تقول العرب: «الفضيلة وسط بين رذيلتين».. وكذلك الشخصية السوية فهي وسط بين صفتين التطرف في أي منهما يعتبر رذيلة.. فالشخصية المرتابة الشكاكة تقابلها الشخصية الساذجة السطحية.. وإذا كان الشكاك يعيش في هم مقيم فإن الساذج يعيش في هناء متوهم.. كأخي الجهالة في الشقاوة ينعم. * تقول العرب أيضاً: «الشك من الحزم».. وهذا ليس تبجيلاً في الشك بل ذم في السذاجة.. فالشك يجب أن يكون حاضراً في حياتنا ولكن بنسبة لا تفسدها.. فكثرة الملح مضر للطعام كقلته.. والتطرف إلى أي من الجهتين يعتبر اضطراباً في الشخصية يحتاج إلى علاج. * مدركات العقل من معارف أو تجارب تؤثر كثيراً وعميقاً في الشخصية وإن كان المؤثر الأول هو كيمياء الجسد.. فالشخصية تنبع من الداخل وإن تأثرت بالمؤثرات الخارجية.. من هنا فالشكاك يُوْلدُ شكاكاً أو أنه أصيب بصدمة حولته عقلياً وعاطفياً إلى شكاك دون إرادة منه. * الشكاك يقظ حذر.. لهذا يغلب عليه سوء الظن.. ويفسر الأقوال والأفعال والمصادفات تفسيراً فيه سوء ظن.. لذلك فهو لا يثق في الناس ويتوقع منهم الأسوأ.. أيضاً هو دائماً في وضع هجومي.. ولا يغفر أي غلطة أو زلة لأنه يعتبرها فعلاً مقصوداً.. فيرتفع صوته وينتشر خلافه.. وقد يضمر حقداً في نفسه ولا يسامح. * الشكاك عقلاني أكثر من مقابله الساذج العاطفي الذي يرى الناس والحياة باتجاهها الأفقي.. لا ارتفاع ولا عمق إنما اتجاه سطحي.. لذلك ينعم الساذج بصفات الفضيلة فهو ينسى ويعفو ويسامح ويتنازل دون إدراك لأبعاد هذه الصفات الكريمة.. بعكس الشكاك الذي يتسقط الهنات والأغلاط.. ويجمع الإدانات ويحتفظ بها مدة طويلة ويكرر الاستشهاد بها والاستناد عليها.. والإضافة إليها إن اشتهى. * الشكاك المتطرف في شكه لا يمزح ولا يتفاكه ولا يبتسم ولا يجامل.. وهو يصغي لا ليفهم بل ليؤوّل ويفسر ويلوي عنق الحقيقة إن لزم.. لذلك هو في منافسة دائمة مع كل شيء في أي شيء والعالم من حوله سلسلة من المؤامرات.. وهذه نمّت لديه مهارات المراقبة والربط بين الأقوال والأحداث وجعلته ينساق بتطرف أحياناً في قراءة ما بين السطور وتفسير كل كلمة على أنها إشارة مقصودة. * الشك: حيرة، تردد، جهل، رفض، إنكار، التباس، وسط بين يقينين، تحرر من يقين. * الشك عذاب.. الشكاك مُعَذَّب. * قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} (12) سورة الحجرات