بالمدينة، ومن مركز الحوار والتعارف في مدينة فرواتسوف بجمهورية بولندا ألقى الأستاذ محمد بن عبدالعزيز الفيصل محاضرة بعنوان: (التجربة السعودية في البحث والتنقيب عن الآثار رحلة قصر غيلان التاريخي أنموذجاً)، بقاعة المحاضرات والندوات بفندق جاردن هوتيل بمدينة لوبلين بحضور رئيس المدينة السيد ميخوه ميتشسكي، والدكتور نضال أبوطبق رئيس المركز الثقافي في مدينة لوبلين، وعدد من الأكاديميين والمهتمين من الجامعات البولندية ومن المثقفين والدبلوماسيين العرب والسعوديين في بولندا، حيث استهل مقدم المحاضرة البروفيسور توماس ستيفانيك رئيس قسم الدراسات العربية والإسلامية والمشرف على كرسي الدراسات الإسلامية بجامعة وارتشوف حديثه بالتعريف بالمحاضر وسيرته العلمية والتعريف بالمحاضرة وبيان قيمتها وأبعادها الثقافية حيث أشار البروفيسور توماس إلى أن المحاضرة تهدف إلى نقل صورة حية عن الجهود الفردية للباحث الآثاري السعودي ومكان هذه الجهود من الخارطة الآثارية حيث سيقدم لنا المحاضر الفيصل تفاصيل رحلة ميدانية قام بها بصحبة مجموعة من علماء الآثار السعوديين في موقع قصر غيلان التاريخي الذي باشر البحث فيه لأول مرة فريق علمي عالي المستوى، وكما سيقدم لنا الضيف تفصيلاً مصوراً ومكتوباً من خلال عرض مرئي عمَّا أسفرت عنه هذه الرحلة من نتائج ستعطينا فكرة وافية عن المجهود الفردي الخاص الذي يقوم به الباحث السعودي وأجدها فرصة لتقديم الشكر الجزيل للمحاضر محمد الفيصل على هذا المجهود، ولكل من حضر معنا في هذه القاعة، وأترككم الآن مع ضيفنا في هذه الليلة.
وبعد أن انتهى مقدم المحاضرة من التقديم تحدث الفيصل عن تجربته في البحث والتنقيب عن الآثار مستهلاً محاضرته بالحديث عن البدايات الفعلية للاهتمام بالآثار في المملكة على الصعيدين العملي والعلمي، منوهاً بالاكتشاف الأثري الذي أعلنت عنه الهيئة العامة للسياحة والآثار مؤخراً الذي يؤكد أن أرض المملكة هي أقدم موقع تم اكتشافه لاستئناس الخيل وتربيتها قبل تسعة آلاف سنة، كما سلط الضوء على الجهود الذاتية التي يقوم بها علماء الآثار في المملكة؛ بعد ذلك قدم الفيصل عرضاً مرئياً لموقع قصر غيلان التاريخي وبعض الآثار التي عثر عليها الفريق الذي قام بزيارته والبحث والتنقيب فيه، وتحدث الفيصل عن المرحلة البحثية قائلاً: كانت البداية الحقيقية للاهتمام بالآثار والمحافظة عليها في المملكة العربية السعودية عام 1970م عندما وقعت الحكومة على الوثيقة الدولية التي أبرمتها اليونسكو لحماية الآثار, تلا ذلك بعامين توجيه الملك فيصل -رحمه الله- بتأسيس نظام متكامل للمحافظة على الآثار وحمايتها, وتضمن ذلك النظام تشكيل مجلس أعلى يهتم بشؤون الآثار بالإضافة إلى تأسيس إدارة عامة للآثار والمتاحف تابعة لوزارة المعارف (التربية والتعليم حالياً) وقد تحولت هذه الإدارة إلى وكالة قبل أن تنتقل مهمة الإشراف على الآثار والمتاحف إلى الهيئة العامة للسياحة والآثار التي تأسست عام 2000م برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز.
