جمعتني جلسة قبل فترة مع بعض الباحثين الجادين من الشباب الذين يتوقدون حماسة في البحث والتنقيب والتوثيق لتاريخ هذه البلاد منذ قيام الدولة السعودية الأولى وحتى عصرنا الحاضر فهذا أحدهم تخصص في تاريخ العلماء موثقاً كتاباته بالوثائق والمقابلات الشفوية وآخر في الأنساب وثالث في المواقع الأثرية من خلال توثيقه لمدينته التي كان لها فيما مضى شأن كبير ومن خلال المناقشة لمست تشوق الجميع إلى التعارف والتآلف والاستفادة من بعض في تبادل المعلومة الجديدة والوثيقة النادرة متابعين في هذا الشأن المجلات التاريخية والمقالات الهامة. بل أن لدى بعضهم أبحاثاً وكتباً استكملت لديهم ولكن لم تصل بهم القناعة إلى نشرها، وعندئذ قمت بدعوتهم لزيارتي لمواصلة التعارف ووسعت الدائرة بدعوة أحد الرجال المهتمين بالآثار والبحث العلمي في وطننا الغالي هو الدكتور عبدالعزيز الغزي الذي يغمرك بتواضعه وسعة صدره للنقاش للوصول الى الحقيقة موجهاً بأسلوب علمي راق وحنو أبوي جميل وكذلك الأستاذ عبدالرحمن عمر الحسين مدير عام مركز البابطين الحضاري للتراث والثقافة الذي يتقد حماسة وبذلاً لوقته وجهده في سبيل الارتقاء بما هو مؤتمن عليه مما أفقدنا مشروع باحث لو استغل بعض وقته لأخرج لنا كنوزاً تاريخية وآثارية حبيسة أضابيره، وضم اللقاء كذلك الدكتور عبدالعزيز بن لعبون العالم الجيولوجي المعروف والباحث في علم الآثار. فدار نقاش علمي متشعب في تاريخ المنطقة الوسطى بالذات ثم تطرق الجميع الى المعوقات والصعوبات التي تواجههم خاصة أن بعضهم في بداية الطريق بدءاً من فسح الكتب إلى التمويل المالي لطباعة هذا الانتاج العلمي الذي لو أتيح له الظهور لساهم في إثراء مشهدنا الأثري والتاريخي، وهنا أشكر للأخوين الفاضلين الدكتور عبدالعزيز الغزي والأستاذ عبدالرحمن الحسين على طرح فكرة انضمام هؤلاء الى الجمعية التاريخية السعودية وذلك من خلال ما طرحاه في جريدة (الرياض) في يوم 26/8/1426ه ويوم 4/9/1426ه وهذا بكل تأكيد ما كنت أصبو إليه من هذا اللقاء لتكون هذه الجمعية بعد انضمام هؤلاء الشباب إليها وسيلة تربط بينهم وبين أساتذة التاريخ بهدف التعارف وتبادل المعلومات وذلك من خلال النقاشات العلمية وورش العمل التي تساعد هؤلاء المؤلفين الجدد المضي قدماً في هذا المجال لأنني متفائل بهؤلاء الذين سيكون لهم شأن في يوم ما. وأخلص في النهاية إلى التأكيد على ما ذكره الدكتور عبدالعزيز الغزي في نهاية مقاله بانضمام هؤلاء إلى الجمعية التاريخية مؤكداِ أنه سيتحقق من ذلك ما يلي: 1- التعارف فيما بين الباحثين علي شيء مشار بهم. 2- سيعطي بالتأكيد هذا الاجتماع العام جرعات علمية جيدة. 3- سيفيد في تبادل الوثائق والمعلومات عن كل مدينة ومنطقة وأخرى. 4- إن احتكاك الباحثين والتقاءهم مع بعض سيعطي الكثير منهم الجرأة في النقاشات العلمية الهادفة وتقبل الآراء المخالفة عندما يقوم باحث آخر بتقديم إنتاجهم على مشرحة النقد. فينبني جيل من الشباب المتفهم لأسلوب الحوار الهادف الذي لا يفسد للود قضية وإنني إذ أقترح على الجمعية التاريخية السعودية افتتاح فروع لها في منطقة الرياض ومناطق المملكة لاتطلع إلى تعيين باحث لديه الاستعداد بالقيام بالتعريف بها وزيادة أعضائها ولو على طريقة بعض المصارف العضوية المجانية في السنة الأولى وكاتب هذه الأسطر لديه الاستعداد لاستضافة أي شخص من الجمعية لأكون حلقة وصل بينه وبين هؤلاء الباحثين. وأختم بأنه لابد لكل باحث الاستفادة والتواصل مع المراكز العلمية التي فتحت أبوابها للجميع وقد سخرت كل امكاناتها لخدمة الباحثين ومن تلك المراكز دارة الملك عبدالعزيز التي خطت خطوات جبارة في هذا المجال وكذلك مكتبة الملك عبدالعزيز العامة ومكتبة الملك فهد الوطنية وكلها زاخرة بكنوز علمية جيدة... والله الموفق