أما على الصعيد الأكاديمي والعلمي فقد أنشئ أول قسم للآثار في المملكة بجامعة الملك سعود عام 1978م وابتعث أعضاء هيئة التدريس فيه للخارج لإكمال دراستهم العليا, ليعودوا ويسهموا في مشروع اكتشاف الآثار في المملكة, ومع الجهود الكبيرة التي تبذلها الجهات الحكومية, والفردية من قبل الأكاديميين والمختصين في الحفاظ على الآثار وحمايتها من العابثين إلا أن كثرتها وتنوعها يحتاج مجهوداً أكبر وأكثر تركيزاً مما هو عليه الآن, فالمملكة غنية بالآثار الموغلة في القدم, ولعل الاكتشاف الأثري الأخير الذي يؤكد أن أرض المملكة (جزيرة العرب) هي أقدم موقع تم اكتشافه لوجود الخيل في العالم, هو خير دليل على حجم المخزون الأثري الذي تزخر به هذه البلاد, فموقع (المقر) الذي يتوسط أرض المملكة شهد استئناس الإنسان بالخيل وتربيتها قبل تسعة آلاف سنة، كما يبرز هذا الاكتشاف أيضاً النشاطات الحضارية التي مارسها سكان المنطقة في فترة العصر الحجري الحديث, وقد تم عرض شيء من هذه القطع في معرض (روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور) الذي أقيم في أكثر من متحف حول العالم.
ما يميز علماء الآثار في المملكة العربية السعودية رغبتهم الجامحة في البحث والتنقيب عنها, وقد أسفرت جهودهم الذاتية عن اكتشافات أثرية مهمة فسرت لنا الكثير من الظواهر التاريخية والجغرافية في هذه الأرض.
وأضاف الفيصل: سأتحدث في هذه المحاضرة عن تجربة ميدانية قمت بها بصحبة مجموعة من أشهر علماء الآثار في الشرق الأوسط حيث قمنا بالتنقيب والبحث في أحد المواقع الغنية أثرياً؛ وتكمن أهمية هذه الرحلة في أمرين، أولهما: أن أعضاء الفريق المشارك في الرحلة هم أبرز علماء الآثار، وثانيهما: أن هذا الموقع يتم التنقيب والبحث فيه لأول مرة، وقد أسفرت عمليات التنقيب التي استمرت على مدى يوم كامل منذ ساعات الصباح الأولى وحتى غروب الشمس، عن نتائج مبهرة سأعرضها لكم في ثنايا هذه المحاضرة.
قبل أن أدخل في التفاصيل دعوني أبين لكم موقع هذا القصر الأثري من خريطة العالم من خلال هذا العرض المرئي.
قصر (غيلان) التاريخي الذي يقع بالمملكة العربية السعودية وبالتحديد في شمال غرب العاصمة الرياض وفي مركز عودة سدير الذي يبعد عن الرياض مئة وسبعين كيلو متراً باتجاه الشمال الغربي, والذي يعود تاريخه إلى سنة 500 ميلادية أي إلى ما قبل ألف وخمس مئة عام بالتاريخ الهجري.
مازالت أسوار غيلان (الموقع الأثري) واضحة من الناحية الشرقية من قرية العودة، وتقع هذه الأطلال فوق جبل يمتد نحو وادي العودة، والأطلال تشغل الجبل وسفوحه، وهي حجارة متناثرة، أبرزها القصر الذي يبلغ طوله من الشمال إلى الجنوب مئة متر، وعرضه من الشرق إلى الغرب سبعين متراً، وجدران القصر الجنوبية والشرقية لا تزال سليمة؛ حيث يبلغ ارتفاع الجدار خمسة عشر ذراعاً، وسُمك الجدار ما بين الذراعين والثلاثة، والجدران مبنية من الطين والحجارة، ويشتمل القصر على بئر محفورة في الصخر، ويشير البروفيسور عبدالعزيز الفيصل في كتابه عودة سدير إلى أن البئر تشتمل على كنوز صاحب القصر، وتحذر الأساطير من حفر هذه البئر التي تحوي كنوز الشخصية التاريخية (غيلان) صاحب الأسفار التي لا تنتهي بحثاً عن نهاية الأرض التي لم يجدها, وتقول الأسطورة أن أخوال هذا الرجل كانوا من الجن وأن كنوزه أودعها هذا البئر وقد كلف مجموعة من الجن بحمايتها وحفظها, ويذكر سكان البلدة أن آخر من حاول حفر البئر رجل يقال له الحويتمي, الذي باشر حفر البئر وعندما شارف على الانتهاء من الحفر خرج له شيخ كبير فسأله ثلاثة أسئلة, فقال له: هل ابيض الغراب؟ هل عدم الحرمل؟ هل خرجت الشمس من مغربها؟ فقال الحويتمي: لا، فقال له هذا الشيخ: ارجع من حيث أتيت ولا تبحث عن هذا الكنز حتى تحصل هذه الآيات الثلاث, فرجع الحويتمي إلى البلدة وبعد ثلاثة أيام أصيب بمرض الفالج الذي يأكل الأطراف وتوفي على إثر هذا المرض.
وأضاف الفيصل قائلاً: بغض النظر عن هذه الأسطورة أقول: إن للبئر المحفورة في الجبل أهمية آثارية، فهي من ضمن الآثار التي أحاطتها وزارة المعارف - التربية والتعليم حالياً - بسياج قبل أربعين عاماً، وسكان المنطقة ينتظرون حفر هذه البئر لعلها تكشف شيئاً عن تاريخ القصر وصاحبه الذي نسجت حوله الكثير من الحكايات والذي تشير الآثار المحيطة به بعد فرزها من قبل المختصين أنها تعود إلى ما قبل هجرة الرسول - صلى الله عليه وسلم- فالبئر يسقط فيها الخاتم والعملة المتداولة والحذاء وغطاء الرأس وغيرها؛ فهي مهيأة للكشف عن تاريخ جديد للمنطقة, فهذا القصر يعد من أقدم الآثار الموجودة في منطقة نجد وفي إقليم سدير على وجه الخصوص حيث يقترن تاريخه بعددٍ من الأحداث التاريخية التي حدثت في منطقة سدير وكان لها دور كبير وفاعل في رسم طبغرافية المنطقة، حيث إن القرى المحيطة بالقصر تأثرت كبيراً بالأحداث التي دارت فيه ورواها التاريخ, وقد اكتشف العلماء وأعضاء الفريق برفقة محدثكم آثاراً خزفية وحجرية تعود إلى القرن 500 ميلادي, فهذه عبارة عن بقايا إناء خزفي عثر عليها البروفيسور عبدالعزيز الغزي أثناء التنقيب في الموقع وتشير بشكل واضح إلى أن هذا المكان كان يحوي حضارة مزدهرة، فمثل هذه الأواني الخزفية لم تكن موجودة في هذه البلاد فقد كان التجار يجلبونها من الصين ومن بعض البلدان التي تحوي موانئ إستراتيجية كاليمن وعمان، وهذا الأمر يدلنا على صحة بعض فرضيات الروايات الشعبية التي تقول إن صاحب هذا القصر (غيلان) كان صاحب أسفار طويلة وبعيدة, كما أن هذه القطع الأثرية ساعدتنا في تحديد العمر التقريبي لهذا الموقع الأثري, ويشير البروفيسور أحمد الزيلعي إلى أن هذا الموقع كان عبارة عن مستعمرة عاش فيها كثير من الناس داعماً هذه الفرضية بعد دراسته لأسوار هذا الموقع, وأشار الفيصل إلى أن البروفيسور سليمان الذييب أيضاً أكد أقدمية هذا الموقع وأنه يتجاوز الألف عام, وأعود إلى البروفيسور عبدالعزيز الغزي أكثر علماء الآثار تميزاً وخبرة في المملكة من خلال ما قدمه من الدراسات العلمية والمؤلفات و البحوث الميدانية التي تؤكد صدارته في هذا الميدان, فقد قدم لي دراسة عليمة دقيقة عن هذا الموقع حيث قارنه ببقية المواقع الأثرية المشابهة له, وقد نشرتها كاملة بالصور في كتابي (عودة سدير مستودع الأسرار) ويقول في هذه الدراسة: (لاحظت وجود كسر فخارية على سطح الرابيةلتي يحيط بها سور غيلان والتي يوجد بينها فخار يؤرخ بالفترة العباسية المبكرة, ويضاف إلى ذلك نوع من الأساور المصنوعة من العجينة الزجاجية والمطعمة بعجينة ذات ألوان أخرى, ومثلها عُثر عليه في مستوطنات إسلامية مبكرة مثل مستوطنة المابيات في العلا, والخضرمة في الخرج, والرغيب في الدلم والربذة في المدينة المنورة).
ويؤكد البروفيسور الغزي أن تاريخ بداية الأسوار في المملكة يعود إلى الألف الثالث قبل ميلاد المسيح عليه السلام.
هذه النتائج التي توصلنا إليها بعد زيارة الموقع ودراسته كانت ثمرة جهد مضن ومتواصل بداية بالتنسيق مع هذا الفريق العلمي وانتهاء بمتابعتي لنتائج هذه الرحلة التي أصدرت ولله الحمد في كتاب.
وفي نهاية هذه المحاضرة التي صورت لكم عن قرب تجربة ميدانية (حية) في البحث والتنقيب لأشهر علماء الآثار السعوديين لا يسعني إلا أن أقدم الشكر الجزيل لكم على هذه الاستضافة, وآمل أن أكون قد قدمت لكم ما فيه الفائدة والنفع, وتقبلوا خالص التحية والتقدير).
وبعد انتهاء المحاضرة قدم البروفيسور توماس ستيفانيك شكره وتقديره للفيصل على هذه المحاضرة مشيراً إلى أنه قدم لنا صورة مشرقة ورائعة عن الجهود التي يقوم بها الباحث الأثري السعودي.
المداخلات
وبعد ذلك فتح مدير المحاضرة البروفيسور ستيفانيك المجال للمداخلات والأسئلة، وكان أول سؤال من الدكتور كاش جيماك الذي استفسر عن مدى احتواء جزيرة العرب قبل آلاف السنين أي نوع من أنواع الحضارة بسبب طبيعتها الصحراوية التي تُنَفِّر البشر من العيش فيها، وكانت إجابة الفيصل إلى أن جزيرة العرب كانت تحوي حضارة سابقة ولا أدل على ذلك من وجود عدد من المدن والقرى الممالك في منطقة نجد في العصر الجاهلي وما قبله كمملكة كندة ومدينة اليمامة وغيرهما، مشيراً إلى أن جزيرة العرب لم تكن قاحلة في سابق عهدها فكما يؤكد علماء الجيلوجيا أن قارتي آسيا وإفريقيا كانتا متصلتين وبالتالي فإن هذا الجزء الذي يسمى الآن شبه جزيرة العرب لم تكن قاحلة وهذا مصداقاً لحديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- :(ستعود جزيرة العرب كما كانت مروجاً وأنهارا)، كما أن الاكتشاف الأخير الذي أعلنت عنه الهيئة العامة للسياحة والآثار مؤخراً في موقع المقر بوسط المملكة العربية السعودية يؤكد بأن هذا الموقع من العالم هو أول موقع استوطنت فيه الخيل قبل تسعة آلاف سنة، حيث شهد استئناس الإنسان بالخيل وتربيتها, كما يبرز هذا الاكتشاف أيضاً النشاطات الحضارية التي مارسها سكان المنطقة في فترة العصر الحجري الحديث.
كما طرح الدكتور اندرية ماريك تساؤلاً؛ عمَّا إذا كانت هذه الآثار الموجودة في قصر غيلان التاريخي كافية لتحديد العمر الزمني لهذا المكان، وعن مدى إمكانية الاستفادة منها مستقبلاً، وأجاب الفيصل بأن الآثار التي تم العثور عليها في هذا الموقع وفق ما رأيت وما اتفق عليه العلماء والباحثون الذين زاروا الموقع وأكدوا بأنها كافية لتحديد العمر الزمني للقصر.
وانتقلت المداخلة التالية إلى الأستاذ قاسم يوسف، الذي قدم شكره وتقديره للضيف واستفسر عن سبب عدم فتح الآثار في غرب المملكة كمدائن صالح وغيرها للسواح وتسويقها سياحياً لتكون مصدر دخل للمملكة، فأجاب الفيصل بقوله: هذا سؤال يخص الهيئة العامة للسياحة والآثار في المملكة ويمكنك أن توجه إليهم هذا السؤال وبالتأكيد أنهم سيتجاوبون معك وجهودهم في خدمة الآثار مشكورة، أما بالنسبة إلي فأنا باحث أكاديمي مستقل ولا أمثل أي جهة حكومية ومحاضرتي عن التجربة والجهود الآثارية الفردية للعلماء والباحثين السعوديين.
أما مداخلة الدكتور حكيم مقدسي فكانت عن العمل الميداني الذي يقوم به الباحثون في مجال الآثار مستفسراً عن مدى التنسيق الذي يقوم به هؤلاء فيما بينهم وهل هناك جمعية علمية مستقلة تهتم بهذا الجانب؟ فأجاب الفيصل بقوله: (ما يقوم به الباحثون في مجال الآثار والتنقيب عنها هو هواية أكثر من كونه تخصص، فبحاث الآثار الحقيقي هو من تقوده قريحته إلى هذا الموقع أو ذاك ليجد فيه ضالته التي يبحث عنها فحتى في رحلاته الترويحية يكون قلبه متعلقاً بها، فقد يكون مسافراً إلى مكان ما فيلفت نظره مكان معين وعندما يقف عليه يجد بأنه فعلاً وجد كنزاً أثرياً، أما ما يخص الجمعية فالذي أعرفه أن هناك جمعية علمية للتاريخ والآثار يشرف عليها الأستاذ الدكتور عبدالعزيز الغزي وهي جمعية منتجة و فاعلة ونشيطة جداً في هذا المجال.
أما الأستاذ فيصل السعدون فقد طرح تساؤلاً عن الأولوية التي تكون لدى الباحث الأثري عندما يشرع في البحث والتنقيب عن المواقع؟ ولماذا خصيت موقع قصر غيلان التاريخي بهذه الدراسة الميدانية مع أن هناك مواقع أكثر أهمية منه؟
فأجاب الفيصل بقوله: كل واحد من الباحثين لديه ميول ومهارات خاصة فبعض علماء الآثار يقتصر عملهم على البحث العلمي المكتبي وقد يبدعون فيه والبعض الآخر قد يركز على العمل الميداني وهما في الواقع جزئين لا يمكن الفصل بينهما بشكل كامل ولعل الجمع بينهما هو الأشمل والأفضل، أما فيما يخص اختيار المواقع للبحث والتنقيب فيها فمن الأولويات التي تؤهل هذا الموقع عن غيره للبحث والتنقيب هو قيمته التاريخية وارتباطه الوثيق بالأحداث الزمنية القديمة لأنه قد يفسر ويغير مسارها، والأمر الأهم من ذلك هو النتيجة التي تظهر بعد البحث والتنقيب في الموقع فإذا كان عمر الموقع يتجاوز الألف عام كما ويحوي قطعاً أثرية موغلة في القدم وتدل على وجود حضارة فيه فبذلك يكون هذا الموقع جديراً بالبحث والاهتمام وكل هذه الأمور التي ذكرت تتوافر في موقع قصر غيلان التاريخي، وكما أنني أيضاً أهدف من هذه المحاضرة إلى إلقاء الضوء على التجربة الميدانية الفردية للعالم والباحث الأثري السعودي بعيداً عن المؤسسات والجهات الحكومية التي تقوم بجهد مشكور في هذا المجال ولسنا بصدد الحديث عنها في هذه المحاضرة لأنني كما سبق أن أشرت إلى أنها تتناول الجهد الذاتي للباحث الأثري السعودي.
بعد نهاية المحاضرة أقام رئيس المدينة السيد ميخوه ميتشسكي حفل عشاء للحضور وقدم الشكر والتقدير للباحث الفيصل على هذا المجهود.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.